منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 21

العرض المتطور

  1. #1
    فائز البرازي
    قدمت في مقالك مكانة المرآة عبر العصور وعبر التاريخ

    وأرى ان الرجل ...لم يتميز عن المرآة بسبب الفكر الديني الانساني او الافكار الذكورية التي توارثها الاجيال
    لان النصوص الدينية توضح ان الرجل يفضل على المراة في قضايا كثيرة
    في الحكم ..في الوصية ..في الحرب ..امور كثيرة

    سنتابع معك النقاش ..واشكرك على فكرك النير

    ظميان غدير

  2. #2

    المرأة عبر التاريخ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظميان غدير مشاهدة المشاركة
    فائز البرازي
    قدمت في مقالك مكانة المرآة عبر العصور وعبر التاريخ

    وأرى ان الرجل ...لم يتميز عن المرآة بسبب الفكر الديني الانساني او الافكار الذكورية التي توارثها الاجيال
    لان النصوص الدينية توضح ان الرجل يفضل على المراة في قضايا كثيرة
    في الحكم ..في الوصية ..في الحرب ..امور كثيرة

    سنتابع معك النقاش ..واشكرك على فكرك النير

    ظميان غدير
    =================

    الأخ العزيز استاذ ظميان

    أشكرك لتفاعلك مع النص ..
    ومع الإحترام .. أخالفك في رأيك الذي توصلت إليه من طرحي ..

    الرجل .. بدأ بما نسميه ( الهيمنة الذكورية ) .. " حسب ما ورد في البحث " ..

    الرجل .. ( جير وزور وغض الطرف ) عن النصوص الإلهية .. وخلق ( فكرآ دينيآ جديدآ ) إستمد من خلاله " شرعيته ممهورة بالمقدس " للسيطرة ، وفنزال المرأة مرتبة أدنى منه ..
    ومع الإحترام .. ولعله قصورآ مني .. لم اجد في ( نصوص الوحي / القرآن ) أي تفضيل وتمييز للرجل على المرأة ..
    القرآن / الوحي .. ساوى تمامآ بينهما .ز ثم رسم " مهمات تكاملية " لكل منهما ..
    الأساس كان .. ( التساوي ) بين الرجل والإمرأة ..
    لم أجد مايغلب الرجل على المرأة ، أو المرأة على الرجل .. إلا من خلال ( نصوص إنسانية موضوعة ، تنسب : للمقدس من جهة .. و " لحقوق المرأة المتميزة " من جهة أخرى معاكسة ..

    هل لك بعد إذنك .. أن تذكرني بنصوص الوحي / القرآن .. التي " يفضل بها الرجل على المرأة " ؟؟

    مودتي وإحترامي .

  3. #3
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فائز البرازي مشاهدة المشاركة
    =================

    الأخ العزيز استاذ ظميان

    أشكرك لتفاعلك مع النص ..
    ومع الإحترام .. أخالفك في رأيك الذي توصلت إليه من طرحي ..

    الرجل .. بدأ بما نسميه ( الهيمنة الذكورية ) .. " حسب ما ورد في البحث " ..

    الرجل .. ( جير وزور وغض الطرف ) عن النصوص الإلهية .. وخلق ( فكرآ دينيآ جديدآ ) إستمد من خلاله " شرعيته ممهورة بالمقدس " للسيطرة ، وفنزال المرأة مرتبة أدنى منه ..
    ومع الإحترام .. ولعله قصورآ مني .. لم اجد في ( نصوص الوحي / القرآن ) أي تفضيل وتمييز للرجل على المرأة ..
    القرآن / الوحي .. ساوى تمامآ بينهما .ز ثم رسم " مهمات تكاملية " لكل منهما ..
    الأساس كان .. ( التساوي ) بين الرجل والإمرأة ..
    لم أجد مايغلب الرجل على المرأة ، أو المرأة على الرجل .. إلا من خلال ( نصوص إنسانية موضوعة ، تنسب : للمقدس من جهة .. و " لحقوق المرأة المتميزة " من جهة أخرى معاكسة ..

    هل لك بعد إذنك .. أن تذكرني بنصوص الوحي / القرآن .. التي " يفضل بها الرجل على المرأة " ؟؟

    مودتي وإحترامي .
    أهلا بك أخي فائز البرازي

    اشكرك على مرورك مرة أخرى وإضافتك للحوار
    بالنسبة للنصوص القرآنية التي بها تفضيل ..

    ستجد أولها هي في رابط الاخت راما في ردها أعلاه حيث هناك آية الميراث..التي تقول ان للذكر مثل حظ الانثيين

    وستجد ايضا في المقال رأيا يصحح بعض المفاهيم الذكورية الخاطئة ....
    اما بالنسبة للنصوص القرآنية
    التي ....فيها تفضيل صريح ...

    في قوله: " الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض)

    وهنالك ايضا ...آيات ..في شهادة المرآة ..
    حيث ان شهادة المرآة تكون بأمراتين ...
    وسآتي بالاية عما قريب بأذن الله .
    تحيتي

    ظميان غدير

  4. #4

    المرأة عبر التاريخ

    الأخت الفاضلة راما
    الأخ الفاضل ظميان
    اشكركما على هذا الأسلوب الراقي في الحوار ..

    مع الإحترام .. كنت أتوقع الردود .. فهي طالما أعيدت وتكررت من كل من تطرق لهذا الموضوع ..
    والرد عليها وتوضيحها .. كنت قد تناولته منذ زمن .. أعيد إنزاله بحلقاته .. ثم نعود أيضآ لنتناقش ..
    والآيات التي سأختم بها الحلقات .. بعد حوارنا .. ستكون واضحة .. لا تقبل التأويل ..

