أهمية الدقة في معرفة المعنى الحقيقي:
قرأت من فترة قريبة مقال هام في مجلة العربي العدد 636وهو:
قلما يصلح شرح الكلمة لاستنباط معناها الصرفي:د. مصطفى على الجوزو
(اكاديمي لبناني)يتهم أكثر المشتغلين باللغة بالتملف في التفسير اللغوي خاصة غن كان صادرا عمن هو اوثق منهم فيقول شارحا:
يجعلون مثلا من معاني التضعيف الصرفية في وزن "فعّل" معنى السلب ويفسرون السلب بإزالة الحال او العمل , ويضربون على ذلك مثلا فعَل مرّضَ زاعمين أن التمريض هو القيام على المريض ومداواته
ليزول مرضه ,وبذلك قال لسان العرب مثلا أي أنهم بنوا المعنى الصرفي على ماافترضوا غاية للعمل , ولو كان الافتراض بعيدا , وذلك لايستقيم : ففي الحديث النبوي مثلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشستد مرضه طلب
ان يمرّض في بيت زوجته السيدة عائشة , فخرج متكأ على رجلين يجرر قدميه , ولما دخل بيته طلب ان يفرغوا عليه الماء لعله يكتب للناس عهدا.
فالتمريض هنا العناية بالمريض المحتضر, وليس التضعيف الذي استعمل للتعدية فحسب.
كذا كلمة أفلس: صار مفلسا:
كانما صارت دراهمه فروسا! فالصيرورة عنده هي التشبيه يدل على الانتقال من حالف الغنى للفقر وقد لجأ إلى التشبيه للربط بين الفلوس والإفلاس وهو أمر مقبول , لأن التشبيه يدل على الاحتمنال والشك , لكن ابن سيده جعل الشك يقينا حين قال
أفلس الرجل : صار ذا فلوس بعد ان كان ذا دراهم وعنه أخذ ابن منظور بصورة شبه حرفية, زائدا على ذلك عبارة الجوهري بحرفها وبناء على زعم ابن سيده وامثاله نسب بعض المشتغلين باللغة معنى الصيرورة إلى وزن أفعلَ وقد قاس ابن منظور على
أفلس فعل "أخبث" ومعناه عنده صار أصحابه خبثاء , وأقطف صارت ناقته قطوفا (بطيئة) فالصيرورة في ذينك الفعلين تقع على الآخر أو على الأداة وليس على القائم بالعمل .ويفسر ابن منظور في مكان آخر أنه صار ذا خبث وليس بالصيرورة.
ويستدرك ابن منزور في موضع ىخر لفعل أفلس فيقول: لم يبق له مال يراد أنه صار إلى حال يقال له ليس معته فلس!مشبها بـأقهر الرجال ومعناها صار حال يقهر عليها أي أذل الرجل وهذا إيغال في الافتراض..
فلو اكتفي بالتفسير البسيط لخرج عنده أن وزن أفعل في أفلس يدل على عدم البقاء أو النفاذ..
أي افتؤاض ان فعّل وأفعل كلاهما يؤدي ذلك المعنى الصرفي , وقد أيد رأيه بفعل أعتب وهو عنده بمعنى أزال العتب والحقيقة أنه لاوجود لمعنى الإزالة لا في أفلس ولافي أعتب ربما اعطى أفلس بعض معناه لكن أعتب أعطاه العتبى أي الرضا...باختصار:
قلما نعرف كيف نشأ معنى العبارة الأولى فمعروف ان العرب أخذوا الدراهم عن كلمة دراخما اليونانية وان رددناها لمعاجم الفارسية نجدها ولايستبعد ان يكونوا أخذوها عن اليونانية من كلمة الفَلس فالفلس هناك هو أُبلُس وكما تحرفت كلمة دراخما يمكنهم ان يحرفوا كلمة أبلس وتحورت من غير ان يفكروا بالصيرورة ولا بالسلب.
يجب ان نتخذ طرقا تفسيرية أكثر دقة وشمولا تتصل بجور التركيب وتعول على مدونة شواهد واسعة دالاة على المعنى الصرفي المستنبط.
وإلا تعددت المعاني الصرفية واختلفت بتعدد الشروح واختلافها وبدا ترك الامر حينئذ اولى وارحم للمستعمل والدارس معا
ص 38
تلخيص واقتباس بتصرف ريمه الخاني
2-12-2011