مهرجان الرقة المسرحي الثالث
الإعلان عن قرار تأسيس المسرح القومي في الرقة
سلام مراد
تصوير: ياسين الحسين
برعاية الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة، افتتح السيدان عبد الرزاق الجاسم أمين فرع الحزب، وأحمد شحادة الخليل محافظ الرقة مهرجان الرقة المسرحي الثالث، تم افتتاح المهرجان على مسرح دار الأسد للثقافة في الرقة. وتم الإعلان من خلال كلمة راعي المهرجان عن تأسيس المسرح القومي في الرقة، وبهذا ستكون الفرصة سانحة أمام المسرحيين في المدينة لتطوير آليات عملهم وتحديثها.
بعل صافون
بدأ العرض المسرحي يوم الخميس 18/3/2007 بمسرحية بعل صافون لفرقة المسرح القومي في اللاذقية وهي من تأليف الأديب سجيع قرقماز وإخراج لؤي شانا، تتحدث المسرحية عن الميثولوجيا الأوغاريتية، وهي أسطورة تتناول صراع بعل صافون مع أخيه ويتدخل أبو الآلهة إيل رب الأرباب.
المسرحية عبارة عن مجموعة لوحات تعبر عن مجموعة صراعات عن مسيرة الحياة في المجتمع الأوغاريتي؛ وتتطرق إلى موضوع البعث بعد الموت أي الحياة من جديد، وجهت للمسرحية انتقادات كثيرة منها أن المخرج لم يستفد بشكل جيد من مكونات الثقافة الفينيقية وكان مقصراً في مجال اللون والحركة والموسيقا.
إن المسرحية ركزت على العمل البصري على حساب الحوار، وبررت للكلمات المحكية في المسرحية بأن المخرج مقتنع بهذا العمل، وهو توظيف للغة من قبله، كما بين الأستاذ سجيع قرقماز مؤلف النص المسرحي أن حب أوغاريت شجعه على تأليف هذا النص المسرحي وذلك من خلال المصادر التاريخية التي توفرت لديه، وعمل من خلاله على تكوين هذا النص، وبدوره أعطاها للأستاذ لؤي شانا المخرج، فحولها إلى رؤيةٍ بصرية من خلال إخراجه للنص المسرحي، وبدوره أضفى على النص أسلوبه وطريقته الخاصة بالتركيز على اللغة البصرية وحركة الجسد أكثر من الكلام الذي انسحب على حساب التعبير.
انتقدت الفنانة فيلدا سمور المسرحية وقالت إنها ليست عرض مسرحي متكامل، ولم تستطع المسرحية أن تصل إلى الجمهور بشكلٍ جيد، فلغة الجسد التي حاولت إيصالها غير ناضجة كما أن نصف ساعة من العرض المسرحي لا يكفي.
اعتمد عرض فرقة المسرح القومي باللاذقية على الصورة وذلك من خلال الرقص الإيمائي والإضاءة والموسيقى والاستعراض، وبالتالي طغت اللغة البصرية والمؤثرات على النص المسرحي، هذا الشيء اعتبره الكثير من الحضور ضعفاً، بينما اعتبره المخرج قوة.
مسرحية خارج السرب
المسرحية الثانية التي عُرضت في مهرجان الرقة المسرحي الثالث، وهي نص للراحل محمد الماغوط وإخراج صدر الدين ديب، وقام بإعدادها الأستاذ وائل زيدان بإشراف المخرج مولود داؤد، قدمتها فرقة كور الزهور التي جاءت من مدينة السلمية وذلك بديلاً عن الفرقة الأردنية التي اعتذرت ولم تحضر المهرجان.
ركزت المسرحية على السلبيات في المجتمع وذلك من خلال انتقاد الخطابة والنفاق الاجتماعي؛ والتي رأى فيها الكثير من الحاضرين أنها تنفيس سلبي لا يصب في نتيجة الإيجابية ولا يولد فعلاً وحراكاً حقيقياً بل هو تنفيس بكل معنى الكلمة، كما أن أداء الممثلين كان فيه تقريرياً ومباشرة واضحة.
برر المخرج مولود داؤد السلبيات والملاحظات أن النص مصبوغ بتوقيع الأديب محمد الماغوط، ونصوص الماغوط فيها إشكالية، وفيها كوميديا سوداء وتتضمن شيئاً كثيراً من السياسة واللامعقولية، كما أوضح الممثل محمد الشعراني الذي قام بدور عاطف في المسرحية أن أسلوب الماغوط في المسرحية يتسم بالتقريرية والمباشرة وذلك يكسبه ويحقق له حضوراً جماهيرياً.
