الناس بطبيعتهم يهربون من كل أمر يخافون منه أو أمر غير محبب لهم .. ولكن للأسف هناك من يهرب إلى الفشل من خلال تعامله مع الأحداث في حالات الضعف أو الهزيمة فيكون هذا الهروب ليس إلى تصحيح الأوضاع ومعالجتها والاستفادة من الأخطاء واستبدالها بل تجده يركض مسرعا إلى الفشل وهذا في حد ذاته خسارة أعظم من خسارة موقف .. ولكن أصحاب النفوس المنهزمة لا يدركون هذا الأمر وسأذكر نماذج ممن يهرب إلى الفشل لمجرد خسارة موقف أو ضياع فرصة .

عندما تخسر الزوجة موقف مع زوجها أو تواجه مشكلة في جانب من جوانب العلاقة معه تجر هذه الخسارة إلى حياتها كلها وتعمم هذا الفشل إلى جميع جواب العلاقة مع الزوج فتعيش التعاسة والأحزان وتهرب إلى ما كانت تفر منه وتخشاه وهو الفشل القاتل .

شاب يطمح أن يكمل دراسته العلمية من خلال الجامعة ولكنه لا يوفق للالتحاق بجامعة تتناسب مع طموحه فيشعر بالفشل ويظن أنه أصبح فاشل ولن يتمكن من الحياة وينسحب هذا الفشل إلى حياته كلها وكأن الحياة بكل جوانبها اختزلت بدخوله للجامعة .

فتاة تسبح بأحلام جميلة أن يكون لها زوج وأبناء وأسرة تحفها السعادة في بيت مطمئن ولكن الأحلام طالت وكأنها طارت حينها أحست بالخسارة .. وفاض هذا الشعور ليغرق كل مساحة في واقعها وكل جزئ من حياتها .

هذه أمثلة وغيرها كثير في صور شتى وحالات متعددة دون أن يقف هؤلاء مع أنفسهم ويتحدثوا بالعقل والمنطق فخسارة معركة لا يعني خسارة الحرب وضياع فرصة لا يعني الفشل أو نهاية الحياة والشواهد على هذا كثيرة .

توماس إديسون المخترع الكبير والعبقري الفذ صاحب 1000 اختراع تم تسجيلها وغيرها الكثير هل تعلم أن هذا العبقري لم يتعلم في مدارس الدولة إلا ثلاثة أشهر فقط، فقد وجده ناظر المدرسة طفلا بليدا متخلفا عقليا! فتم طرده من المدرسة .
ومن أهم المواقف لهذا المخترع أنه قبل اختراعه للمصباح الكهربائي حاول أكثر من 999 محاولة لهذا الاختراع العظيم و لم يسمها محاولات فاشلة بل أسماها تجارب لم تنجح .

هذا مثال واحد فقط والأمثلة كثيرة مما ذكره التاريخ قديما وحديثا من حوادث الفشل أو الهزيمة أو الخسارة التي كانت بداية لنجاح لم يكن متوقع .

إن خسارة المرأة في جزء من علاقتها مع زوجها لا يعني أنها فاشلة أو أنها خسرت حياتها كلها بل هناك جوانب أخرى قد حققت النجاح والإبداع فيها .. فإذا فشلت في الجانب العاطفي مثلا قد تنجح في جانب تربية الأبناء أو تنظيم حياة الزوج ورعاية بيتها وهذا ما قاله معلم البشرية والمربي الأول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (لا يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلق رضي منها آخر) .

وإذا لم يُوفق شاب بالالتحاق بجامعة أو حتى وظيفة لا يعني أنه فقد المستقبل كله وخسر حياته وأصبح فاشلا بل قد يكون من الخير له أنه لم يلتحق بهذه الجامعة أو تلك الوظيفة لأن نجاحه في مجال آخر وطريق غير طريق الجامعة أو الوظيفة كطريق التجارة على سبيل المثال .

كذلك الفتاة التي لم يُكتب لها الزواج لا يعني فشلها في الحياة أو خسارة السعادة فهناك جوانب كثيرة في حياتها بحاجة أن تشغلها لتحقق من خلالها النجاح وتشعر بالسعادة فالحياة ليست طريقا واحدا بل هي طرق ومجالات .

فإلى الهاربين إلى الفشل بل لنا جميعا اذكر وصية غالية ونصيحة قيمة من أعظم الحكماء وهو رسولنا عليه الصلاة والسلام يقول فيها (المؤمن القوي خير و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف و في كل خير احرص على ما ينفعك و استعن بالله و لا تعجز و إن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا و كذا و لكن قل : قدر الله و ما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) .
فهل بعد هذا ستهرب إلى الفشل لخسارة موقف في حياتك



كلي ثقة أن هذا لن يكون بعد الآن