دولة الشعر
***
شعر / صبري الصبري
****


في دولة الشعر أحكام تقاضينا = بعدلها المحض يمضي حكمها فينا
وتنشر الخير بين الناس قاطبة= برقة الذوق بالحسنى توافينا
فإننا الشعب شعب الشعر دولتنا= بها اعتلى الشعر والشعرا الميادينا
وهلل القوم في زينات بهجتها= وطالع الناس بالشوق الدواوينا
فشعبها الحر في أسباب نهضتها= على مدى الدهر لا ينسى الميامينا
تَقَدَّمَ الرَّكْبَ أبطالٌ بثورتها= تزلزل الظلم تصليه البراكينا
وتقمع الشر والطاغوت في شمم= وتكبت البغي تحمي الشرع والدِّينا
فدولة الشعر ما لاحت بوارقها= تكبد الخسرَ والقهرَ الشياطينا
وتبسط العدل في الأرجاء تفتحها= قصائد النور تهديها الرياحينا
تمتع النفس والوجدان في طرب= تتابع اللحن في الآذان موزونا
ببحره العذب ظل الشعر منتصبا= بهامة الفخر يسمو في أعالينا
بدقة الوزن تفعيلات مقطعه= تحرك الحس في إلقاء شادينا
يصور الشعر أشكالا نطالعها= بروضة الحسن تهدينا الموازينا
فزهرة الحب في باقات روضتها= تراقص الجو في أجراس حادينا
رحيقها الشهد في التيجان نحلتها= تغوص بالورد بالإبداع تأتينا
فراشة الصبح بالألوان يصحبها= ربيعنا الغض في أرجاء وادينا
بدولة الشعر يحيا الناس في رَغَدٍ= ويعشق الكلَّ بالحكم القوانينا
لأنه الشعر شعر الذوق يحكمنا= به ارتجى الشعب بالعليا مرامينا
جمالها العيش في الأبيات ننشؤها= بماتع النصِّ في أعلى معالينا
ونصطفي الأرض جل الله عمرها=بوافر البوح يرسو في مراسينا
فسنبل القمح في أعواد نضرته= إذا أتى القحط بالبيدا يغذينا
بسحبه الودق حين القحط يغمرنا= يلطف الجو والأمطار تروينا
فلا نرى الجدب ما دامت مشاعرنا= بنبضها الحس بالأشعار تسقينا
ولا نرى الفقر ما دارت روافدنا= بثروة الشعر تغنينا قوافينا
فثروة الشعر في إثرائها تسمو= على مدى الدهر تعطينا وتثرينا
حروفنا البيض أشكالا نشكلها= بلوحة الطهر نهديها الملايينا
ولا نرى السعد إلا حين نقرأها= يواصل السير في الآفاق قارينا
ولا نرى الأجر في الدنيا وزينتها= فأجرنا الحق من إغداق بارينا
ألا له الأمر جل الله خالقنا= ألا له الفضل جل الله منشينا
بدولة الشعر لا الأموال نطلبها= ولا نرى الدُّر في قول يكافينا
ولا نرى المال مهما كان يجذبنا= فما شرى المال بالإحساس مكنونا
ألا ترى الخسف للأموال يغمرها= بخسفه الماءُ يحوي الآن (قارونا) ؟!
بحيرة الشعر في حسن تهدهدها= أطايب الشعر بالأنغام تشجينا
بدولة الشعر بالإجلال في كَرَمٍ= برحمة الله باري الخلق يحيينا
جذورها الطيب في أعماق وثبتها= فروعها الغر في أعلى مراقينا
سموها البر للأبرار في رشدٍ= وعزها المجد في أسمى أمانينا
عرائس البوح في إشراق زينتها= بطهرها المسك يسري في نواحينا
أميرها الفخم (حَسَّانٌ) وثلته= تقلدوا الفخر في مدح لهادينا
ثم الصلاة على الهادي وعترته= ما أخرج الغرس بالبستان زيتونا
ورتل الوحيَ قاري الذكر في وجلٍ= بهدأة الليل يتلو (الفتح) و(التينا) !!