    مودتي وإحترامي .
    ===============

    من معوقات تجديد الفكر الديني
    ---------------------------
    1- إستمرار سيادة المجتمع الذكوري عقلآ وأنماط تفكير :
    ----------------------------------------------------

    لقد أتت الأديان فيما أتت من أجله ، بهدف إحداث تغيير جذري فوري أو تدريجي في المجتمعات الإنسانية . ومن أسف : فإن الفكر الديني الإنساني هو الذي هيمن على الأديان ، وألغى معظم مهماتها الرئيسية وأهدافها .
    فبدل من أن تحدث الأديان تغييرآ في أنماط التفكير المجتمعية ، فإن أنماط التفكير الإنسانية البالية ، هي التي سرقت الدين وطمست أهدافه السامية .
    فمثلآ : أتت الأديان فيما أتت ، لتغيير نمط التفكير الذكوري بنظرته ومعاملته لنصف المجتمع ( المرأة ) الأم ، والأخت ، والزوجة .. حيث كان ولايزال نمط التفكير المجتمعي الذكوري سائدآ ومهيمنآ على المرأة في المجتمعات . حتى أصبحت المرأة عند البعض ، " قطعة لحم " هذا يريد تغطيتها ، وهذا يريد كشفها وعرضها .
    وقد إتخذ من الدين " وسيلة " لتعزيز نمط التفكير الإستبدادي الذكوري . فنجد مثلآ ، لا حصرآ : في الفكر الديني اليهودي ، دعاءآ يدعوه الذكر اليهودي إبتهالآ وشكرآ للإله ، فيدعو مساءآ قبل أن ينام : ( الحمد لك يارب لأنك لم تخلقني إمرأة ) . ونجد في الفكر الديني المسيحي تحريمآ صارمآ على المرأة ، فيدعو : ( على المرأة أن تسكت في حضرة الرجل وفي الكنيسة ) .
    وفي الفكر الديني الإسلامي ، تشويهآ لمعاني ومقاصد الدين . فعلى سبيل المثال أيضآ ، لا الحصر ، في :
    الميراث : - الذي أتى بالوحي ، وإستفاضت به السنة ، ثم أكمله ونظمه وإستنبط وظائفه وتفرعاته / الخوارزمي / في كتابه " الجبر والمقابلة " ، حيث أصبح مرجعآ في توزيع الميراث ، مع إختلاف بعض الأحكام بين المغرب والمشرق العربي ، منبعه رأي الأئمة الأربعة . فقد هيمن الفكر الديني الإسلامي الذكوري ، على ( الهدف الشامل ) للميراث ، ولخصه وحجمه بأن ( للذكر مثل حظ الانثيين ) بعد ان إقتلع الاية ولم يضعها في سياق الشرع الإسلامي
    ( الشامل والمتكامل ) .
    فأولآ : هذه الآية تشمل " أربعة حالات فقط " ، بينما هناك أكثر من أربعين حالة ميراثية يتساوى فيها نصيب المرأة والرجل ، وأحيانآ يزيد نصيب المرأة عن نصيب الرجل .
    وثانيآ : ان هذه الآية في الميراث ، ليست معزولة عن إحاطة الوحي بمجمل الحياة الإجتماعية . حيث ألزم بعدها أقارب المرأة .. الزوج ، الأب ، الأخ ، العم .. الخ بتحمل الأعباء المادية لهذه المرأة ضمن ( التكافل الإجتماعي ) وهو ما أبعده الفكر الديني الذكوري عن دائرة التوضيح ، والأخذ به ، إلا إذا ... قامت المرأة بكسر حواجز الإلفة وصلة الرحم والمحبة والإحترام ، وتوجهت للمحاكم لتطالب بحقها في أقاربها .. وهو ما تعافه نفس المرأة وضميرها ورغبتها في المحافظة على صلة الرحم . حتى وإن أقدمت على ذلك بسبب الحاجة والفقر والإنسحاق ، فإنه في معظم الأحيان ، مايتمكن الذكور المهيمنون ، في التأثير على المحكمة وقراراتها بالخداع والمسكنة ، أو التهرب السهل من تنفيذ الأحكام ..
    فهل يمكن ان نفهم ونطبق هذه الحالات " الأربع " ضمن سياقها الوظيفي والعدلي الذي أراده الله لعباده في مجتمعاتهم الإنسانية ؟ .
    أمر آخر ، في الفكر الديني الذكوري السارق للمصحف .. وهو :
    الدية : - والدية للمرأة نصف دية الرجل . لامن كونها " إمرأة " ، وهو " رجل " .. بل من باب ( الوظيفة ) .. فالرجل العامل والمنتج وسبب الصرف على الأسرة ، في موته ، تتحقق خسارة جسيمة من الناحية المادية ، غير إن كان فيها موت المرأة . لكن ... إذا كانت المرأة لظروف خاصة ، هي التي تقوم ( بوظيفة ) الرجل .. في الصرف والعمل والإنتاج وإعالة عائلتها بما فيها الرجل ، فإن الدية – كما أكاد أعتقد - في موت هذه المرأة – بسبب الوظيفة – هي دية يجب أن تكون كاملة . وقد ألغاها المجتمع الذكوري .
    والشهادة : - فقد جرى نشر الفكر الديني الإسلامي ، على توسيع " حالة واحدة " بالنسبة لشهادة المرأة .. وهي أن شهادة إمرأتين ، تعادل شهادة رجل واحد . وأيضآ سرقوها من وضعها الطبيعي الذي أتت به " كحالة " من حالات أخرى ..
    فالآية أتت في موضع " المعاملات " التجارية والكتابة ، وهو ماكان سائدآ حينها ببعد المرأة عن هذا المجال ، ولا يزال في معظم واقعنا الإجتماعي . وكان ان ( عمم ) الفكر الديني الذكوري هذه الحالة في الوعي الشعبي ، وطمس الحالات الأخرى ، في غير المعاملات التجارية ، وجرائم القتل . ففي حالات أخرى ، يكون للمرأة في الشرع شهادة كاملة توازي شهادة الرجل ، وفي حالات أخرى ، تقبل شهادة المرأة كاملة ، وترفض شهادة الرجل إن تخالفت مع شهادتها .
    وفي موضوع : ( القوامة ) : - وهو الموضوع الأثير لدى الفكر الديني الذكوري .. فيستندون إلى : [ الرجال قوامون على النساء ] ويسكتوا .. فلا يتموا الآية .. [ بما فضل الله بعضهم عن بعض ] . والتفضيل هنا ، قد يكون : بالإنتاج والصرف ، أو بالعقل ، أو بالعافية .. الخ . وحيث أنه في أكثر الأحيان .. يكون الرجل هو المنفق ، والملم أكثر بصورة داخل الأسرة وخارجها عقليآ ومعرفة ، فإن " القوامة " هنا للرجل بما ( فضله الله ) . وحتى في الشرعة الإنسانية العامة ، وفي هيئة ألمم المتحدة ما يقول : ( ان من ينفق ، يحكم ) . أي : ليست قوامة متعلقة بالجنس.
    والآن .. ماذا عن الحالات الأخرى .. أن تكون المرأة لظرف خاص ، أو لتطور الحياة ، وتشارك الرجل والمرأة في الإنتاج والنفقة .. هل ننسخ فعل وإنتاج وصرف المرأة وإنفاقها ، ولا نعتبره ( فضلآ ) من الله ؟ .
    وثانيآ : كان المسكوت عنه في الفكر الديني الذكوري ، هو ( معنى القوامة ) ، مبعدين ( الوظيفة ) .. فللرجل وللمرأة وظيفة خاصة ، ووظيفة عامة . وهاتان الوظيفتان ( متكاملتان ) في المهمة الإجتماعية والأسرية .
    وآخر الأمثلة – بسبب المساحة - ، هو الحديث الذي ( روي ) عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وأقول ( روي ) : بأخذ " المتن " ، وعدم التعرض للعنعنة والإسناد . وهذا سيرد التطرق إليه في ( بند الحديث ) كأحد معوقات تجديد الفكر الديني الإسلامي .
    ( روي ) عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، أنه قال ، وهو مار في جمع من النساء يتضاحكن : ( النساء ناقصات عقل ودين ) . وعندما إعترضت بعض النسوة على ذلك ، قال : ( ألم يجعل الله شهادة إمرأتين بشهادة رجل ؟ وهذا نقص في العقل . وألم يرفع الله عن النساء بعض تكاليف الدين من صلاة وصيام في حيض المرأة وطمثها وولادتها وإرضاعها ؟ وهذا النقص في الدين ) .
    فلنقف عند " المتن " مفكرين وعاقلين فيه : فنرى أن ( متن الحديث ) ومبرراته ، يتعارض مع : القرآن ، والعقل .
    عن القرآن : لم يرد في " الوحي " ما أشار إلى إختلاف عقل الرجل عن عقل المرأة . حتى في الشهادة ووظائفها التي تكلمت عنها سابقآ . وكان التكليف والحساب ، واحد للرجل والمرأة . آيات كثيرة بدءآ من عصيان /آدم / لتعليمات ربه ، وليست ( التفاحة ) الرواية التي يحملون بها المرأة " إغواء " آدم ، كسبب خروجه من الجنة ، إضافة إلى الكثير من الآيات ، فيذكران معآ – الرجل والمرأة – في التكليف والحساب .
    وإن أعطى الله ( رخصة ) للمرأة وعذرها بتلك الرخصة ، عن بعض الواجب العقيدي بسبب ظرف خاص بالمرأة ، فإن الرخصة الإلهية لاتشكل " نقصآ " بدين المرأة ، بل تكريمآ لها ، وتقديرآ من الله لما خلقه وأعطاه وظائفه .
    ومن إعمال " العقل " في ( المتن ) ، أقول : حاشى لرسول الله أن يكون متن حديثه متناقضآ مع الوحي الإلهي . وهنا نكون أمام حالتين :
    1- إما أن المنقول عن رسول الله ، كان من نتاج المجتمع الذكوري وكاذبآ .
    2- أو أن يكون هذا الحديث عابر من ( محمد النبي / الإنسان ) على سبيل المزاح والمداعبة والإغاظة لتلك النسوة ، ويصبح الحديث خارج ( أحاديث الإعتقاد ) .
    هذه بعض الأمثلة على هيمنة الفكر الديني الذكوري ، ليس على المجتمع ووعيه الشعبي فقط ، بل على الدين نفسه ، سرقة وتزويرآ للوحي .

