كيف يهزم الإنسان نفسه.. د. ريمه الخاني

التقطت عبر الفيس نصا صغيرا للباحث الكبير : محمد عيد خربوطلي يقول فيها:
/ مجرد رأي / ....
من رأيي أن تخصم الحكومة من راتب كل موظف مبلغا بسيطا كل شهر / ثم تعطيه في مقابل ذلك نحو عشرة كتب في كل عام / وبذلك تفرض الثقافة العلمية على جمهور الموظفين / ثم تنتقل العدوى العلمية الى أبنائهم وإخوتهم وأحفادهم والى من يتصلون بهم من كل الأجيال .
برأيي ... أن هذا الاقتراح سهل التنفيذ / فهل يمكن تنفيذه ببلادنا ...؟ ؟ ؟
كان رد المحامي سامر منصور:
اذا جاءت الكتب نتجية خصميات فسيمزقونها ويكرهونها فالموظفين ضاقوا ذرعا بالخصميات وبس بدن تجسد مادي يعبر عن خصمية ليفشو قهرن فيه.. ولكن مثلا بدال شي زيادة توزعلن كتب .. وبطن متل الوصفات الطبية لما بياخدو دوا مالن بحاجتو وببدلو من الصيدليات بشامبو ومحارم .. راح يلاقو طريقة يحولوها لمال.. وعلى العموم دخلك كتب شو بدها توزع لهم الدولة.. ناقصنا ايديولوجيا وفصام
كان ردي ببساطة:
اي خضم والراتب حالته حاله؟... نقول: وقت مستقطع في كل مؤسسة وظيفية للقراءة والنقاش ويسجل المتواجدين لأخذ المكافأة الشهرية للحضور اليومي..
**************
طبعا رأي نظري بحت...وذلك إذا عرفنا أنه مكافأة أي مجلة ثقافية على بحث تبدأ من الألف وأربعمئة ليرة سورية فقط (أجرة الطريق للحصول عليها)، صعودا للثلاث آلاف في أحسن المجلات المتواجدة والتي لاتجد قراء لها ، هي لاتعني شيئا مقارنة بالجهد والمكانة ، فأين تذهب الميزانيات؟.
قياسا كان هذا الموضوع والذي يقصد ضع نفسك حيث تريد أن يكون لك حضور قوي ولاتجعل لأحد عليك سبيلا لاترضاه:
هناك فرق مابين النظرية والتطبيق فجوة كبيرة جدا...
كنت قرأت مؤخرا كتاب: دولة الإرهاب[1] : وهو لتوماس سويرز: موسيقي وكاتب أميركي، وعضو اللجنة الاستشارية لبرنامج غزة للصحة النفسية.وكنت ذكرت تقييما عن الكتاب:
كنت قرأت الكتاب من قبل ، وعندما عدت إليه وجدت رأي صار أكثر دقة، و كأنني لم أقرأه من قبل!.فهل يتطور تفكير الإنسان فيجد مالم يجده في القراءة الأولى؟؟ نقول ربما:
مؤلف الكتاب توماس سواريز موسيقي وكاتب أميركي، وعضو اللجنة الاستشارية لبرنامج غزة للصحة النفسية.
ورغم هذا يمكننا أن نعتبر الكتاب: أن هناك تهويل للدور الصهيوني ضمنا،حتى ونشعر بهم وكأنهم من كوكب آخر..يشبه هذا ما هي عليه كتب مشابهة المفسدون في الأرض وعن طريق الخداع وغيرها...وحتى لو كان هناك جانب كبير من الحقيقة، فلندقق على تأثيرها في قارئ يعاني من هزيمة قومه مزمنة..فيصل منها إلى هزيمة شخصية، تصله من خلال عنصر الإدهاش الموجود في كتب كهذه.
استعمل المؤلف مصطلحين: الإرهاب اليهودي، والإرهاب الفلسطيني، بينما يثبت الكتاب بشكل قاطع، أن الكتاب يتكلم عن المصطلح الأول ، وكيف عملت الصهيونية بكل شراسة وحقد ليس لإزاحة السكان فقط، بل لمحوهم ومحو آثارهم، ويبين طيبة بل وضعف الجانب العربي استراتيجيا في بعض السطور، وخاصة أنه ذكر من باعهم ، وحيث لم يجدوا من يقف إلى جانبهم بصدق، مقابل التخطيط الحاقد المنقطع النظير،ورغم هذا لايمكننا التسليم بكل ماورد كواقع، مثل عملية جمع الأيتام والمكفولين تربويا، من اليهود واضطهادهم وملاحقتهم، حتى وتعذيبهم، كي لايجدون طريقا للخلاص سوى فلسطين، حتى الأرقام نشك في صحتها، وهم قلة قليلة عالميا، حتى أن المكيافيلية ومبدأ من لم يكن معي فهو ضدي، ومهنة بث الشفقة والحزن عن طريق حجة طريق الآلام، وهم من يكرسها!.
كان ذريعة لوكالات الاغتيال والنسف الخ...
***********
هو كتاب يشبه كثيرا كتابيّ: المفسدون في الأرض، وعلى سبيل الخداع..حكومات العالم الخفية الخ..
من الكتب التي يجب أن تقرأها بحذر شديد، مهما كان هدفها نظيفا، فقد يكون المؤلف نفسه غافلا عن بعض الحقائق، وذلك لأنها من خلال قراءتها من النخبة، لضخامتها ودقة محتواها واعتمادها على أسلوب السرد الروائي، واتكائها على المراجع الكثيرة والتي لاندقق فيها والتي يمكنها زرع الاندهاش ومن ثم الاختراق العقلي، ومن ثم الوقوع في مستنقهم الفكري، وهو جزء من الهدف الثقافي.
هوهدف زرع فكرة الهزيمة النفسية ، وهي سلسلة متقاربة من الكتب تزرع نفس الفكرة المحبطة، فالتهويل في كتب كهذه حتى لوفيها جانب من الحقيقة. لها هدف خاص ولم تكتب عبثا أبدا
إن هزائمنا كثيرة سببها واحد: فقدان اللحمة القوية المجتمعية والقدواتية لو جاز التعبير، فكعمل منهجي لن نجد حديثا على الأقل في القضية الفلسطينية سوى منهج واضح مجدي، لعز الدين القسام الذي لم يجد خليفة له ، كفكر مالك بن نبي الذي بقي نظريا الخ....
لذا ننصح هؤلاء، بالخروج من هذا المطب، بنقاش باحثين مختصين موضوعيين، لتعقيد الأفكار الواردة في هكذا كتب ومبالغاتها، وعدم السكوت بعد القراءة عما دخل أفكارهم، للوصول لنتيجة مفادها:
استفد من فكر الآخرين دون أن يضرك فكرهم.
حدد وجهتك الفكرية بدقة، ومذهبك الفكري بوضوح، هدفك وطموحك، طريقك، االحياتي حتى تتجنب عثرات الطريق الصعبة مهما كانت...

[1] وهو من سلسلة عالم المعرفة الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت.