تكتب عن فتحي الشقاقي رغم ما لحق من أذى أمر صعب، لكنها كلمة حق غابت في كتابات محبيه وتﻻمذته:
الدكتور وإخوانه في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ليس مجرد حدث عابر مثل كل الأحداث أو تنظيم مثل كل التنظيمات التي سبقتها يمكن الحديث عنه ببساطة ودون صعوبة، لذلك الكتابة عن حركة الجهاد في فلسطين أمر معقد فأنت تتحدث عن ثورة في الوعي والفكر والممارسة ...! فمن يعرف فتحي الشقاقي وإخوانه وما قدموه من إنتاج فكري قرنوا فيه الفكر بالممارسة والعمل "النظرية بالتطبيق"، يدرك أنهم صنعوا الحدث ولم يصنعهم الحدث، كتبوا التاريخ ولم يكتب عنهم التاريخ.. غيرّوا مسار حركة التاريخ الفلسطيني، ومجرى تجاه الحركة الإسلامية في فلسطين بالتحديد، وشكلوا انقلاباً في المفاهيم والمصطلحات والرؤية للصراع مع العدو الصهيوني والغرب، والنظرة إلى المشروع الغربي اليهودي–الصليبي ورأس حربته الموجهة إلى قلب الأمة والوطن في فلسطين (الكيان العدو الصهيوني).
إن كان هناك ما يمكن أن أثبته للدكتور فتحي فهو:
الشقاقي وأخوته صانعو الانتفاضة/الثورة عام 1987م
وذلك أُثبته من خلال تجربتي الشخصية وحواراتي معه سنوات الدراسة الجامعية التي تعرفت عليه فيها خاصة عامي 1979 - 1980، ﻻ أنكر أنني في تلك الفترة كنت لازلت مندفعاً ومتحمساً وتسيطر على عقلي وتفكيري فكرة العمل العسكري على طريقة حركة فتح والتنظيمات الفلسطينية في ذلك الوقت. وقد كانت هذه نقطة تباين بيني وبينه. وقد كان رده واضحاً في آخر حوار جمعنا يوم 18 أو 19/ 9/ 1980 في الشقة التي كنت أسكن فيها في المنيل بالقاهرة ، فقال وهو يختم حوارنا حول هذه المسألة:
إن أسلوب العمل العسكري على طريقة الخلايا والمجموعات العسكرية التي اتبعته حركة فتح والتنظيمات الفلسطينية في الأرض المحتلة أثبت فشله، لأن العدو الصهيوني بإمكانه من فترة لأخرى أن يكرر ما فعله عامي 1970/ 1971، عندما قام شارون باعتقالات عشوائية لمئات الشبان في قطاع غزة فاعتقل المنظم وغير المنظم، ولفق لهم التهم، واستطاع أن يقضي على العمل العسكري في القطاع، باستطاعة العدو الصهيوني أن يكرر من فترة لأخرى كلما شعر أن هناك تكاثر للخلايا العسكرية ويقضي على الخلايا العسكرية.
ولكن نحن نريد أن نبني البيت المسلم الذي لا تمسك فيه الأم بابنها تمنعه عن الخروج للجهاد ولكنها تدفعه إلى ذلك. نريدها ثورة جماهيرية تملأ الشوارع على غرار الثورة الجماهيرية في إيران، ساعتها فإن العدو الصهيوني لن يستطيع القضاء عليها مهما اعتقل وسجن لأنه لن يستطيع اعتقال كل الجماهير. وقد تمنيت أن يتحقق هذا الذي يحلم به ونحلم جميعنا معه به.
من مقالة بعنوان: فتحي الشقاقي الفارس .. المفكر .. المجاهد .. الشهيد مصطفى إنشاصي