  5. #5

    الفكر الديني الذكوري

    من معوقات تجديد الفكر الديني
    =================
    2- خلط الدين بالسياسة :
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بدأ إلباس الدين ثوب الخلافات السياسية ، منذ ، وبعد ، وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . واخذت السياسة والخلافات السياسية تترجم في الفكر الديني على أنها ( خلافات دينية ) ، وذلك لما للدين من دور هام ومركزي وفاعل في حياة الناس .
    فبعد وفاة الرسول محمد ، وإختيار الصديق خليفة للمسلمين ، لم يتقدم سيدنا علي لمبايعة أبي بكر الصديق إلا بعد ثلاثة أيام وما جرى فيها من رفض ولغط ، وبأن علي أحق من أبي بكر بالخلافة ، وظهور بوادر أول " حزب سياسي " في الإسلام من تكتل الشيعة ، أي : الذين شايعوا علي وتضامنوا معه .
    وكذلك جرى ، كموقف سياسي في ( حروب الردة ) بحياة أبي بكر الصديق . حيث كان أول أسباب ماسمي بالردة ، هو إمتناع القسم الأكبر من المرتدين !! عن دفع الزكاة . مبررين ذلك ، بأنهم كانوا يدفعونها للرسول ، ولن يدفعوها بعد موته . وهو ما يمكن تسميته الآن : برفض دفع الضرائب للسلطة الحاكمة – مع أن الزكاة فريضة - . ونشأ الخلاف بين أبي بكر ، وبين عمر بن الخطاب ، إستنادآ منه إلى [ لا إكراه في الدين ] . حيث رأى أبو بكر بأنها – عدم الدفع – ( ردة سياسية ) تخرج عن سلطان الدولة . ورأى عمر بن الخطاب بأنها ( ردة دينية ) لايجب القتال فيها . وحسم الخلاف لصالح أبو بكر ، لأن الزكاة كانت" الدخل المالي " الأكبر للدولة آنذاك . بينما الزكاة الآن لاتدفع " للدولة " ، بل يصرفها مخرجيها بأنفسهم لمن يرونه مستحقها .. فاليوم : يرجح رأي سيدنا عمر .
    وكانت قمة بدء الخلافات السياسية التي عُكست بشكل مباشر على الدين ، فتنة عثمان بن عفان رضي الله عنه . وهي فتنة سياسية وقبلية وأسرية بكل أبعادها .. ووصلت ذروتها بين من يريد نزع " الخلافة " عنه ، وهو ( تمرد سياسي ) ، وبين من رأى عدم جواز ذلك لعدم تحقق " الشرط الديني " بالخروج على ولي الأمر ، وكان على رأسهم سيدنا عثمان الذي قال : والله لا أنزع رداءآ ألبسنيه الله . وقتل عثمان .. وذهب قميصه المدمى مثلآ في كل سبب وخلاف سياسي .
    ثم وصل القتل والإقتتال بين المسلمين ، ليس على خلاف ديني أو خروج عن الدين أو .. الخ ، وإنما كان خلافآ سياسيآ بإمتياز على ( موقع الخليفة / كرسي الحكم ) . وتنازعه معاوية وعلي وأتباعهما . ثم أتت عملية " رفع المصاحف على أسنة الحراب " كخدعة سياسية حربية .. أي : سُرق المصحف والدين وكلام الله ، ليستغل في خلافات سياسية .
    وقويت شوكة الشيعة وإزداد عدد المتشيعين لعلي ، واشتق بعدها وبمقابلها : السنة ، أنصار معاوية ، وخرج فيما بينهما " الخوارج " ككتلة سياسية المنشأ بلبوس الدين الرافض لما جرى ، والتي وصلت حدودها إلى قرار ( قتل ) معاوية وعلي ومحكماهما .. و قتل علي ..
    ومنها أيضآ .. " معركة الجمل " ، وبدأ تزايد الهجوم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وما سيكون له من أثر كبير لاحق يظهر معظمه في الأحاديث " المروية " عنها ، وعن الرسول محمد ، من قبل ( أبي هريرة ) . وهذا سنصل إليه عند تطرقي لبند " الحديث " لاحقآ .
    ثم وصلت " المعارك السياسية " إلى حد قصف الكعبة بالمنجنيق ، وتاريخ الدولة الأموية ، ثم العباسية ، والفاطمية والدولة الإسلامية في الأندلس ، التي يقال : أنه لاتكاد تمر أيام إلا ويقتل والي أو حاكم إبن على يد أبيه ، أو أب على يد إبنه ، ناهيك عن الزمر المتمردة والطامحة بالحكم .
    وكل هذه الخلافات السياسية على الحكم عند " النخبة " !! كانت ذات تأثير ضعيف على حياة العلم والإبداع والتقدم التي عاشتها كل الدول الإسلامية . لكن كان من تأثيرها الأكبر ، عدم إمكانية تحقيق ( بناء دولة ) وإستمراريتها وترسيخ أصول الحكم وأنماط التفكير المُفرزة له .
    وما الفرَق التي سميت ( بالفرق الإسلامية ) من شيعة وسنة وإسماعيلية وعلوية ومعتزلة و .. الخ حتى وصل عددها إلى أكثر من " مائة وثمانون فرقة " ، إلا وكانت السياسة والفكر الديني الإنساني سببآ لنشوئها ، في تحويراتها اللغوية وقراءاتها للوحي بشكل يخدم ما تريده وتصبو إليه في الحياة الدنيا .
    وفي التاريخ الحديث : فقد كان سلاطين بني عثمان ( يحكمون ) المسلمين ويقوموا بتوسعاتهم الحربية وبناء " إمبراطورية الخلافة العثمانية " بإسم الدين ألإسلامي . وحاربوا وقتلوا " العرب المسلمين " بإسم الدين .
    واليوم : ومنذ بداية القرن العشرين الماضي ، ظهرت جماعة / حركة الأخوان المسلمين ، كحركة " دينية سياسية " تتوجه للسياسة والحكم برداء ديني . وفي مسارها السياسي وما أفرزته من جماعات ، كان يجير الدين لصالح العمل السياسي ، وفي أهم محطاته التي كانت مؤثرة فكريآ وايديولوجيآ وممارسة ، هما محطتان على سبيل المثل لا الحصر :
    1- موضوع الحاكمية : وبأن الحاكمية لله .. وأن جميع النظم الحاكمة ليس لها مكان على الأرض ومرفوضة . ومع أن منشأ هذا المبدأ السياسي / الديني ، كان / أبو الأعلى المودودي / ، الذي عاد وتراجع عن هذا الحكم / الفتوى بعد أن شاع وأثر في الحركات الظلامية الإرهابية ، إلا أن تلميذه / سيد قطب / حافظ على التمسك به ، وصاغه وأكد عليه ، وبين سبيل سلوكه ، خاصة في كتابه ( معالم في الطريق ) الذي أصبح منهج ودستور الحركات الإسلامية السياسية الإرهابية ، وممارساتها مشتقة منه .
    2- الإسلام هو الحل : ورُفع شعارآ عريضآ وكبيرآ .. نبع من فكرة : أن ما أصلح حال الأمة في أولها ، هو ما يصلح حال الأمة في آخرها . وبكل ماتعني هذه الفكرة من ضرورة العودة إلى " الواقع والفكر والمسار " الذي كان سائدآ في بداية الدعوة الإسلامية . أي : العودة إلى الماضي ، إلى التاريخ لنعيش بكنفه .. أي : قطيعة معرفية كاملة مع الحاضر ..
    و .. ( هو الحل ) .. الحل لماذا ، وكيف ؟؟ .
    و .. ( الإسلام ) .. كلمة كبيرة ، فككها الفكر الديني الإسلامي إلى " أديان ضمن معاني النص الواحد " . فعن أي إسلام يتحدثون ؟ وعن أي دولة دينية يبحثون ؟ .
    وخلاصة .. فقد أدخل الفكر الديني الإسلامي ، عظمة وجلالة هذا الدين ، في سراديب السياسة والحكم .

    وعن : الدين والسياسة : - يقول الأستاذ / عبد الإله بلقزيز / في كتابه ( الإسلام والسياسة ) في فصل " من عقيدة للأمة ، إلى ايديولوجيا سياسية " :
    [ ان سائر المسلمين يدينون بالإسلام عقيدة ودين ويجتمعون – على إختلاف أممهم وأوطانهم – على مسلماته التوحيدية الأساس ، مشتركآ عقديآ ينتج في وعيهم الشعور بالإنتماء إلى جماعة واحدة : الأمة الروحية الإسلامية . غير أن قسمآ من المسلمين – وفي تزايد – يزيد على تلك " الأمة الروحية " بشيئ يفيض عن عنصر الإيمان ، بالجانب العقدي في الإسلام ، ويتعلق بميدان " المصالح المادية " : الإجتماعية السياسية ، وهو القسم المدعو في أدبيات هذا العصر : بالتيار الإسلامي ، أو الحركات الإسلامية . أما الجانب الفائض من مستوى الإيمان ، فهو ( المسألة السياسية ) التي تمثل اليوم جوهر مشروعه وأبجدية تعيينه وتميزه وتمايزه . ولا يضيف الإسلاميون شيئآ إلى التراث العقدي الإسلامي ، لأنهم يكتفون " بالنصوص الشرعية " فلا يكادوا يحيدون عنها ، إلا لكي يعيدوا إدراكها في ( شبكة تأويل نصية ) مع : الأشعري ، أو الغزالي ، أو إبن تيمية .
    ولأنهم لاينتمون إلى فئة الفقهاء وعلماء أصول الدين .
    ولأن إشكاليتهم تنتمي إلى السياسة ، لا إلى الدين .
    وفي إنصرافهم الأيديولوجي – النضالي – إلى الإهتمام بالمسألة السياسية ، يعبّر الإسلاميون عن وعي حاد بأهمية
    ( إستثمار المقدس الديني وتوظيفه في المعارك الإجتماعية المختلفة ، وخاصة في المعركة السياسية من أجل السلطة ) . إن التيار الإسلامي بهذا .. قد " فرض نفسه " كقوة وحيدة محتكرة لتأويل الإسلام ، وحولوا الإسلام من عقيدة للأمة ، ومن ايديولوجيا إجتماعية جماعية ، إلى " ايديولوجيا سياسية " ، وخاصة بفريق سياسي في الأمة وهو : التيار الإسلامي ] .

