. . . حينَ يزيدُ التسامحُ عن حدِّهِ يصبحُ المذنبونَ من حولِكَ خطيرين ، وتغدو شخصيةُ المتسامحِ بينهم شخصيةً ضعيفةً هشَّةً واهية ، وقد تقودُهم هذهِ الشخصيةُ من حيثُ لا تدري إلى السخريةِ منها وإلى الاحتقار الضمني الخفي أو المفضوح العلني ، وربما يصلُ الأمرُ إلى محاولات الاستيلاءِ على بعضِ حقوقِ تلكَ الشخصيةِ المتسامحة .
. . . لعلَّ ( أم كلثوم ) تخطئُ حين تقول :
حبيب قلبي يا قلبي عليه . . . ولو حتى يخاصمني
ويعجبني خضوعي إليه . . . وأسامحه وهو ظالمني
. . . إنَّ مثلَ هذا التسامحَ يجرُّ على صاحبهِ المآسي والويلات والأحزان ، وإن الشخصَ الناجحَ في حياتِهِ الاجتماعيةِ هو الشخصُ الصلبُ صاحبُ القاسي القلب ؛ الشخصُ المتماسك الذي لا يبتسمُ إلا نادراً ، ذلك هو الذي لا يكلّ ولا يملّ ولا تلينُ لهُ عزيمةٌ .
. . . أما الشخصُ الحنونُ بغزارة والمتسامحُ دوماً فهو إنسانٌ ضعيفٌ هش ، وهو لا يصلحُ إلا لـ . . .
. . . وكما يقولون : الآدمي دوماً حقُّهُ ضائع .
. . . لعلَّ الكثيرينَ ممن يقرؤونَ هذا الكلام سيقولون : أنتَ تتحدثُ عني أنا وكأنك تعيش معنا .