منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355

    إعلانُ مبادئَ نبويّة

    إعلانُ مبادئَ نبويّة

    ما كشفته الشرعة الحنيفة من حقائق وأتت به من نصائح وتوجيهات ، غدا لدى عقلاء الناس وأفذاذهم من الأمور المسلّمات ، وفي طليعة ما ترسخ لديهم من قناعات ، ورسا في أذهانهم من بدهيات، واستقر في قلوبهم من يقينيّات .
    من ذلك ما كشفته الشرعة من حالة غدت سنة من سنن الدعوات ، مفادها : أنه لن تخمد نيران العداوة والبغضاء ، في نفوس أهل النحل الزائفة ، والملل المحرّفة ، تجاه أهل التوحيد أتباع خاتم النبوّات .
    فهذا أمر مفهوم ومن قديم الزمان معلوم ، وقد أنبأ به بلسان مسدّد ورقة بن نوفل بن أسد ، عندما قال لنبينا محمّد صلى الله عليه وسلم :
    ( إذ يخرجك قومك ) فقال صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم ؟ قال : ( نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودِي) [ متفق عليه] .
    فهي حجة دامغة تلجم كلّ من همّه أن يعكر لهذا الدّين الصفاء ، ويميّع لدى المسلمين عقيدة الولاء والبراء ، عبر تشدقه بإلغاء حالة الصراع والعداء ؛ يُخيّل إليه أنه بوسع البشرية جمعاء - على اختلاف مشاربها ، وتباين مواردها ، وتناقض مقاصدها – أن تلتقي على حالة من الوئام والصفاء ، والتناغم والانسجام ، والسّلم والمسالمة ، متجاوزاً بذا الحقيقة التي سطرها المولى في كتابه ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) [ سورة البقرة120] وما كشفه عز وجل في محكم آياته ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) [ سورة البقرة217] أو تقطع فريق منهم في معاداة أوليائه (ولتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) [ سورة المائدة51 ]، وما يخالج صدور العدو من قبيح أمنياته ( ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً) [ سورة النساء 89 ]وقوله تعالى (إنْ يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودّوا لو تكفرون ) ( الممتحنة 2 )

    في ضوء ذلك فما ظنّ منْ يريد أن يلغي حالة الصراع بين المسلمين المستضعفين في الأرض وبين قوى البغي والاستكبار المغتصبين المعتدين ؟! سواء ألبس دعواه لُبوس الدّين ، أم سربلها بخلاف ذلك ممّا تزينه الشياطين ! في حين تجد المصطفى صلى الله عليه وسلم وبلسان عربي مبين يرسم طريق النجاة لعباد الله المؤمنين ، إن في دنياهم أو في أخراهم ، فتراه يجيب من سأله عن الفرقة الناجية بقوله: ( ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) أخرجه [ الإمام أحمد في مسنده 2 /332 والترمذي في سننه وقال حسن صحيح ، والحاكم في مستدركه (1/128) وقال : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وابن عساكر في تاريخ دمشق ( 11480 ) والشاطبيّ في الإعتصام (2/162)
    ]
    فلم يُدرج المصطفى صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية تحت مسمّى معين تحتكر فيه ، لا احتكاراً جغرافياً ولا تاريخيّاً ولا قوميّاً ولا عرقيّاً إنما أحال السائل إلى المنهج الذي يتوجب الاستمساك به والانخراط فيه، ليعصم صاحبه من الضلالة والتيه..
    فما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شتى أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم يُعدّ سبيلا للإنقاذ لمن لجأ إليه ولاذ ، وممّا كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ، جملة من المبادئ والتشريعات، تنوّر طريقنا في خضم معركتنا مع عدوّنا الطامع في اغتصاب أرضنا أو تقسيمها ، السّاعي إلى تفتيت وحدتنا وشقّ صفّنا وتمزيق كلمتنا ، ونحاجّ بها من زجّ نفسه في دائرة الأوهام ، ولكلّ مقام يواجه أهل الإسلام في غضون ممانعتهم ومراغمتهم لعدوّهم ، وثباتهم على مبادئهم ، واستمساكهم بعرى دينهم ، فلنبيّنا صلى الله عليه وسلم عنده وقفة ، وله فيه مقال :
    ففي مقام استنصاح المشركين :
    قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تستضيئوا بنار المشركين) [ أحمد، المسند3/99 ] أي ( لا تشاوروهم في شيء من أموركم ) [ أحكام القران لابن عربي 1/ 296 ] فقد ( شبّه الاسترشاد بالرأي بالاستضواء بالنار إذ كان فعله كفعلها في تبيين المبهم وتنوير المظلم ) [ النهاية في غريب الحديث لابن الأثير3/105 ] .