    وعن : الدولة والدين : - فإن السبب الأكبر في فساد الأرضية النظرية التي يطرح من خلالها اليوم موضوع الإسلام ، هو " إتفاق" الإسلاميين المتطرفين ، وخصومهم ، على تجاهل واقع الإسلام في سبيل تجييره لصالح : المعركة السياسية .
    ومن هنا يطرح – من ضمن ما يطرح – الدكتور / برهان غليون / في كتابه ( نقد السياسة / الدولة والدين ) تساؤلات هامة ، بما يتعلق بمعنى ومفهوم الدين ، والإسلام بشكل خاص ، في مجتمعاتنا المدنية .
    فما الذي نعنيه بالدين ؟ وهل ماهية الدين واحدة في كل المجتمعات والثقافات ؟ وهل كل مانضعه تحت مفهوم الدين ، هو وحي إلهي ؟ وما هي العلاقة بين ما " أثبته الوحي " وما " إستلهمه منه العقل " ؟ وهل تتبدل المفاهيم والقيم الدينية ، أم تبقى ثابته على مر التاريخ والحضارة ؟ .
    ومن التساؤلات : مايتعلق بصراعنا الراهن حول ( مفهوم الدين ) ، والعوامل التي تتحكم في نظرتنا له ، وعلاقتنا به ،وما هو مصدر الإختلاف في الدين ؟ هل هو تبدل الواقع التاريخي ، أم سوء الفهم الشخصي ؟ وهل هو غموض معنى بعض الآيات والأحكام وتشابهها ، أم هو تبدل حاجاتنا وتأويلاتنا " لمقاصد الدين " ؟ .
    وما نستطيع أن نقوله اليوم هو انه إذا كان الدين لايستطيع لوحده أن يبني دولة ، وليس بناؤها غايته الأولى ، فالدولة لاتبني أمة وجماعة مدنية حية ونشيطة ومبدعة ، بقدر ما أنها هي ذاتها – الدولة – من منتجات هذه الأمة . وبالمثل ليس هناك إمكانية لبناء سياسة فعالة في سياق الصراع والقطيعة بين الدين كتسليم بمثل ومبادئ عليا والخضوع لها ، وبين الدولة كوسيلة إجرائية لتحقيق هذه المثل والغايات والأهداف الإجتماعية . ولذلك : من المستحيل أن تستقيم سياستنا المدنية من دون ( إصلاحهما ) ، وهو ما يحتاج قبل أي شيئ آخر ، إلى حركة ( تجديد شاملة في : الفكر الديني ، وفي الفكر السياسي ، معآ .

    ---------------------------------
    فائز البرازي

  6. #6

    النص والتأويل

    من معوقات تجديد الفكر الديني
    ==================
    (3) – عدم التلاؤم مع إختلافات الزمان والمكان :و ( التأويل ) :
    --------------------------------------------------------

    لابد بداية من الإستناد إلى نقطة أساسية وهي : ( الإدراك ، وأنماط التفكير ) ، فهي التي تشكل مدخلآ أساسيآ لأي حوار .
    ( أنماط التفكير ) مرتبطة ومفرزة ومتطورة حسب الواقع الزماني والمكاني للإنسان وإدراكه ، وبالتالي لايمكن أن نتكلم عنها بمعزل حيادي ومتكرر وثابت . فأنماط التفكير ليست أمرآ قائمآ بذاته ، بل هي الركون إلى واقع زماني ومكاني وإلى معطيات محيطه ، أفرزوا " أنماط التفكير " .
    واود أن أحاول بشكل مبسط ، تصوير وقائع زمانية ومكانية ، لنستنبط إلى أي حد هي مؤثرة في العقل ونمط التفكير.
    في رحلة عبر الزمن .. من الحاضر إلى الماضي .. لو إدعينا وقلنا للصديق ولعمر و .. الخ أننا نستطيع أن ننقلكم من المدينة إلى القدس وبالعكس بأقل من ساعة .. ( لن ) يصدقونا وإن صدقوا ( الرسول / الوحي ) . وإن قلنا لهم وأثبتنا أننا نستطيع أن نعرف ما يأكلون وما يسرون إلى زوجاتهم ، ونعلمهم بعدد البعير الموجود أمام مساكنهم ، لقالوا : إما أنه سحر ، أو أنه من عمل الجن والشيطان .
    كل ذلك .. لأنه خارج عن ( الإدراك العقلي ) .
    وأكاد أعتقد : أن ( الإدراك العقلي ) المحصور والناجم عن المحيط والبيئة والمعطيات والعلوم السائدة ، هو الذي يساهم إلى حد كبير وأساسي في تشكيل أنماط التفكير . وما يهمني هنا تحديدآ من " أنماط التفكير" العديدة ، هو موضوع " الإختلاف في التفكير " وأسبابه ، ومن ضمنها الأمر الأهم وهو ( التأويل ) .
    وأعني بالتأويل .. وجود كلام محكي ، أو نص ثابت واضح بلغته ، أو فعل ما ، ثم نجد نشوء الإختلاف في فهم وتأويل الكلام المحكي ، أو فهم وتأويل النص ، أو فهم الفعل .
    والإختلاف في الفهم والتأويل ، يخلق جدل الإنسان .. جدل الإنسان مع الواقع من جهة ، وحواره مع النص من جهة أخرى . وجدل الإنسان هذا هو الذي يفرز الثقافة ، وبالتالي فإن تفاعل الإنسان مع الواقع وجدله معه ، بكل ما ينتظم في هذا الواقع من بنى إقتصادية وإجتماعية وسياسية وثقافية ، هو الذي ينشئ الحضارة .
    وفي أمتنا .. فإن التحدي الحضاري والإجتماعي والثقافي الذي تواجهه اليوم ، يختلف عن ذلك التحدي الذي كان يواجهها منذ ثمانية قرون وأكثر . حيث كان التحدي هو " الحفاظ على الذاكرة " الحضارية للأمة وعلى ثقافتها وفكرها ، في مواجهة الزحف الإستعماري الصليبي الغربي . فكانت هناك محاولات دؤوبة لجمع التراث المتنوع في مجال " النص الديني " .
    وعلى أهمية هذه العملية من الوجهة الثقافية ، إلا أنها كانت تتم من منطلق تصور ديني للنص ، صاغته في معظمه إتجاهات الفكر الرجعي في تيار الثقافة العربية الإسلامية . وهو تصور ( يعزل النص عن سياق ظروفه الموضوعية والتاريخية ) .
    واليوم فإن التحدي الذي يواجهنا ، يفرض علينا سلوك طريق آخر . إذ لم تعد قضيتنا اليوم حماية تراثنا من الضياع وثقافتنا من التشتت ، وإن كانت هذه القضية " هامة في كل زمان " وفي جميع الأمم ، لكنها لم تعد القضية الأولى في هذه المرحلة التي وصل فيها التهديد إلى ( الوجود ) ذاته للأمة ، خاصة أن العدو قد أفلح أو كاد من إختراق الصفوف في محاولة لإعادة " تشكيل وعينا " الحقيقي ، ليزودنا عبر مؤسساته الثقافية والإعلامية ( بوعي زائف) يضمن إستسلامنا النهائي لخططه ، وتبعيتنا المطلقة له في جميع المستويات .
    والأهمية في هذه المرحلة ، هي : تجديد الفكر ، وإعادة تشكيل الوعي . ففي الدين مثلآ :
    فإن النص القرآني هو نص الإسلام . ولابد من محاولات جادة لتحديد مفهوم موضوعي للإسلام . ومن حقنا أن نفهم تلك الفوضى الفكرية التي تسيطر على المفاهيم الدينية في ثقافتنا ، نتيجة لإختلاف الرؤى والتوجهات من جهة ، ونتيجة لتعدد الإجتهادات و " التأويلات " في التراث من جهة أخرى .
    و ( التأويل ) يختلف عن ( التفسير ) .. فالتفسير ومع إختلاف اللغويين حول الأصل الإشتقاقي للكلمة ، إلا أن / الزركشي / يبين أن " التفسير " في اللغة ، راجع إلى معنى الإظهار والكشف وأصله في اللغة . وجاء إستعمال كلمة التفسير في القرآن ، بمعنى ( البيان ) .
