أَرَق ..


( إِلَى حَبِيبَةٍ تَغارُ مِنها كُلُّ مَحبُوباتِي )

..










أَرِقـتُ أَكثُـرَ مِمَّـا يَـأمَـلُ الأَرَقُ


وَ هاجَ بِالأُمنِياتِ الشَّـوقُ ؛ فَالشَّبَـقُ


يَعدُو بِيَ السَّهرُ المَوصُـولُ نَحـوَ غَـدٍ


صَباحُهُ - مِثلَ لَيلِ البُعـدِ - يَختَنِـقُ


فَتَنثُرُ الأَمَلَ الأَشجـانُ ؛ وَيـحَ يَـدِي


تَشُـدُّهُ بِعُـرَىً , طَــورًا فَيَنفَـتِـقُ


وَ تـارَةً , لَا يَكـادُ الحُلـمُ يُمسِكُـهُ


إِلَّا تَبَعثَـرَ ؛ فِـي كَفَّـيَّ يَنسَـحِـقُ


عَلَى اصطِبارِيَ تَبـغُ الصَّبـرِ أُشعِلُـهُ


لَفائِفًا ؛ فِي وُجُـومِ الوَقـتِ تَحتَـرِقُ


وَ أَنبُشُ الوَجَعَ المَخـزُونَ فِـي لَهَفِـي


فَيَقصِفُ التَّـوقُ حُسبانًـا ؛ فَأَنصَعِـقُ


رُؤَى الفَناجِينِ مُذْ نامَتْ عَلَـى رَهَـقٍ


كَرَّتْ عَلَيها خُيُولُ السُّهـدِ ؛ تَستَبِـقُ


فَأَينَ وَجهُكِ ؛ عَنْ أَفكـارِ أَخيِلَتِـي ؟


وَ أَينَ ثَغرُكِ ؟ فِي ضِحكاتِـهِ الشَّفَـقُ !


طُيُوفُ عَينَيكِ فِـي أَنقـاضِ ذاكِرَتِـي


تَمُرُّ عَجلَى , فَيَحبُـو إِثرَهـا الرَّمَـقُ


عَلَى حَدِيدَةِ سَيفٍ ؛ شَفـرَةٍ صَلَمَـتْ


مَلامِحَ الرُّوحِ ؛ فِـي جَنبَـيِّ تَصطَفِـقُ


فَتَحطِمُ الضِّلعَ ؛ تِلوَ الضِّلعِ فِي غَضَـبٍ


وَ تَستَحِـمُّ بِنَزفِـي ؛ ثُـمَّ تَنـزَلِـقُ


تَحتَ الشَّغافِ فَتَقفُوهـا إِذا رَقَصَـتْ


عَلَى الصَّلِيلِ - بِصَدرٍ نازِفٍ - مِـزَقُ


عَيناكِ سُكْرِيَ - وا عَينـي مُعَذِّبَتِـي -


بَحرٌ مِنَ الخَمرِ ؛ يَحلُو لِي بِـهِ الغَـرَقُ


جَرَيتُ نَحوَهُما ؛ وَ التَّوقُ يَعصِفُ بِـي


وَ دافِعِي بِاشتِياقِي الصِّـدقُ ؛ لَا المَلَـقُ


وَ دَمعَةٌ مِـنْ عُيُـونِ الوَجـدِ أَذرِفُهـا


تُساقِطُ الهُدبَ - فِي تَهطالِها - الحَدَقُ


فَـلَا مَفَـرَّ مِـنَ الأَحـزانِ أَمزُجُهـا


بِجِـنِّ شِعـرِيَ لَيمُونًـا ؛ فَأَغتَـبِـقُ


فَالشِّعرُ - عِندِيَ - لَا حَرفًـا يُسَطِّـرُهُ


مِـدادُ مَحبَـرَةٍ بِالفِكـرِ تَنـدَفِـقُ !


لَكِنَّـهُ أَنَّـةٌ فِـي الصَّـدرِ أَنفُثُـهـا


جَمرًا ؛ عَلَى حَطَبِ الأَضلاعِ يَلتَصِـقُ


وَ سَورَةٌ مِنْ قَصِيدِ البُعـدِ ؛ أَشطُرُهـا


يَنُوءُ عَنْ حَملِهـا الكُـرَّاسُ وَ الـوَرَقُ


" شآمُ " ؛ لَا لَستُ مِمَّنْ يَشرَبُونَ طِـلًا


لِأَنَّنِـي بِسِـوَى عَينَيـكِ لَا أَثِــقُ !


لَكِنَّنِي فِيكِ قَدْ أَدمَنـتُ مـا عَصَـرَتْ


هُمُومِيَ السُّودُ ؛ مُنذُ استَحصَدَ النَّـزَقُ


لِي فِيكِ يـا قِبلَـةَ الأَشـواقِ أَجنِحَـةٌ


مَقصُوصَةٌ ؛ لَيسَ يُغرِي خَفقَهـا أُفُـقُ


وَ حَمحَماتُ خُيُـولٍ كـانَ يُسرِجُهـا


بَنُـو أُمَـيَّـةَ لِلهَيـجـاءِ تَخـتَـرِقُ


وَ مَسجِـدٌ مِـنْ بَهـاءِ النُّـورِ قُبَّتُـهُ


وَ نَهـرُ طِيـبٍ بِـرُوحِ الـوِدِّ يَنبَثِـقُ


أَنـتِ الحَبِيبَـةُ ؛ لَا زُلفَـى أُقَبِّلُـهـا


وَ لَا ادِّعاءً ؛ عَلَى خَدَّيـكِ أَصطَلِـقُ !


فَكَيفَ لِي يا مُنايَ - اليَومَ - يَشغَفُنِـي


هَوَى سِواكِ ؟ وَ أَنتِ الخَيرُ ؛ وَ الغَدَقُ !


وَ كَيفَ أَخطِـبُ وِدًّا لَيـسَ تَنفَحُـهُ


حَبِيبَتِي " الشَّامُ " ؟ كَيفَ العُذرَ أَختَلِقُ ؟


يا " شَامُ " ؛ جِئتُكِ مُشتاقًا ؛ وَ بِي لَهَفٌ


لِأَلثَـمَ الخَـدَّ ؛ فِـي تَعطـارِهِ الحَبَـقُ


فَمَرِّغِينِـي عَـلَـى أَفـيـاءِ دالِـيَـةٍ


لَبـلابُ شَعـرِكِ فِـي أَيكاتِهـا وَرَقُ


وَ قَرِّبِي مَرمَـرَ الجِيـدِ الـذِي لَهثَـتْ


عَلَـى جَوانِبِـهِ أَقـراطُـكِ الحَـلَـقُ


يا شِعرُ ؛ يا مَنْ إِلَيها قَدْ حَمَلتَ دَمِـي


أُنشُـودَةً بِالتِيـاثِ النَّبـضِ ؛ تَنطَلِـقُ


فِيها أُحِبُّ - أَنـا - عِطـرًا لِزَنبَقَـةٍ


ما ماسَ فِيها النَّسِيمُ اغتالَنِـي العَبَـقُ !


وَ ياسَمِيـنَ عَلَـى جَنَّـاتِ راحَتِـهـا


فَعَّ الأَرِيـجُ بِـهِ مـا مَسَّـهُ العَـرَقُ


فَأَينَ سِرتُ أَرانِـي - نَحـوَ آسِرَتِـي


لَا بُدَّ - أَرجِعُ مَهمـا طالَـتِ الطُّـرُقُ


خُذنِي إِلَيهـا ؛ بِمَتـنِ البَـوحِ قافِيَـةً


يا شِعرُ ؛ فَزَّزَهـا الإِلحـاحُ وَ القَلَـقُ


فَذِي خَلايايَ ؛ هاجَتْ كَـي تُعانِقَهـا


فَما بِغَيـرِ " شـآمِ الـرُّوحِ " أَعتَنِـقُ