في رواية "سالي" الأصلية، لم تُظهر سالي أي تسامح مع "الآنسة منشن"، في حين أن صنّاع العمل أظهروا لنا أن سالي قد سامحتها.

ربما حاول صُنّاع العمل غرس قيمة التسامح والتجاوز عن الإساءة، لكنهم نسوا أننا بكينا مع سالي، وشعرنا بكل ما كانت تتعرض له من غطرسة وإهانة وتقليل وتحطيم، حين جعلتها "الآنسة منشن" خادمة بعد وفاة والدها "رالف كروي"، الذي كان يغدق على المدرسة بالهدايا، وكانت تراه بيضةً من ذهب.

وربما نسي صنّاع العمل حينما أظهروا مسامحة سالي وتعاملها برقي كأن مينشن لم تفعل شيئ لها، أننا رأينا أن منشن كانت تُكنّ حقداً دفيناً تجاه سالي لأنها كانت طفلة متميزة، وربما كانت تحمل مشاعر سلبية وإحساساً بالنقص أمام هذا التميز، لكنها لم تكن قادرة على التعبير عن مشاعرها بشكل صحي، فاختارت أن تُمثّل دور السلطة والإذلال.

نسيَ صُنّاع العمل أننا سنكبر يوماً، وسنجعل من التسامح ذريعةً لإعادة العلاقات المؤذية إلى حياتنا، تحت شعار التصالح والتجاوز عن الإساءة، وسنعتاد إسكات صوتنا الداخلي الذي يصرخ رافضاً الظلم، فقط لأننا تعلمنا أن الطيبة تعني أن نتجاوز، مهما كانت الخسارة التي لحقت بنا.

لم يُدرَّب الكثير منّا على وضع حدود، أو على أن مشاعر الغضب ليست ضعفاً، بل هي دليل على أننا تأذينا.
تعلمنا أن "نسامح لنرتاح"، حتى لو ارتاح المسيء أكثر، وحتى لو خسرنا أنفسنا مراراً في سبيل أن نظهر بصورة "الشخص الطيب".

لكن التسامح في مثل هذه الحالات لا يعني قبول الإساءة، ولا يعني التغاضي عن الحق، بل قد يتحول إلى سلوك سامّ إذا كان يعيدنا لتلك العلاقات السامة التي تترك آثاراً عميقة في النفس.

ربما نسينا سالي ومينشن، لكننا لم ننسَ أننا أُجبرنا في طفولتنا على أن نسامح منشن، رغم أننا لم نرغب بذلك أبداً...

لم تكن مجرد قصة طفولية... كانت درساً تشربناه دون أن ندري.
كبرنا ونحن نُصدّق أن الطيبة تُكافأ، وأن الظلم ينكسر أمام النبل، لكن السؤال الأهم هنا، هل كانت "الآنسة منشن" ستعيد "لسالي" مكانتها بدون عودة "السيد كريسفورد" ويعيد لسالي ثروتها؟
بالطبع: لا.
وهذه هي الحقيقة التي كان يجب أن نستوعبها في طفولتنا: أن الشخص المؤذي لن يحاول إرضاءك إلا لمصلحته، وليس لأنك شخص مميز وجيد وطيب القلب.
#إسراء_ابوالنور
#أخصائي_الصحة_النفسية❤️‍🩹
🧠........🫀
متاح الاستشارات والجلسات
"اونـــــلايـــــــن"
للتفاصيل واتس
01061165963