    أما معنى ( التأويل ) ، فهو في الغالب الكشف عن الدلالات الخفية للكلمة وللفعل . التأويل هو العودة إلى " أصل الشيئ " سواء كان فعلآ أو كلمة ، لإكتشاف دلالته ومغزاه . ومن ذلك .. قصة موسى مع العبد الصالح .. فإعتراض موسى على أفعال الرجل الصالح لم يكن ناشئآ عن " الجهل " ، فالجاهل لايعترض ويصمت ويسلم بإنتظار التوضيح والتأويل . لكن إعتراض موسى كان نابعآ من " تأويل " هذه الأفعال بناءآ على ( أفقه الفكري وعلمه وإدراكه ) . وكذلك .. يمكن العودة إلى تأويل القرآن عند /إبن عربي / وعند / المعتزلة / ، وإختلاف التأويل بينهما .
    حتى أن " التأويل " كانت له أهمية كبيرة ، مثلآ .. حتى عند بعض المتشددين في موضوع " الردة " وقتل المرتد . فمع الخوارج ، وقد إستحلوا دماء الصحابة وأموالهم ، لم يُخرجوا عن الإسلام : لأنهم كانوا " متأولين " .
    والإختلاف في التأويل في النصوص الدينية ، يتحول إلى صراع يخفي أسباب الصراع الحقيقية في الواقع والمجتمع . فالفقهاء كانوا على وعي دائم بحركة الواقع وتغيّره في الزمان والمكان . كما كانوا على وعي بضرورة " توسيع " دلالات النصوص لتلائم حركة الواقع . وكان هذا التوسيع يتم عبر قنوات " الإجتهاد " و " القياس " .
    وإذا كان الفقهاء القدماء قد وضعوا امام أعينهم ، مبدأ ( رعاية مصالح الأمة ) ، فإن المؤوٌل الحديث ، عليه أن يفهم هذا المبدأ " فهمآ علميآ " . فإذا كانت مصالح الأمة الآن تحتم أن تعني مصالح الأغلبية لامصالح الأقلية ، فإن المؤوّل الذي يرعى مصالح الأقلية بتحيز ، هو الجدير برفض موقفه . كذلك لايجب أن يكون مفهوم " الإجماع " هو إجماع
    " أهل الحل والعقد " الذي يعمل به ، خاصة في ظل تبعية وخضوع الفكر الديني لأهواء الحكام . فمعيار"الإجماع" هو للأغلبية المعبرة عن القوى المختلفة ، ويكون معيار " مصالح الأمة " هو معيار مصلحة الأغلبية .
    إن العلوم " نقلية " أم " عقلية " ، قديمة أم حديثة ، هي مجرد " أدوات " للتأويل . وهي أدوات لابد من إستيعابها. ويظل عقل القارئ أو المؤّول يلعب الدور الأساسي في حركة التأويل . لذلك لابد أن يكون " الوعي " ، وعيآ أصيلآ بحركة التاريخ وإتجاه المستقبل .
    ويرتبط ( بالتأويل ) : بالمحكم والمتشابه في الكتاب . بسم الله الرحمن الرحيم :
    [ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنّا به كل من عند ربنا وما يذّكر إلا أولوا الألباب ] صدق الله العظيم . آل عمران 7 .
    فالآيات المحكمات هي الايات ذات الدلالة المانعة للبس والإشكال ، وهي بمجموعها تمثل الجانب الثابت للكتاب من حيث المفهوم ، ومن هذا الوجه كانت هذه الآيات أصلآ ومرجعآ للآيات المتشابهة ، لتقوم بضبطها من حيث الدلالة وإستبعاد الخطأ في الفهم لها ، مع السماح بتطور فهمها ( ضمن ) مفاهيم الآيات المحكمات ، التي وصفها الله تعالى بوصف ( أم الكتاب ) . لأنه تحققت بها صفة " الأصل " والمرجعية للآيات المتشابهة ، التي تمثل الجانب المتغير في الكتاب حسب تغير الزمان والمكان والتطور المعرفي للمجتمعات .
    أما أصحاب ( الزيغ ) فيقصدون من إتباعهم للآيات المتشابهات دون المحكمات ، الوصول إلى " تأويلها " في الواقع ، بمعنى إدعاء معرفة ( سقف الدلالة ) لهذه الآيات في الواقع ، وذلك كي يفرغوا الكتاب برمته من الصلاحية والإستمرار الزماني والمكاني . لأن توقف ( العطاء المعرفي ) للكتاب الإلهي ، يؤدي في واقع الحال إلى إنتهاء دوره عند آخر عطاء معرفي له ، وبالتالي يصبح تاريخآ وموروثآ دينيآ للشعوب ، غير صالح للإستمرار والإعتماد عليه. ومن جراء ذلك التأويل السقفي ، يتم إستبعاد الكتاب من الحياة ووصفه بعدم الصلاحية للزمان المعاصر لأنه قد تم تجاوزه معرفيآ .
    وكون موضوع ( التأويل ) يقصد به معرفة " السقف المعرفي " للآيات المتشابهة ، فمن الطبيعي جدآ أن تأتي جملة ( وما يعلم تأويله إلا الله ) . لأن هذه المعرفة السقفية للآيات ، مرتهنة بتوقف الحياة والتطور المعرفي والأدواتي ، ولا يستطيع أي مجتمع أن يدعي أن التطور المعرفي عنده أو الحياة ، إنتهت ، ولا يوجد مجتمع لاحق يرث المجتمع الحالي .
    و " الراسخون في العلم " يعلمون أن الحياة قائمة على جانب ثابت ، وآخر متغير . فيؤمنون بالجانب الثابت – الآيات المحكمات – ويقومون بدراسة الآيات المتشابهة ، من خلال ( إرجاعها إلى الأصل والمرجع ) [ أم الكتاب ] مع عدم إدعاء الوصول إلى " السقف المعرفي " لهذه الآيات ، بل يتفاعلون معها حسب " أدواتهم المعرفية " ويكلون المعرفة الحقيقية لله عز وجل ، فهو وحده العالم بحقائق الأمور إبتداءآ وإنتهاءآ ، [ التأويل ] ..