ونصوص الماغوط هي بنت الفترة الزمنية التي عاش فيها، فتلك الفترة التي كتب فيها النص كانت تتسم بالخطابة والمباشرة لذلك تطرق إلى القضايا السياسية والاجتماعية بشكلٍ مباشر.
فرسان عباد الشمس
المسرحية الثالثة التي قُدمت في مهرجان الرقة المسرحي وذلك يوم السبت 20/10/2007، تقديم فرقة ريف دمشق لشبيبة الثورة، وهي تأليف جماعي «مشترك» وإخراج كميل أبو صعب.
المسرحية تتحدث بشكلٍ عام عن هموم الشباب من البطالة إلى السلبيات والمعوقات التي يصادفها الشاب في حياته، فالمخرج ركز في مسرحية فرسان عباد الشمس على الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية.
المسرحية لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب من خلال التقديم الذي قُدمت به، رغم أنها حائزة على جوائز في عدّة مهرجانات.
امرأة
هي المسرحية الرابعة التي قُدمت في مهرجان الرقة المسرحي لفرقة سنديانة التونسية، والنص من تأليف د. عز الدين المدني، وبطولة وإخراج الفنانة زهيرة بن عمّار، تتحدث مسرحية امرأة عن شخصية شجرة الدرّ التي حكمت مصر بعد زوجها السلطان الصالح نجم الدين أيوب.
اعتمدت الفنانة زهيرة بن عمار في المسرحية على الجسد والصوت، حيث تصاعد الصوت وفقاً للحالة الدرامية التي عاشتها الشخصية المسرحية وذلك من خلال دور شجرة الدر خلال مسيرة حياتها كجاريةٍ تدور في الأسواق ثم إلى سلطانةٍ حكمت مصر، وفيها تركيزٌ على شخصية السلطانة وسياستها وإدارتها لدفة الحكم.
سلطت المسرحية الضوء على دور المرأة في الحياة الإدارية من خلال شخصية شجرة الدرّ وما واجهته من مشاكل كمرأةٍ في مجتمعٍ ذكوري يرفض أن تكون المرأة مسلتمةً لزمام القيادة. ومما عُيّب عن الممثلة أنها وقعت في أخطاء منها التعليمية ولغة الوعظ التي استعملتها بشكلٍ مطوّل مما جعل المتفرج يشعر بالملل.
بقايا رجل ظل امرأة
المسرحية الخامسة التي قُدّمت في مهرجان الرقة المسرحي وهي نص للأديب ممدوح عدوان وإخراج إسماعيل خلف لفرقة المسرح الجامعي في الحسكة.
دارت المسرحية حول حياة رجل وامرأة «أبو عادل وأم عادل» بعد حياةٍ طويلة ورتيبة قضاها الزوجان معاً ثم زواج أبو عادل مرة أخرى وعودة الحياة إلى الرتابة اليومية مرةً أخرى.
النص المسرحي لم يكن في المستوى العالي المطلوب لذلك تحمل المخرج عبئاً مضاعفاً، فالنص هو أقرب إلى السرد والقصة، وتنقصه الدراما، والبؤرة الدرامية التي يجب أن تشدّ الحضور لذلك مالَ العرض إلى الرتابة.
ورود حمر تليق بالجنرال
كانت المسرحية السادسة التي عُرضت في المهرجان وهي من تأليف وإخراج د. حمدي موصللي، تقديم فرقة توتول المسرحية في الرقة.
تناولت المسرحية شخصية جنرال عسكري يخترع جهازاً يقوم بقتل الصراصير كتجربة تمهيداً لتجريب هذا الاختراع السلاح لقتل آلاف البشر، كان الجنرال يتكلم عن اختراعه بشكل مستمر خلال المسرحية ويؤكد على مفهوم البقاء للأقوى.
ضمن المسرحية يحصل صراع بين الجنرال وأخته منال المفجوعة بقتل زوجها وابنها في الحروب، لذلك حاربت منال جميع الحروب والأسلحة وبالتالي أدى إلى اختلافها مع أخيها مما دفعه إلى قتل أخته وخادمه مرجان.
