و إياكم جزاكم الله خيراً
و مباركة طاعاتكم في الشهر الفضيل
الأيات
كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين
من سورة الدخان 25,26,27
******************
تفسير
مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ
قبل أن ننتقل إلى تفسير الأية علينا أن نميز بين معاني الجنة بالتشكيل
فمعنى الجُنَّةُ بالضم: ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه.أو السُّتْرة،أو الوِقايةُ.
ومعنى الجَنَّةُ بالفتح : البستان، ومنه الجَنّاتُ.والعرب تسمِّي النخيل جَنّةً.
ومعنى الجِنَّةُ بالكسر : الجِنُّ؛ ومنه قوله تعالى: من الجِنَّةِ والناسِ الذي نحن بصدد تفسيره
قال تعالى: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ :
الموسوس على نوعين:
1- موسوس من الجِنة، وهم: الجن، وسموا جناً لإجتنانهم؛ لأنهم مستورون لا يرون.
2- موسوس من الناس، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فجلست، فقال: يا أبا ذر ! هل صليت؟ قلت: لا يا رسول الله! قال: قم فصل، فصليت ثم أتيته، فقال: يا أبا ذر ! تعوذ بالله من شياطين الإنس، قلت: يا رسول الله! أو للإنس شياطين؟ قال: بلى))
فهناك من يوسوس من الجنة، وهناك من يوسوس من الناس
وَقِيلَ: إِنَّ إِبْلِيسَ يُوَسْوِسُ فِي صدورِ الْجِنِّ كَمَا يُوَسْوِسُ فِي صدورِ الإنسِ.
فعَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ عَلَى قَلْبِهِ الْوَسْوَاسُ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ ".
وقد تحمل الآية احتمالان:
الأول: أن يكون الموسوِسُ من الجِنَّةِ والناس، وهم يُوَسْوِسون في صدور الناس.
الثاني: أن يكون الموسْوِسُ من الشياطين، وهم يوسْوِسونَ في صدور الجِنَّة والناس.
ووسوسة الجنة نحن لا ندري كيف تتم , ولكننا نجد آثارها في واقع النفوس وواقع الحياة .
ونعرف أن المعركة بين آدم وإبليس قديمة ; وأن الشيطان قد أعلنها حربا تنبثق من خليقة الشر فيه , ومن كبريائه وحسده وحقده على الإنسان ! وأنه قد استصدر بها من الله إذنا , فأذن فيها - سبحانه - لحكمة يراها ! ولم يترك الإنسان فيها مجردا من العدة .
فقد جعل له من الإيمان جُنة , وجعل له من الذكر عدة , وجعل له من الاستعاذة سلاحا . . فإذا أغفل الإنسان جُنته وعدته وسلاحه فهو إذن وحده الملوم !
وأما الناس فنحن نعرف عن وسوستهم الشيء الكثير . ونعرف منها ما هو أشد من وسوسة الشياطين !
رفيق السوء الذي يدس الشر إلى قلب رفيقه وعقله من حيث لا يحتسب ومن حيث لا يحترس , لأنه الرفيق المأمون !
وحاشية الشر التي توسوس لكل ذي سلطان حتى تتركه طاغية جبارا مفسدا في الأرض , مهلكا للحرث والنسل !
والنمام الواشي الذي يزين الكلام ويزحلقه , حتى يبدو كأنه الحق الصراح الذي لا مرية فيه .
وبائع الشهوات الذي يتدسس من منافذ الغريزة في إغراء لا تدفعه إلا يقظة القلب وعون الله .
وعشرات من الموسوسين الخناسين الذين ينصبون الأحابيل ويخفونها , ويدخلون بها من منافذ القلوب الخفية التي يعرفونها أو يتحسسونها . . وهم شر من الجنة وأخفى منهم دبيبا !
و الله أعلم
**********
وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً