الإسلام هو العدو .. فاحذره؟! (1-2)مصطفى إنشاصيانتهى الحوار مع الدكتور فترة دراسة الدبلوم إلى: أننا مع المفاوضات وضد التنازلات! وقد ربطت يبننا علاقة طيبة تجاوزت علاقة دكتور بطالب، وفي أحد الأيام بعد إعلان نتيجة امتحان الدبلوم التقينا، وسألني: اخترت موضوع لرسالة الماجستير؟ أجبت: لم أختر بعد. فقال: ما رأيك أعرض عليك بعض العناوين بشرط أن أكون أنا المشرف على رسالتك! ولأن هدفي من الرسالة أيا كان عنوانها كان تقديم رؤية للصراع بأبعاده التاريخية والمستقبلية، ولأنني من خلال حواراتنا فترة الدبلوم واللقاءات الثنائية أصبحت على معرفة بأسلوب الدكتور وتوجهاته، ولا أريد أن أختلف معه عند الكتابة، فكان لا بد لي من طرح سؤال مباشر وواضح عليه قبل الموافقة أو الرفض:من الذي سيكتب؛ أنا أم أنت؟!فأجاب: أنت طبعاً!قلت؛ بمعنى أدق: ما هي حدود تدخلك في ما سأكتب؟ هل ستنحصر في الجانب الأكاديمي أم ستتجاوزه إلى إبداء آراءك فيما سأكتب؟كان رده: في الجانب الأكاديمي فقط، وأنت حر في ما تكتب!قلت: إذن أنا موافق!وقد عرض عدة عناوين أكثرها ليس لها علاقة مباشرة بالقضية المركزية للأمة – فلسطين – ما عدا موضوع واحد له علاقة بصميم القضية والوطن كله، لكن مشكلتي أنه طُرح فترة وجودي في السجن وكان ممنوع دخول أي مواد إعلامية لنا، ولا أعرف عنه إلا شذرات، ولم يكن أيامها في نت وجوجل ومكتبات الكترونية وخلافه، وكان هو متشجع له أكثر من بقية العناوين الأخرى، وقالها:أنت أقدر واحد يمكنه الكتابة في هذا الموضوع، وتقديم رؤية مستقبلية له! وفعلاً الموضوع مهم وخطير، ولم يُكتب فيه من قبل إلا مقالات إخبارية أو تحليلية فقط، لكن كتب أو رسائل علمية أو أبحاث رزينة لم يكن كُتب فيه بعد.قلت: نعم؛ الموضوع مهم ويهمني أن أكتب فيه خاصة وأنه جديد ولم يسبق الكتابة عنه، وأنا أميل إلى أن أكون من المبادرين في الكتابة عن هكذا موضوعات، لكن ليس لدي أي مراجع مبدئية على الأقل أضع من خلالها خطة البحث. قال: لدي كم كتاب سيفيدونك في ذلك ولا أظن أنك ستعجز عن وضع خطة بحث مُحكمة! المهم وافقت، وكان عنوان الرسالة: "أثر السوق الشرق أوسطية السياسي والاقتصادي على دول المنطقة"!وقد زودني بثلاثة مراجع رئيسة: كتاب (شيمون بيريز: الشرق الأوسط الجديد)، وكتيب نسيت اسمه، ملف لمجموع الأوراق التي قُدمت لمؤتمر دعت له جامعة (هارد فارد) الأمريكية، وشارك فيه قيادات فلسطينية منها الدكتور نبيل شعت وآخرون، وقيادات فكرية وقد تكون رسمية من كيان العدو الصهيوني، ومفكرين من دول عربية وغربية وعالمية، وموضوعه دراسة احتمالات قيام سلام بين الفلسطينيين وكيان العدو الصهيوني، وجوهره كان اتفاق أوسلو، فهو كان مؤتمراً اقتصادياً أكثر منه سياسي، وقدم الجانب الاقتصادي على السياسي في نتائجه، وأنه هو الذي سيكون ضامناً لأي اتفاق سياسي، وورقة قدمها أحد موظفي وزارة الخارجية السودانية للوزارة حول مخاطر (السوق الشرق أوسطية على مستقبل المنطقة)، وللحق مع أنها وريقات معدودة إلا أنها كانت مهمة جداً.اطلعت على المواد التي زودني بها، والحمد لله وُفقت في وضع خطة بحث مُحكمة تم الموافقة عليها في أول اجتماع لمجلس الكلية، وبدأت الكتابة. وأعددت الباب الأول المكون من أربعة فصول، وعندما قدمته له، وحدثته عن مضامين كل فصل، توقف وبدأ يبدي اعتراضاته قبل قراءته! في البداية اعترض على العمق التاريخي الذي يبرز جذور الصراع، فقلت: المنهج الغربي في البحث والدراسة وخاصة عندنا لا يركز على الجذور في دراسة أي قضية لها علاقة بالصراع مع الغرب والعدو الصهيوني، لكنه سطحي يتناول الجذور القريبة الظاهرة والمعروفة للجميع، وذلك يُفقد أي دراسة عمقها التاريخي المطلوب، فتأتِ الدراسة ونتائجها سطحية، وتقدم رؤية غير عميقة وغير دقيقة للصراع، وذلك ما أوصلنا إلى الحال التي نحن عليها اليوم.فطلب استبعاد بعض الفصول أو دمجها، رفضت! بعدها قال: الباب طويل وذلك يعني أن الرسالة ستكون كتاباً وليس أطروحة ماجستير اختصر المادة المكتوبة! قلت: في الحقيقة؛ أنا أعد الرسالة لنشرها كتاب بعد إجازتها، ومع ذلك سأختصر منها بما لا يخل بالمضمون! إلا أنه بعدها قال: يا حبذا لو طبعت الأوراق قبل إحضارها لتسهل قراءتها، فطبعتها! إلا أنه أيضاً رفض استلامها وقراءتها، واستمر الأخذ والرد حول الموضوع نحو أربعة شهور!اضطررت ساعتها أن أقول له: لا تغضب؛ سأقدم طلب لعميد الكلية أطلب فيه تغيير الدكتور المشرف على الرسالة. لكنه كان يستبعد أن أفعلها لِما كان بيننا من علاقة وتفاهم! وعندما قدمت الطلب للدكتور عميد الكلية هو الآخر اندهش من الأمر، وقال: حسب علمي أن علاقتكم متينة وبينكم تفاهم كبير! قلت: وعن نفسي العلاقة لن تتأثر بطلبي هذا. قال: ممكن تعطيني فرصة أتحدث معه؟ قلت: افعل ما تراه مناسباً.