تنوعت آراء الجمهور في مسرحية «ورود حمر تليق بالجنرال» فقد قال عنها الأستاذ رفعت هادي مخرج مسرحي.
(إن المسرحية عرض حديث قدم نفسه من خلال بيئة عبثية دائروية تقول لنا إننا في عالم ما بعد الحداثة، هذه الحداثة التي جعلت الإنسان عاجزاً وأدخلته في عجلتها؛ وبينت أن البقاء للأقوى فقط، فاللإبادات الجماعية للصراصير، تعني حقول تجارب ستطبق على البشر مستقبلاً. كان الصراع في المسرحية دائراً بين الجنرال وأخته، بين الرجل والمرأة، فالرجل امتلك القوى الذكورية التي نبذتها المرأة، أخت الجنرال المفجوعة بقتل زوجها وابنها).
أما الأستاذ نهاد عبد القادر فقال: لقد خرج الدكتور حمدي موصللي عن التقاليد المسرحية، فالشخصيات مجهولة المكان والهوية والزمان، بذلك تترك للمشاهد متعة البحث والتفكر في سيناريو المسرحية.
مسرحية ورود حمر تليق بالجنرال طرحت موضوعاً مهماً وخطيراً ألا وهو امتلاك أسلحة الدمار الشامل الذي تحاول كثير من الدول الاستحواذ عليها وبالتالي امتلاك القوى من خلال السلاح.
عصابة أوادم
المسرحية السابعة التي قُدمت في المهرجان، تأليف وإخراج الأستاذ حسين شكرون من لبنان، ومن تقديم الفرقة المسرحية اللبنانية.
المسرحية كوميديا اجتماعية تلقي الضوء على حياة مواطن لبناني يتخذ من الدين سترةً ليغطي أعماله التي تُخالف الدين والأخلاق، كما تعرض صورة زوجة هذا الرجل وهي أم عادل التي هي رمز للمبادئ والبساطة والأخلاق، فالمرأة كانت وفية صادقة، أما الزوج كان مخادعاً وانتهى به مصيره إلى الجريمة والخيانة والسجن أخيراً وذلك بإلقاء القبض عليه وهو يحاول الهرب بأموال زوجته ووطنه مع فتاةٍ أجنبية إلى خارج لبنان «أميركا».
تناولت المسرحية أيضاً آثار العدوان الإسرائيلي على لبنان.
مطلوب ممثل لدور هتلر
وهي المسرحية الثامنة التي كانت من تأليف ألمر آنسون وإخراج سمير إيشوع تقديم الفرقة المسرحية القادمة من القامشلي.
تدور المسرحية عن تصوير فيلم عن حياة هتلر، وأثناء التصوير يقع حادث سيارة فيذهب ضحيته الممثلان لدور هتلر وهملر فيطلب المخرج البديل والبديل هو مطلوب ممثل لدور هتلر، فيأتي الممثلون لتمثيل هذا الدور ويقوم المخرج باختيار البديل الذي يتقمّص شخصية هتلر.
رحمة
المسرحية التاسعة التي قُدّمت في المهرجان وهي تأليفٌ جماعي وإخراج خلدون إجكسوزلو للفرقة المسرحية التركية القادمة من أنقرة.
تتحدث عن مشكلةٍ اجتماعية قائمة في المجتمعات الشرقية بشكلٍ عام وفي المجتمعات العربية بشكلٍ خاص ألا وهي «قتل الشرف» أي قتل الفتاة التي تخالف العادات الاجتماعية وتخرج عن المحرمات الدينية.
كان الديكور في مسرحية رحمة بسيطاً خدم المسرحية بشكلٍ جيد، والمسرحية شدت الجمهور رغم حاجز اللغة، فالحركات والتمثيل وصلت إلى الجمهور بشكلٍ جيد وجميل، والموضوع لم يكن غريباً عن البيئة العربية. وأداء الممثلين كان جيداً وفيه حركة دائمة شدت الحضور وجعلت الحضور على تماس مباشر مع المسرحية، فالممثلون خرجوا حتى عن خشبة العرض المسرحية وهذا كان من صميم المسرحية وبالتالي كُسر حاجز الجمود الذي يترافق مع الكثير من المسرحيات.
الملفت في مهرجان الرقة المسرحي بشكلٍ عام هو الحضور المكثف لجمهور المسرح ومشاركة الجمهور بعد العرض المسرحي في الندوات التي كانت تعقد في قاعة الدكتور عبد السلام العجيلي، كانت الآراء مختلفة ومتنوعة لكن ما يجمعه هو الحضور والمتابعة للأعمال المسرحية بشكلٍ جيد.
استقطب المهرجان جمهوراً واسعاً وهذا ما يرمي إليه العمل المسرحي وبالتالي تحقق شيئاً مهماً من خلال مهرجان الرقة المسرحي الثالث، فالقاعة كانت تضيق بالحاضرين، ويبقى الرهان الآن بعد تحقق الحضور والمتابعة للمهرجان على تكوين ثقافة مسرحية لدى الجمهور المسرحي وبالتالي تأثير الجمهور على الفرق المسرحية من خلال الملاحظات والانتقادات لحضّ الفرق على تحسين الأداء المسرحي في المهرجانات القادمة، فالفرقة التي يكون أداؤها ضعيفاً ستتوقع من جمهور الرقة المسرحي نقداً قوياً وبالتالي يجب عليها تحقيق أداء مسرحي جيد أو مقبول في أقل تقدير، فالأداء الضعيف لم يعد مقبولاً أبداً لأن بانتظاره من يُشرّحه من خلال الملاحظات والنقد الذي يتم في الندوة التي تعقب المسرحية في قاعة المحاضرات.
معرض فني في الهواء الطلق
وتحية للمشاركين في مهرجان الرقة المسرحي الثالث. ضمن الفعاليات المرافقة لأعمال مهرجان الرقة المسرحي الثالث أقام تجمع الرصافة للثقافة والفنون معرضاً تشكيلياً في الهواء الطلق في أحد أحياء الرقة الشعبية وذلك تحية إلى مهرجان الرقة المسرحي الثالث وخاصة الضيوف منهم الفنانة فيلدا سمور ود. عبد القادر منلا والأستاذ جوان جان والأستاذ عبد الفتاح قلعه جي وفرقة سنديانة للمسرح القادمة من تونس وإلى الدكتور حمدي موصللي والفنان فواز الجدوع والأديب منير الحافظ.
شارك في المعرض الفني الفنانون: لينا العبد الله، محمود غزال، موسى الحمد، حمود سليمان، موسى الرمو، جورج شمعون.
تنوعت لوحات المعرض بين المدارس الفنية والتشكيلية من واقعية وانطباعية...
إذاعة صوت الشعب تغطي المهرجان يومياً
وقد قامت إذاعة صوت الشعب بتغطية فعاليات مهرجان الرقة المسرحي الثالث وذلك من خلال المركز الإذاعي والتلفزيوني في الرقة.
نتائج مهرجان الرقة المسرحي الثالث
أعلنت نتائج المهرجان في صالة الأسد للثقافة بالرقة وقرأ النتائج الأستاذ جوان جان.
الجوائز:
1 ـ مسرحية «رحمة» التي قدمت من قبل الفرقة المسرحية التركية «شهادة مشاركة».
2 ـ جائزة الأداء المتميز:
1) إيناس زريق، مسرحية «خارج السرب».
2) مها غزال، مسرحية «فرسان عباد الشمس».
3) أسامة جنيد، مسرحية «فرسان عباد الشمس».
4) ريزان فرمان، مسرحية «مطلوب ممثل لدور هتلر».
5) خليل خمسورك، مسرحية «ورود حمر تليق بالجنرال».
3 ـ جوائر تمثيل:
بنات: 1) مركز أول: نجاح مختار، مسرحية «فرسان عباد الشمس».
2) مركز ثاني: بشرى بشير، مسرحية «بقايا رجل ظل امرأة».
3) مركز ثالث: زينة سابا، مسرحية «عصابة أوادم».
شباب: 1) مركز أول: جمال جمعة، مسرحية «مطلوب ممثل لدور هتلر».
2) مركز ثاني: محمد الشعراني، مسرحية «خارج السرب».
3) مركز ثالث: سعيد ظاهر، مسرحية «عصابة أوادم».
4 ـ جائزة أفضل سينوغرافيا، مسرحية «فرسان عباد الشمس».
5 ـ جائزة أفضل إخراج: د. حمدي موصللي، مسرحية «ورود حمر تليق بالجنرال».
6 ـ جائزة لجنة التحكيم الخاصة: إسماعيل خلف، مسرحية «بقايا رجل ظل امرأة».
7 ـ جائزة أفضل عرض مسرحي: سمير أيشوع، مسرحية «مطلوب ممثل لدور هتلر».