فهناك شبه اتفاق عند معظم المهتمين بتاريخ اليهود بأن التحريف الحقيقي الذي حدث في عقيدة اليهود حدث في المنفى البابلي. لأن السبي البابلي كان هو الأول من نوعه في تاريخ اليهود، حيث تم فيه تدمير (مملكة يهوذا) التي هي مناط الوعد في التوراة، وتهديم (الهيكل) المزعوم، وتشريد اليهود خاصة زعمائهم الروحيين وسلالة الأنبياء والملوك، لذلك لم يكن هذا الحدث مجرد حدث عادي في تاريخ اليهود، بل أصبح هو محور تاريخهم السياسي. ولأنه كان أغلب الذين سباهم نبوخذ نصر إلى بابل من رجال الدين والسياسة والدولة وغيرهم من السادة وكبار المرابين، ولأن أولئك كانوا أشد اليهود حرصاً على الكيان الصهيوني وأكثرهم تعلقاً به، فقد "بدأت تتشكل ملامح فكر ديني يهودي جديد، يجعل من القدس نقطة ارتكازه ومحوره، وتأخذ شكلاً يجمع بين الصوفياً*عند اليهود، وتحولت إلى رمز للوطن الضائع، كما تحرك فيه التعصب الطبقي لزعماء اليهود المنفيين إلى بابل الذي كان يشعرهم أنهم كانوا متميزون وحاكمون في فلسطين، لقد تحول هذا التعصب الطبقي إلى تعصب ديني وعنصري"[i].
عدنا:كيف تحصر لنا تحريفات التوراة؟وكيف كانت؟وشكرا لسعة صدرك باحثنا الكريم.