مساهمة في تكريم الأديب الناقد د. حبيب بولس



بقلم: نبيل عودة



التكريم المهيب (في الثالث من شباط 2012) في كفرياسيف للدكتور حبيب بولس، الناقد الأدبي البارز في الثقافة العربية في اسرائيل،والمحاضر الجامعي ،وصاحب العديد من الإصدارات الثقافية والفكرية والنقدية ، من أبرزها انطولوجيا " القصة العربية الفلسطينية المحلية القصيرة ، وذلك بحضور حشد كبير من المثقفين والباحثين ورجال الأكاديميا، يعتبر حدثا ثقافيا نوعيا لنشاط متواصل ومسؤول لأحد الأدباء الأكثر نشاطا وتأثيرا في الثقافة العربية الفلسطينية في اسرائيل.
أصدر حبيب بولس كتبا نقدية تناولت مجمل النشاط الابداعي للأدباء العرب في اسرائيل،الى جانب مراجعات ونقد للنشاط المسرحي، عدا كتب تعليمية مختلفة، ونشر كتابان عن قضايا اجتماعية وسياسية ملحة.
ظاهرة تكريم الأدباء، ايضا باصدار اعداد خاصة عن نشاطهم الابداعي ، كما تقوم بذلك مجلة "الشرق" لصاحبها الدكتور محمود عباسي، يعتبر معيارا لأهمية نشاط الأدباء المحليين. واهمية نشر الوعي الثقافي والتعريف بنشاط الشخصيات الأدبية، ولهذا تستحق المجلة وصاحبها وطاقم العاملين فيها الشكر.
تابعت باهتمام نشاط حبيب بولس منذ كتاباته الأولى التي لفتت انتباه حركتنا الثقافية ، ثم في اصداراته اللاحقة، واشير بشكل خاص الى عمله الكبير "انطولوجيا القصة العربية الفلسطينية في إسرائيل" وارى بنشاط الدكتور الناقد حبيب بولس الابداعي قيمة ثقافية هامة، خاصة بما يتعلق بالثقافة المحلية ( الأدب العربي الفلسطيني في اسرائيل) الذي كرس له معظم جهده النقدي، أكثر من أي ناقد آخر، والأهم ما ميز نقده من وضوح واستقامة في الطرح ، ويمكن القول ان حبيب بولس باسلوبه ومضامين نقده، بنى تيارا نقديا خاصا. واليوم لا يمكن كتابة تقييم أدبي عن الأدب العربي الفلسطيني في اسرائيل ،دون الاعتماد على مراجعات الدكتور حبيب بولس.
الى جانب نشاطه النقدي المميز، قدم الدكتور بولس برنامجا أدبيا تلفزيونيا (بين الكلمات)، من الممكن اعتباره مسحا ثقافيا لأدبنا المحلي، استضاف فيه كل الأسماء الأدبية الناشطة، وليت القناة التلفزيونية تحول حلقات برنامج حبيب بولس الى اشاريط تنشرها على اليوتيوب، لما فيها من أهمية ثقافية للأدباء والباحثين ومؤرخي الثقافة بما تضمنته من مواقف الأدباء ونشاطهم ومواقف الدكتور حبيب بولس من مختلف المواضيع التي طرحها على ضيوفه في برنامجه.
تابعت مقالات واصدارات حبيب بولس،واستعنت بآرائه ومشورته، وتبادلت معه الكثير من الأراء النقدية والثقافية التي أثرت على بالكثير من مواقفي ، وأعطتني الطاقة لأستمر في حمل سلم النقد بالعرض ، وانا لا أعتبر نفسي ناقدا الا بالصدفة، ولا اكتب نقدي من منطلقات فكرية نقدية، انما كتابات انطباعية ذوقية، عبر تجربتي الكتابية الطويلة، وعبر تجنيد مفاهيمي الفلسفية لدور الثقافة والإبداع في حياة الناس والمجتمع.، وكنوع من رد الفعل على مرحلة من نقدنا المحلي جرى تجاهل ابداعات الأدباء الشباب وكنت منهم ، وكانت اول مراجعة نقدية ، وربما الوحيدة التي أحظى بها في ادبنا المحلي، مراجعة حبيب بولس لمجموعتي القصصية الأولى "نهاية الزمن العاقر".
كتبت عدة مراجعات ثقافية عن اصدارات الدكتور حبيب بولس، وبمناسبة تكريمه ، أجد نفسي اعود لكتاباتي السابقة عنه، ولبعض كتبه الأخيرة، المتوفرة في مكتبتي، لأقول بصوت جهوري ان كتابات حبيب بولس تتميز بسلاسة التعبير والابتعاد عن الاصطلاحات الفخمة والتي لا جدوى من الصاقها بالنص، ويبرز حبيب بولس في نصوصه بحسه الثقافي ، القريب من الابداع القصصي ، وهذا برز بقوة في كتابه "قرويات" (نوسطالجيا- حنين). رايت بهذا الكتاب تجلي حبيب بولس الأديب صاحب الحس الانساني ، والمثقف الموضوعي المرتبط بقضايا شعبه، حيث يروي حكاية وطن صغير اسمه كفرياسيف ، عبر التاريخ ، مسجلا بذلك اول عمل ثقافي من نوعه، يجمع بين التسجيل والرواية، بل ويمكن القول ان قرويات هي رواية تتجاوز باسلوبها المذكرات الشخصية والكتابة التسجيلية الى اسلوب الأدب الروائي. سألت قريب لي كان يروي احداث التاريخ ، وتفاصيل من مذكراته بطريقة تأسر المستمع، ويأسرني أنا بشكل خاص ،واتمنى ان أصيغ قصصي بمثل عذوبة وفن حديثه، مستغربا قدرته على حفظ التفاصيل الدقيقة وروايتها بكل ما كان يحيطها من تأثيرات. قال : الحدث تجده في كتب التاريخ، جافا وبلا جاذبية ، بل تسقط اهميته التي اكتسبها وقت وقوع الحدث نفسه. وأضاف :" ان من يروون الحدث كما هو، لا قيمة للإستماع لهم!!" وبعد لحظة تفكير أضاف:" الحدث هو حياة تنبض بروح انسانية، بمشاعر ، بقلب ينبض، بدماء تجري ،على الراوي أن يعرف التقاطها ودمجها برواياته. او ليصمت !"
وحبيب عرف هذا الفن. وتكريما لهذا المبدع ، اعيد نشر انطباعاتي عن كتابه "قرويات" الذي أعتبرته وما زلت من أجمل وأبرز كتابات حبيب بولس ، واملي ان يتحفنا بجزء جديد من "قروياته" او نصراوياته ، على اساس انه أصبح من سكان الناصرة منذ زمن طويل!!

عن منتديات الوحدة