    ==================
    المراجع :
    --------
    * من النص إلى الفعل . بول ريكور .
    * مفهوم النص . د. نصر حامد أبو زيد .
    * ظاهرة النص القرآني . سامر إسلامبولي .
    ----------------------
    فائز البرازي / 17/6/2007

  7. #7

    إجتزاء الحكم

    من معوقات الفكر الديني – 4 –
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    إجتزاء الحكم والفتوى / عدم التمييز بين العام والخاص :
    -----------------------------------------------------------

    ان عدم التمييز بين العام والخاص يؤدي في معظم الأحيان إلى عدم دقة الفتوى والأحكام في حالة ما ، فتأتي وكأنها قد إجتزأت وعزلت ، وتضاغم فيها العام والخاص إلتباسآ ، وعممت لتصبح جزءآ أساسآ في الفكر الديني الشعبي الجمعي . ويصبح من الصعوبة إعادة إنتزاع ذلك من الفكر لتصحيح الوضع بعد أن تم تشرب السابق ، وحفر بعيدآ في الذاكرة وفي توارث الأجيال .
    والمقصود هنا ربطآ بالعام والخاص ، وضرورة التمييز بينهما :
    • آيات القرآن الكريم : المتعلقة بأمور " عامة " توضيحآ ونهيآ وإقرارآ ، أو بالآيات التي أتت متعلقة بأمر " خاص" تعالجه وتوضحه وتصدر حكمآ فيه .
    • الأحاديث المنقولة : عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وطبيعتها المشتركة – في المتن – بين ماهو عام ، وما هو خاص .
    1- العام والخاص في القرآن الكريم :
    ------------------------------------
    ان ( علم العام والخاص ) يزيد الوعي بوحدة القرآن الكريم ، وإن كنت أعتقد بأنه من أصعب العلوم الدينية . فهو مرتبط إرتباطآ وثيقآ " بعلم أسباب النزول " ، ومرتبط " بالمحكم والمتشابه " ، ومرتبط بإختلاف العلماء حــــول
    " دلالة النص " : إن كانت العبرة في " عموم اللفظ " ، أم في " خصوص السبب " . وبالتالي عما ورد في القرآن من أحكام وتشريعات وتوجيهات ينظر إليها من خلال هذه ( الثنائية ) .
    إذ يرتبط بعضها بسبب النزول ولا يفارقه ، وبعضها يتجاوز " الواقعة الجزئية " التي نزل فيها ، ليدل على حـكم
    " عام " يصلح أن ينطبق على آلاف الوقائع " الشبيهة " .
    ولقد كان إهتمام الفقهاء والأصوليين بإكتشاف الطرائق التي يمكن أن يستجيب لها النص ، لمتغيرات الواقع في حركته النامية المتطورة عبر التاريخ ، هو ( العامل الأكبر ) وراء التركيز على " عموم اللفظ " ، دون الوقوف عند
    " خصوص السبب " . لذلك نظر الكثير من الفقهاء إلى " الوقائع الجزئية " التي يمثلها ( علم أسباب النزول ) ، بوصفها مجرد نماذج وأمثلة لأحوال إجتماعية وإنسانية . وعلى ذلك فإن دلالة النص لاتقف عند حدود هذه الوقائع الجزئية ، بل تنسحب على كل الوقائع المشابهة . ومن هنا أتت إلتباسات كثيرة حول العام والخاص ، وإنعكست في أحيان كثيرة إبتعادآ عن تطور الأحوال الإجتماعية والإنسانية .
    وفي رأي / إبن تيمية / حول العام والخاص ، يقول : ( قد يجيئ كثيرآ من هذا الباب قولهم هذه الآية نزلت في كذا، لاسيما ان كان المذكور شخصآ كقولهم آية الظهار نزلت في إمرأة ثابت بن قيس ، وأن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله ، وأن قوله [وأن احكم بينهم ] نزلت في بني قريظة والنضير ، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة أو قوم من اليهود والنصارى أو قوم من المؤمنين ، فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم ، فإن هذا لايقوله مسلم ولاعاقل على الإطلاق . والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب ، هل يختص بسببه ؟ فلم يقل أحد أن عموميات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين ، وإنما غاية مايقال انها تختص " بنوع " الشخص فتعم مايشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ . والآية التي لها "سبب معين" ان كانت أمرآ أو نهيآ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته ، وان كانت خبرآ بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته ) .

