اللاجئون الفلسطينيون في مخيم الوليد على الحدود العراقية من جحيم المخيمات الصحراوية إلى سعير المجهول
تقرير صحفي للنشر

خاص
واجب ألم الغربة والتهجير ومعاناة اللجوء لم تشفع لهم، فلسطينيو العراق الذين تلاطمتهم أمواج التشرد واللجوء واقتلعتهم من وطنهم الأم فلسطين، قذفت بهم إلى بلاد الرافدين التي ظنوا أنهم وجدوا فيها محطة آمنة للانتظار ريثما يعودون إلى ديارهم، لكن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق كانت لهم بالمرصاد فعانوا من ويلاتها الكثير الكثير حيث تعرضوا لأبشع أنواع الجرائم والقتل والاضطهاد على أيدي قوى طائفية هدفها النيل منهم، وذنبهم الوحيد في ذلك أنهم فلسطينيون غير مرغوب بهم أينما وجدوا، وكأنه لا يكفيهم ما حل بهم من تهجير وتنكيل وقتل على يد الكيان الصهيوني الذي شردهم إلى كافة أصقاع الأرض فأصبحوا لاجئين فيها لا حول ولا قوة لهم. لم تقف هذه المأساة عند حدود القهر و المعاناة التي وجدها اللاجئ الفلسطيني داخل العراق بل تعدى ذلك إلى إجبار آلاف الأسر منهم على مغادرة العراق والالتجاء إلى الحدود العربية، فعاشوا في صحرائها بعد أن لفظتهم دولها مجبرين مكرهين بمخيمات انعدمت فيها أدنى متطلبات الإنسانية، تعرضوا هناك لقر الشتاء وقيظ الصيف ولم يكن من حامي لهم بعد الله إلا تلك الخيمة التي باتت السمة الأساسية المرافقة للشعب الفلسطيني، وكأنهم بذلك يريدون لهذا الشعب أن يعيش حياة ذل وهوان لتمرير مخططاتهم التوطينية وإجبارهم على نسيان فلسطين والقبول بأي حل دونها. وبناء على ذلك خططوا للمرحلة الثالثة وليست الأخيرة من ترانسفير الشعب الفلسطيني وهي تشتيتهم وتوزيعهم على جهات الأرض الأربع، فقامت المنظمات الدولية وعلى رأسها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالبحث عن دول لاستقبال هؤلاء اللاجئين وكان لها ذلك.وبناء عليه قررت مفوضية شؤون اللاجئين إخلاء و إغلاق مخيم الوليد و ترحيل من بقي فيه بعد التلويح باستخدام القوة ضد من يرفض ذلك علما ً أن هذا المخيم قد أقيم نهاية 2006 في صحراء الأنبار العراقية عندما غادرت مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين بغرض الانضمام إلى إخوانهم في مخيم التنف بعد تلقيهم رسائل التهديد بالقتل، إلا أنهم منعوا من ذلك واستمر نزوح الفلسطينيين إلى هذا المخيم حتى وصلت أعدادهم إلى أكثر من 2000 لاجئ، بعدها ذلك تم ترحيل البعض منهم إلى العديد من الدول الأوربية بغية إعادة توطينهم. رفض اللاجئون الفلسطينيون القرار والتهديد وقرروا عدم مغادرة مخيم الوليد والبقاء فيه على الأقل لضمان حقوقهم وأمنهم، لذلك بعثوا برسالة إلى مفوضية شؤون اللاجئين السامية لإبلاغها إن قرار اللاجئين الفلسطينيين بالبقاء في المخيم جاء نتيجة تحمل خمس سنوات من المعاناة في الصحراء, وكذلك جاء كنتيجة لظلم المفوضية وتعاملها اللاعادل معهم وعدم التزامها بقرارات جنيف والمواثيق التي تم على أساسها إنشاء المفوضية السامية، كما إنهم يصرون على "حق إعادة التوطين" المكفول لهم حسب قرارات المفوضية وعدم التنازل عنه، وأكد اللاجئون إصرارهم على حق لمّ الشمل مع عوائلهم في الدول الأخرى التي وطّنت جزء من العوائل المتبقية في مخيم الوليد. وتجدر الإشارة أن اللاجئين الفلسطينيين قد تلقوا وعوداً كثيرة بعدم إبقائهم في العراق بسبب تعرضهم للاستهداف والاضطهاد والقتل والتشريد. أما الآن فهم يتلقون تهديد صريح باستخدام القوه ضدهم لإبقائهم في العراق. وإن كل ما يحدث الآن حسب نص الرسالة هو خارج عن الأطر القانونية والإنسانية والأخلاقية, حيث لا يسمح لأي وسيلة إعلامية بالدخول للمخيم لمعرفة أحوال اللاجئين وعرضها في الإعلام المحلي والعربي والدولي, وهذا المنع صادر من المفوضية السامية بصورة مباشرة حتى لا تنكشف ألاعيبهم وتجاوزاتهم وعدم شرعية قراراتهم في التعامل معهم. وأمام هذه الأحداث التي يتعرض لها اللاجئ الفلسطيني من معاملات لا إنسانية وانتهاكات عنصرية وتشتيت وشظف في العيش، تبرز هنا علامات استفهام وتساؤلات كبيرة حول حقيقة هدف هذه المنظمات الدولية وعلى رأسها المفوضية السامية أهو إنهاء معاناة اللاجئ أم أن هدفها إغلاق المخيمات بغض النظر عن مستقبل اللاجئين. الجدير ذكره أن معظم فلسطينيي العراق وبعد الأحداث الدامية التي شهدها هذا القطر هجروا إلى أربعة مخيمات، تم إغلاق اثنين منها (الرويشد والتنف) حيث تم إعادة تهجير سكانهما إلى المنافي البعيدة مثل التشيلي والبرازيل وكندا وأمريكا ودول أوروبا ومنها إيطاليا. إن إغلاق المخيمين وإعادة ترحيل من كان فيهما من لاجئين لم ينه المعاناة، فكلنا يعلم مشكلة اللاجئين في البرازيل و قبرص و ما يعانيه اللاجئ الفلسطيني اليوم في ايطاليا و التقصير في تقديم الحماية القانونية التي نصت عليها اتفاقية اللاجئين لعام 1951، كل هذا يضعنا أمام سؤالين الأول للمفوضية السامية لماذا اللاجئ الفلسطيني دون غيره؟ أما الثاني موجه لمن بقي في مخيمي الهول والوليد من اللاجئين الفلسطينيين:
أتؤثرن البقاء في جحيم المخيم أم الذهاب إلى سعير الترحيل الجديد؟ أم تستوي عندكم الحلول؟