د.ريمه عبد الإله الخاني
كثيرة هي المرات التي كنت- حيث بات الماضي القريب بعيدا، من خلال تلك الجائحة العالمية الطارئة الغريبة المريبة-أحضر المحاضرت الثقافية فلا أجد إلا القليل من العنصر الشبابي البشري ممن يتابع الحديث عن الماضي والتاريخ...وقياسا على مايحدث في زماننا من موت كبار السن بأعداد كبيرة، نتخيل كيف كان يلعب الصغار على رقعة الشطرنج، بشرط ألا يقتل أحدهم حجار الآخر..وإذن فكيف يلعبون؟...
إنك مت وإنهم ميتون...لكننا ننجب ليكون أولادنا استمرارا لنا، رسالة الزمن الجديد بمضمون قديم وقالب جديد...إنه الجمهور الحقيقي الذي سيحمل الراية الحقيقية، لذا تجري المراهنة عليه دائما، كحلبة سباق يتحلق حولها المقامرون...لكن الحقيقة أن مستقبلنا مرتبط بهم بوشائج قوية جدا...وكل يشده إلى طرفه بطريقته.ذكرني هذا بزميل مهنتي أحترمه وأجله وكل له طريقته في عرض بضاعته.عهدته دمثا لطيفا، حساسا مرهف الشعور، لبقا في احترام المتلقي، وحريصا على حسن تقديم الماضي، على طبق من ماس، بأسلوبه المهذب وحديثه الرصين، وبعض فكاهة يتحلا بها الخطاب، مما يجعله حيويا مقبولا أشد مايكون.لكن معظم جمهوره كان من كبار السن والذي كانوا يشكلون مرجعا هاما حياتيا ومعرفيا وثقافيا، لكن الشباب لو تزاحموا، لحملوا وتحملوا وشجعوا وصفقوا وطوروا، قلتها له يوما مترددة لولا رحابة صدره، أنه رجل ماضوي بامتياز كما معظمنا، لكنني أتأمل في جيلنا الطموم وهو يموج في عالم من التسرع أو التعثر، أو
الروية على قلتهم. وأرى مايجري حولنا وأقول:
-ربما نحن نعيش في الحاضر فعلا، ولكن مامضى يجب أن يكون لنا درسا وعبرة بكل مافيه الكفاية فقط لاأن نتكئ عليه كاملا، فلكل عصر دولة ورجال، وليس ترنما وتذكرا محاولة استعادة ماماضى بقدر الإفادة منه بقدر ما.وعندما يغدو جمهورنا من الشباب، فلنعلم أننا على الطريق الصحيح. لأننا لبينا مطالبه، وفهمه متطلباته، واقتربنا من لغته الجديدة في مخاطبة العصر بظروفه المتغيرة. لذا فالمراهنة على الحاضر لخدمة المستقبل غرض مهم لجيل مخضرم يبحث عن مستمع له، ومن الصعب أن تجد نفسك متطورا ومسايرا لمطالب العصر إن كنت من عصر سابق، وإنما ستكون ماضحاضري بامتياز إن فعلت.
الخميس 30-7-2020م