    وفي مقام التواطؤ معهم :
    قال
    صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ جاء مع المشرك وسكن معه فانه مثله ) [سنن أبي داود والترمذي ] قوله: ( من جاء مع المشرك ) أي( أتى معه مناصراً وظهيراً له) [ عون المعبود للمباركفوري 7/478 ] يسانده ويحالفه ويظاهره ويناصره ضدّ أمّة الإسلام ، سواء أكانت المناصرة فكريّة أم سياسيّة أم اقتصاديّة أم أمنية أم ماديّة، أم إعلامية وما سواها من وجوه المناصرة والنّصرة ...
    وفي مقام استعمال المشركين :
    قال
    صلى الله عليه وسلم : ( إنّ قوماً كانوا أهل ضعف ومسكنة قاتلهم أهل تجبر وعداء ، فأظهر الله أهل الضعف عليهم ، فعمدوا إلى عدوّهم فاستعملوهم وسلّطوهم ، فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه ) [ الإمام أحمد ، المسند5/407 ، وابن أبي شيبة في مصنّفه 38200 ، والبوصيري في زوائد المسانيد العشرة 578
    ]
    فإذا كانت هذه حال من يستعملهم فكيف تكون حال من استحال أداة طيّعة في أيديهم؟ سواءً أكان أداة فكريّة تنفث سمومها لتشكيك المؤمنين بعقيدتهم ، وزعزعة ثقتهم بتعاليم دينهم ، وبلبلة صفاء فكرهم ، من طرف خفيّ أو جليّ ! أو استحال أداة قمعيّة تولغ في دمائهم وتثب على حرماتهم وأعراضهم وتدنّس مقدّساتهم !
    وفي مقام ترسيخ الولاية بين أهل الإيمان والبراءة من أتباع الشيطان والطغيان :
    قال
    صلى الله عليه وسلم: ( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله ) [ الطبراني في المعجم الكبير2/480 وصححه الحاكم ] .
    وفي مقام نصرة المؤمنين وعدم خذلانهم وإسلامهم للمتربّصين والباغين :
    قال
    صلى الله عليه وسلم: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلمه ) [ متفق عليه ]، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وما من امرئ مسلم ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ) [ أخرجه أبو داود في سننه ].
    وفي مقام حصر المحبة في صفوف المؤمنين ، وحجبها عن أعداء الملّة والدّين :
    قال
    صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أحبّ لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ) [ أخرجه أبو داود في سننه ] ومن الثلاثة التي أقسم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا يحبّ رجلٌ قوماً إلا كان معهم أو منهم) [ أخرجه الحاكم في مستدركه ].
    وفي مقام مكاشفة الظالمين للانتصاف للمظلومين ؛ ككفّ أيديهم عن ملاحقة الأحرار ومطاردة الأخيار، ومحاصرة المرابطين الأبرار قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا رأيت أمتي تهاب فلا تقول للظالم يا ظالم فقد تُودّع منهم ) [ الإمام أحمد ، المسند 2/190 ] .
    وفي مقام تحصين الجبهة الداخلية واستدرار تكاتفها وتساندها وتكافلها ورصّ صفوفها في وجه عدوّها :
    قال
    صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [ متفق عليه ].
    فهذه جملة من الثوابت والمبادئ كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فإن نحن تشبثنا بها وعضضنا عليها بالنواجذ ، ستظل تهدي خطانا في خضم صراعنا مع أعدائنا للتي هي أقوم ، وتدفع بنا في مواقفنا للتي هي أحكم ، وفي آخرتنا تسوقنا بإذن الله مولانا للتي هي أسلم وأنعم .
    في حين إنْ بدّلنا وغيّرنا وتثاقلنا أن نخرج على الناس بمثل ما خرج به عليهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم ، فتخلينا عن نصرة أبناء ملّتنا ، وتخلّينا عن رفع المظالم عنهم ، والأخذ على أيدي ظلمتهم ، وحقن دمائهم ، وصون حرماتهم ، كتخاذل أمّة الإسلام تجاه أهل فلسطين والشام ، ولربما قبلنا بصمتنا التآمر عليهم بذريعة عدم استفزازهم – أي الأعداء- وإثارة حفيظتهم واضرام نار عداوتهم ، فسيكون موقف عدوّنا منا ومنهم أطغى وأظلم ، وأنكى وأشأم .
    إذا تقرّر ذلك فأيّ المبادئ أحقّ أن تتبع ، وبها يُصدع ، وعليها يُلتقى ويُجتمع ؟ تلكم المبادئ التي أعلنها المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم أم تلكم التي تملى علينا بكرة وأصيلا وفي كلّ حين ؟ تريدنا أن نؤمن ونصافي فضلا عن أن نسلّم ونسالم ، مَنْ طوّقت أعناقهم لأبناء ملّتنا بمظالم ، من تدنيس مقدسات وتغيير معالم ، وسفك دماء وانتهاك محارم، ومَنْ صفحات سجلاتهم بحقّ البشرية جمعاء تعج بالمظالم والمآثم ؟!
    فهل من إيمان مثل إيمان محمّد صلى الله عليه وسلم وصحبه ، ليهتدي كلّ منا فيستقيم في دربه ، ويبقى سائراً في مرضاة ربّه ، مرابطاً في معسكر التوحيد وحزبه ، مؤتمنا على قضايا أمته وحمى وطنه ودماء شعبه ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا)[ سورة البقرة 137] إهتدوا في كل ميدان يقارعون فيه الطغيان ، ويبنون فيه مجدهم ، ويعزّون فيه أنفسهم وأمتهم (وإنْ تولوا) عن مثل ما كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام المجاهدون (فإنما هم في شقاق) سيشيع بينهم التنازع والشقاق ، ويحل بساحتهم الانقسام والانشقاق ، لتغشاهم بذا مذلة ، وترتسم عليهم ذلة ، تلازمهم في الحياة الدنيا ويوم التلاق ... رحماك ربّي رحماك !

  2. #2
    اعجبني هذا المقال , سلمت يا أخي , وبارك الله بك , هذا هو قول الحق الظاهر , أشكرك وجزاك الله خيرا

  3. #3
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غالب الغول مشاهدة المشاركة
    اعجبني هذا المقال , سلمت يا أخي , وبارك الله بك , هذا هو قول الحق الظاهر , أشكرك وجزاك الله خيرا
    سلّمت وغنِمْت أخي الحبيب ( غالب الغول )
    سعيدٌ بمتابعتك

  4. #4
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497
    كان ولازال الإسلام راية خفاقة في القلوب والعقول لمن يفهم ويدرك الغاية ومغزى العمل الرسالي في الإسلام.
    دكتور لك خير السلامات.
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •