غزة مقبرة الدولة الفلسطينية! (3-4)طرح العدو الصهيوني خطته لفك الارتباط مع غزة من طرف واحد بتاريخ 18/12/2005، بدأ تنفيذها بتاريخ 15/8/2005، وأعلن شارون عن إقامة الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في غزة بتاريخ 20/9/2005، وبعد أن جزر تاريخنا وألغى وجودنا في فلسطين وصادر حقوقنا الثابتة فيها منذ آلاف السنين، وصورنا كأننا طارئين وثبت في أذهان العالم أنه تنازل لنا عن جزء من وطنه لنقيم عليه دولة لنا، قفل عائداً إلى (وطنه التاريخي المزعوم) لاستكمال تنفيذ بقية السيناريوهات لجعل غزة مقبرة الدولة الفلسطينية!مصطفى إنشاصيلم تقف خطورة المخطط عند ما جاء في خطاب شارون المجزرة، ولكن الأخطر هو الجزء الذي نشره الكاتب الصهيوني (أولف بن) نفسه من الحوار الذي دار بينه وبين شارون وهم في رحلة العودة من نيويورك، عندما سأله عن مصير الكنتونات التي سيخلفها الجدار في الضفة الغربية بعد الانتهاء من بنائه وإن كانت ستكون جزء من الدولة الفلسطينية أو لا؟! فرد شارون بالقول: أن الضفة الغربية لن تعود للفلسطينيين، وأنه لن يكون لهم أي سيادة على أي جزء منها؟! وأن الهدف من خطة فك الارتباط هو: تكريس واقع الفصل بين قطاع عزة والجماهير الفلسطينية فيه، والضفة الغربية والجماهير الفلسطينية فيها، وكأنهما شعبين وأرضين منفصلتين، وليستا وحدة جغرافية وسكانية وسياسية واحدة في الواقع والقانون الدولي. وقد سبق لـ(أولف بن) أن كتب عن رؤية شارون لخطة الفصل أحادي الجانب أنها ليست فصلاً بين كيان العدو الصهيوني وغزة فقط، بقدر ما هي فصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وأطلق على تلك الرؤية: إقامة الدولة الواحدة المشطورة إلى قسمين: فلسطين الشرقية في الضفة وفلسطين الغربية في قطاع غزة! بعد أن اكتمل ذلك المشهد والمقاومة مشغولة بنشوة الانتصارات العظيمة التي حققتها وتحريرها غزة أعلن شارون عن المشهد القادم، (خطة الانطواء) للضفة الغربية! أي استكمال بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، وتهويد القدس وفرض السيادة اليهودية على المسجد الأقصى، واستكمال اغتصاب أراضي الضفة المهمة وتهويدها، ثم إعلان الفصل الأُحادي الجانب وانطواء العدو الصهيوني على نفسه داخل حدود الجدار! وبدأ التضليل الإعلامي وتمرير المخطط الصهيوني لتصفية القضية من تحت أقدام المقاومة وقادتها وهم مغترون بصواريخهم وصراخ العدو الصهيوني منها، لاستعطاف العالم وإظهار نفسه ضحية صواريخ جيرانه الذين تنازل لهم عن جزء من أرضه ليقيموا عليها دولة ويعيشا معاً بسلام! وحاول البعض ليس الربط بين فك الارتباط وخارطة الطريق فقط بل والقرار 1559، والزعم أن بوش قد وعدهم بانسحاب العدو الصهيوني إلى حدود عام 1948 ولم يقل حدود عام 1967 علماً أنها نفس المعنى! كما أن بوش لم يَعد بانسحاب إلى حدود 1948 ولكنه أكد على استحالة الانسحاب إلى تلك الحدود بسبب الوقائع الجديدة على الأرض كما جاء في خطاب ضماناته لشارون بتاريخ 14/4/2004. أما القدس فقد كان قراري مجلس الشيوخ والكونجرس الأمريكيين عندما ناقشا خطاب ضمانات بوش لشارون الموافقة على ضمها إلى الأراضي المحتلة 1948. وذلك ربط خطير خاصة وأن القرار 1559 نص على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في المخيمات الفلسطينية بلبنان، وخارطة الطريق نصت على نزع سلاح الفصائل في الأرض المحتلة، وخطة فك الارتباط اعتبرها شارون ما على العدو من استحقاق في خارطة الطريق وأن على الفلسطينيين الوفاء بما عليهم من استحقاق ونزع سلاح المقاومة في غزة. وخارطة الطريق نصت على حل عادل للاجئين وكذلك مضمون القرار 1559، وخطة فك الارتباط هدفها إلغاء هذا الحق نهائياً. وللأسف كانت المقاومة تغط في سبات عميق منتشية بانتصاراتها العظيمة على العدو وفوزها في الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة، مغترة بقوتها التي يعمل على تضخيمها الإعلام الصهيوني والعربي على السواء، لدرجة أنها لم تستحضر عندما حدثت في رمضان/أكتوبر 2006 اشتباكات شديدة بين حركة حماس والأمن الوقائي بغزة، ما أعلنته كونداليزا رايس أثناء وبعد حرب تموز/يوليو 2006 على لبنان: أنه يجب إعادة رسم الخارطة السياسية لدول المنطقة لأنها لم توفر الأمن لكيان العدو الصهيوني! وأنه يجب توجيه سلاح المقاومة إلى الداخل بدل الخارج. إي شغل المقاومة بحروب أهلية! ولم يدركوا أنه من الخير للأمة والوطن والمقاومة ترك الحكومة التي يشتد الحصار عليها لإفشالها، والاكتفاء بفوزهم في الانتخابات التشريعية وحصولهم على الشرعية السياسية، ويحاولوا التوصل إلى صفقة ما يفرج فيها عن النواب الذين اعتقلهم الاحتلال في الضفة الغربية ودخول منظمة التحرير، وعلى معادلة ما تحكم العلاقة بينهم وبين السلطة بحيث لا يمس سلاح المقاومة، وأن يسعوا لتحقيق الإصلاح عن طريق المجلس التشريعي وسن القوانين وفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين ..إلخ، خير لهم من الوقوع في مخطط الحرب الأهلية الفلسطينية. وسرعان ما تداعت الأحداث وهم مغترين بقوتهم واختيار الجماهير لهم بفوزهم في الانتخابات التشريعية، حالمين بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية غافلين عما يخطط له العدو والأطراف الأخرى، وغالباً ساروا نحوه بإرادتهم وحدث الانقسام في 14، 15/6/2007، وأيضاً مع نشوة الانتصار الجديد لم يدركوا الخطوة الخطيرة التي أقدم عليها العدو بعد أسبوع واحد من أحداث غزة وانفراد حماس بإدارتها لتكريس الانقسام والفصل بين غزة والضفة الغربية، بإلغاء الكود الجمركي لغزة بتاريخ 21/6/2007، الذي سبق أن رفض إلغائه الراحل عرفات! في الذكرى الأولى للانقسام في حزيران/يونيو 2008 وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوة للحوار وجاءت لأول مرة بدون شروط مسبقة، رفضتها حماس وبدأت حملة تشكيك في صدق تلك الدعوة ودوافعها، وفي خط موازٍ بدأت لأول مرة منذ مرور سنة على أحداث غزة بتحويل مقار السلطة إلى مقار لحماس والحكومة في غزة! وبعد أيام من الدعوة وقعت اتفاق التهدئة بشروط مجحفة وبينها وبين العدو الصهيوني بوساطة مصرية، واعتبرته انتصار عظيم لأنه يعني اعتراف غير مباشر من العدو الصهيوني بحماس – كما قال القيادي في حماس موسى أبو مرزوق - وكأنه ليس اعتراف غير مباشر بالمقابل من حماس بالعدو؟! ولو كان لدى حماس وقادة المقاومة وي سياسي ما توقيع حماس التوقيع على اتفاق التهدئة وتركت توقيعه للسلطة، لأن الاتفاق لم يقتصر على تهدئة لأجل التهدئة كما سطحه الأمر الإعلاميين والمحللين السياسيين، ولكنه كان تهدئة مجانية مضافاً إليها التفريط بحقنا في المقاومة ضد المحتل، والتنازل عن حقنا على المحتل في توفير احتياجاتنا كأرض محتلة! وذلك هو الفارق المهم والخطير بين التهدئة التي كانت توقعها السلطة مع المحتل لإعطاء فرصة للمفاوضات السياسية علها تحقق أي تقدم إيجابي، ولا يتم فيها التفريط بأي حق لنا على المحتل (توفير الغذاء) أو حقنا في مقاومته! إضافة إلى أن مسودة التفاهمات بين الوسيط المصري والعدو الصهيوني ضمن فيها العدو في المادة العاشرة منها شرط موافقته على أي مصالحة بين السلطة وحماس! وما هي إلا شهور وأعلن العدو الصهيوني حربه الضروس على غزة نهاية عام 2008 ليثبت المكاسب العظيمة التي حققها في اتفاق التهدئة ويفرض معادلته الجديدة: الهدوء مقابل الغذاء، أي لا شرعية للمقاومة! وتجند إعلام عرابي (غزة مقبرة الدولة والقضية الفلسطينية) وشنوا حملات إعلامية على مصر لرفضها فتح معبر رفح بين غزة ومصر، وكذلك جندوا بعض المرتزقة الفلسطينيين والعرب من غوغاء السياسة والعسكر، ليضخموا انتصارات حماس والمقاومة السياسية والعسكرية، وفرضه المقاومة معادلات جديدة للصراع مع العدو الصهيوني، وينفخوا في حماس المنفوخة بلا نفخ، ليدفعوها لمزيد من غرور القوة باتجاه النهاية المحتومة! وبتاريخ 30-12-2008 ألقى الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك خطاباً رداً على حملة فتح معبر رفح، خلاصته: أن بلاده لن تفتح معبر رفح في غياب السلطة الفلسطينية ومراقبي الاتحاد الأوروبي وبالمخالفة لاتفاق العام 2005". ومبرر الموقف المصري أن الضفة وغزة أراضي محتلة. كما أن مصر لن نساهم في تكريس الانقسام (بين حماس والسلطة الفلسطينية) بفتح معبر رفح. وشدد مبارك على أن مصر ترفض الانسياق وراء (المخطط الإسرائيلي) الرامي لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وأهمية الموقف المصري بإصراره على عدم فتح المعبر وإصراره على أن غزة أرض محتلة مثلها مثل الضفة الغربية أنه يستعيد لنا حقوقنا التي فرط فيها اتفاق التهدئة بعد أن أوهمنا أنفسنا والعالم بأنها تحررت. وذلك هو الوضع القانوني الصحيح لغزة! وإذا كان الإخوة في حماس على الرغم من تلك الحرب المدمرة التي لو تعرضت لأقل منها أي ثورة أو أمة منقسمة فأنها كفيلة بإزالة جميع الخلافات ووحدة الصف ولو مؤقتاً لمواجهتها، ولحماس مثل وقدوة في موقف حزب الله مع الحكومة التي كانت تخطط مع جهات عربية وغربية لاجتثاثه من الوجود، وكيف خفف من خطابه السياسي ضدها ونسق معها إلى أن تم توقيع قرار مجلس الأمن (1701)، الذي أمن به العدو جبهته الشمالية بتجميد المقاومة بلبنان نشاطها في الجنوب اللبناني، وها هو حزب الله ملتزم به لليوم ولا يفكر في خرقه! وإذا كانوا على الرغم من الحصار رفضوا المصالحة ووقعوا تهدئة بشروط مجحفة، وعلى الرغم من الحرب المدمرة التي أدت لتثبيت التهدئة بنفس الشروط ويرفضون المصالحة، فهل بعد أن تفتح مصر معبر رفح كما تريد حماس وبعض الأنظمة العربية للبضائع وتستغني عن حاجتها للمعابر مع العدو ستتواضع شروط حماس من أجل إنجاح المصالحة الفلسطينية وإعادة الوحدة لشطري الوطن؟! إن ذلك فعلاً سيكرس الانقسام ويحقق مخططات العدو الصهيوني التي أراد تحقيقها بفك ارتباطه مع غزة من طرف واحد! وبعد الحرب بدأت حماس خطوات عملية لتكريس فصل غزة عن الضفة كان آخرها عزمها على إعلان الدكتور أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي (عزيز الدويك) المعتقل لدى العدو الصهيوني رئيساً للسلطة الفلسطينية! ولا أعلم كيف ستتحقق الوحدة بين شطري الوطن المنفصل جغرافياً، وكيف يمكن أن تدير شئون الضفة وغزة المحتلتين التي يعيث فيهما العدو وقتلاً للبشر واغتصاباً للأرض وتدميرها وتهويدها، وفي ليلة واحدة اعتقلت عام 2006 حوالي أربعين نائب من نواب المجلس التشريعي لحماس وشل عمل المجلس. وهي لم تستطيع تسيير أوضاع غزة بشكل طبيعي بعد حزيران 2007 واضطرت من أجل ذلك توقيع تلك التهدئة بشروطها الظالمة لنا، التي تثبتها العدو بحربه الجهنمية على غزة ثابتاً والمقاومة متغير؟! التاريخ: 21/12/2019خطة فك الارتباط بين الضفة وغزة