خَاطِرة بَحْرية حول القَصْر والكرْوَسَانْ
بقام: عبدالحق الريكي
الأحد، الرابع من ديسمبر 2016
تخاصما تلك الليلة كما يتخاصم الجميع... في صباح الأحد فَكَّر مليًّا وقرر مُفاتحتها في الموضوع... هو وهي يُحبان البحر... اقترح عليها فطورا على صُخور بحر الرباط... كان الجو يُندر بأمطار، لكنها وافقت لأنها تعرف أن البحر سيأتي بأخبار جميلة... خرجا من المنزل وتوجها إلى أقرب "باتيسري"... اشترى لها الكروسان بالشكلاطة وعصير برتقال، أكلتها الطفولية المفضلة كما طالب قهوة حليب ليأخذها معه... البحر قريب منهم... كان البحر هادئا ذلك الأحد، بعض الشباب يلعبون مقابلة كرة القدم وشابات يمارسن الرياضة والبعض الآخر يصارع الأمواج القليلة، يمارس السورف... السماء تُنذر بمطر آت... جلسا على الصخرة وبدئا في تناول فُطور الفقراء الرومانسي... قال: أعتقد أنكِ تَعرفين كل شيء عني؟ قالت: أظن ذلك، وأعرف أنكَ رفضت اختيار طريق صديقك الذي جَعَلُوا منه برلمانيا ورئيسا وبَنَى في رمشة عبن، قصرا في أعالي الرباط... قال: تلك اختيارات وامتحانات تَعْترضُ طريقنا وعلينا الحسم فيها... هو اختار وأنا اخترت... هو في هذا الوقت الباكر لا أعرف إن كان مستيقظا أم لا وهل يتناول فطورا أميريا أم لا... ما يَهُمني هو السعادة التي أُحِس بها في هذه اللحظة معكِ ومع البحر ومع الكروسان... هو كان صديقي واختار... وأنا اخترت طريقي.. وأنتِ؟ خاصة أنكِ من عائلة ميسورة ولا أريد أن أُتْعِبُكِ معي في مشواري وطريقي واختياراتي... قالت: تَعرفُ أنني أَتَقبل كل شيء سوى الظلم والفساد ومعاناة الأطفال... وتلوث الطبيعة والأرض وعقل الإنسان... كانت كلماتها صادقة ونظراتها عميقة في اتجاه البحر الامتناهي... ابْتسمَ كما لم يفعل منذ مدة وقال لها بحنان: أُحِبُّكِ وأريد أطفالا معكِ... قالت له وهي تداعبه: أتريد أطفالا لكي تجسد فعليا انخراطك النضالي والفعلي من أجل المدرسة العمومية المجانية والفاعلة... ابتسم لها وقال: لا ونعم؟ قالت: لا ونعم؟ قال: لا، أريد أطفالا لأني أحبكِ أولا وأخيرا... ونعم، لأنني أريد أطفالا منكِ ومدرسة عمومية مجانية وعالمة لأطفالنا وكل الأطفال... أريد، وأنتِ عارفة بذلك، أن يرتفع الوعي إلى مستوى العلم... ابْتسمتْ ونَظَّفتْ المكان من حولها وقالت له: علينا العودة، ونحن نتحدث لم نبالي للشباب والشابات الذين غادروا البحر لأن السماء غائمة والمطر قادم... قال: والله، ما انْتَبهت... فنهظا يخطوان خطوات حياة جديدة، تحت زخات المطر....
بقلم: عبدالحق الريكي
(كتبت هذه الخاطرة مباشرة على هاتفي وبدون توقف وبدون مراجعة... هي خاطرة صباحية، استلهمتها من مشاهدتي شاب وشابة ذاهبان في اتجاه صخور بحر الرباط وفي يدهما علبة باتيسيري وعصير برتقال... وأنا كنت في البحر أمارس الرياضة وكان البحر هادئا والجو يوحي بمطر قريب... فتخيلت هذه الخاطرة التي أهديها لذلك الكوبل المجهول ولكل شباب وشابات وأهل بلدي الطيبون... معذرة للجميع إن كنت أتطفل على جنس حكواتي لا أُتقنه...)