    إن تجاوز " السبب الخاص " في دلالة النص ، إلى مستوى " العموم " ، لابد أن يستند إلى إستدلالات في النص ذاته ، تسمح بهذا التجاوز والإنتقال من الخاص إلى العام . وهذا مرتبط ( باللغة ) .
    ولضبط هذا ، وضعت آليات لتحديد العام ، وآليات لتحديد الخاص ، ومتى يمكن أن يكون النص بالخاص " الواقعة الجزئية " ثم ينتقل إلى العام ، وخاصة بإستخدام " الأسماء الموصولة " ، مع وجود ( وسائل لغوية ) أخرى تحول العموم إلى خصوص ، أي ( تخصص ) الدلالة العامة للنص ، أي : تحدد الفارق بين " العام المراد به الخصوص " وبين " العام المخصوص " .
    كما أن " تداخل تعميم النص " وفهمه ، قد يؤدي إلى إطلاق أحكام وفتاوى قد تكون غير صحيحة . فمثلآ .. ان منع زواج المسلمة من الكتابي عند البعض ، وعدم الممانعة عند البعض – حسن الترابي مثلآ – إنما ليس راجعآ في الأصل إلى إختلاف العقيدة . " فالنص " الذي يربط الزواج" بالعقيدة الدينية " في سورة الممتحنة : [ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فإمتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن ] الممتحنة – 10 . فهذا خاص " بالمشركين " من أهل مكة . وقد نزل بمناسبة صلح الحديبية الذي تضمن تعهد الرسول صلى الله عليه وسلم "بإعادة" من يلوذ به في مدة الصلح من المشركين إلى قريش ، فإستثنى " الوحي " ، النساء المؤمنات ، وأمر بالتفريق بينهن وبين المشركين . أما منع زواج المسلمة من الكتابي كما يراه البعض ، فإنه ( فرع لأصل خاص ) في شأن " تنظيم الحياة الزوجية " . فالمسلم والمسلمة يؤمنان بدين وكتاب أهل الكتاب ، بل لايتم الإيمان إلا به .
    وأخيرآ هنا .. لابد من الإشارة إلى أن الربط بين " العام المراد به الخصوص " ، وبين "الدلالة المجازية " ، قد إنتقل من مجال ( علم أصول الفقه ) ، إلى مجال ( التأويل ) الكلامي بين " المعتزلة " وخصومهم " الأشاعرة " خاصة في مجال : ( حرية الإرادة الإنسانية ) .

    2- العام والخاص في الأحاديث :
    --------------------------------
    وإن كان التحديد والتمييز بين العام والخاص في ( النص القرآني ) الثابت والواضح والبيّن ، قابل أن يحسم ، إلا أن العام والخاص في الأحاديث المروية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، أصعب وليس من الهين التفريق والتحديد فيها .
    فالأحاديث كما وردت " بالعنعنة " خلال أكثر من مئتي عام ، منقولة عن " أشخاص " من فرد إلى فرد ، ومن زمن إلى زمن ، ومن تعبير إجتماعي إلى آخر ، ينطبق عليها – في النص والمضمون – ما ينطبق على ( الأخبار ) التي هي عبارة عن " نتاج جماعي " . لإن كل علامة أو كلمة تجد نفسها مثقلة بالمضامين الإجتماعية والقيم الرمزية التي سيؤدي تراكمها عبر التاريخ ، إلى بلورة الهوية الراسخة لكل فئة أو فرقة . وهكذا يمكننا أن نفسر أسباب الخلافات في " الرمز " المستعصية بين السنة والشيعة والخوارج ، الذين يستخدمون العلاقة نفسها " للعقل " مع العلامة ، لكنهم يسقطون على " فضاء الخطاب " مضامين قصصية أو سردية مختلفة . وهذه الإختلافات عائدة أساسآ إلى ( المواريث الثقافية ) السابقة للفئات المتنافسة وإلى مساهمتها أو معارضتها للدولة / الأمة التي تشكلت بعد وفاة الرسول .
    وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يجتمع فيه ( الرسول ) و ( النبي / الإنسان ) . وبكونه " رسولآ " من الله فإنه مرتبط بهذه المهمة إرتباطآ تامآ " بالوحي " .. فهو لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . فالرسول كان يتلو النص القرآني كالمنقوش في ذاكرته لايتعرض لأية عملية من النسيان أو الخطأ . كما أن الله قد "تعهد" بأن لايسمح للرسول الذي إختاره من دون الناس لهذه المهمة ، أن يقوم بالتقول على الله . فقال تعالى : [ ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ] الحاقة – 44 – 46 . فالإعدام الفوري للرسول الذي إختاره الله لتأدية الرسالة ، إذا تجرأ على أن يتقوّل على الله ما لم يقل .
    أما بكونه ( نبي / إنسان ) ، فهو صلى الله عليه وسلم واحد من البشر [ قل إنما أنا بشر مثلكم ] ، وهذا يقتضي أنه
    - كبشر – محدود في تفكيره وثقافته وعلمه ، وأن ذلك هو إكتسابي وليس ذاتي .
    وهذا التمييز بين ( الرسول ) و ( النبي ) ، ضروري وهام وأساسي ، ويظهر لنا هذا التمييز في قصة نصحه ، ثم تراجعه لملقحي النخيل " أنتم أعلم بأمور دنياكم " ، وكذلك في حواره مع سلمان الفارسي في غزوة الخندق ، عندما قال سلمان رادآ على رأي النبي في إدارة المعركة .. أهو وحي من السماء يارسول الله ؟ فقال الرسول ، لا .. فإرتأى سلمان حفر الخندق ووافقه النبي .
    وفي ( النص الإلهي / القرآن ) .. جاءت تعاليم وأوامر خوطب بها سيدنا محمد [ بالرسول ] وأخرى [ بالنبي ] أي جاءت إليه بمقام " النبوة " وليس بمقام " الرسالة " بقوله : [ يا أيها النبي ] وذلك لتبيان أنه ( تعليمات خاصة بالنبي ) أو تعليمات جاءت لحقبة معينة ، أو تعليمات عامة للمسلمين ولكنها ليست " تشريعات " . وفي ذات الوقت أتت هذه المخاطبة [ يا أيها النبي ] ، [ ماكان لنبي ] ، [ يا أيها النبي قل لأزواجك ] ، [ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله ] ، [ لقد تاب الله على النبي ] .. الخ لحالات خاصة بسيدنا محمد ، أو لعتاب ولوم له من الله تعالى .
    من هنا لابد أن يفهم العام والخاص ويميز بينهما في النص الإلهي ، وفي الأحاديث الشريفة . وخاصة في الأحاديث التي تروى عن لسان " الرسول " أو التي تروى على لسان " النبي " وبالتالي ضرورة التمييز بينهما .

    إن عدم حصول هذا التمييز ، أو السكوت عنه ، أو عدم نشره وتعميمه ، أو الإحتفاظ به في بطون الكتب ، لهو مساهمة ضد تجديد الفكر الديني الملتبس والمنتشر كفكر ديني شعبي جمعي .
    -----------------------------
    فائز البرازي : 20/6/2007

المواضيع المتشابهه

  1. السبب الحقيقي وراء ازمة الثلاثي القطري السعودي الاماراتي
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-09-2017, 05:54 AM
  2. الشبة
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان الطب البديل.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-01-2015, 03:50 AM
  3. هذا السبب
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-22-2013, 09:27 AM
  4. اذا عرف السبب
    بواسطة الشربيني المهندس في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-24-2011, 09:02 PM
  5. لايزال يعيش هاجس البحث عن السبب الحقيقي وراء إيقاف برنامجه
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-19-2011, 01:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •