فرضتها ظروف الفقر ومحدودية الدخلرفح-صفا لجأ بعض المواطنين في قطاع غزة -لاسيما الشباب المقبلون على الزواج وذوي الدخل المحدود- في الآونة الأخيرة إلى تصميم وصناعة أطقم كنب فاخرة من الأخشاب والجالونات البالية.
أطقم كنب فاخرة في غزة من "الخردة " !
وبدأ المواطنون يتداولون هذه الصناعة التي تحتاج فقط آلات بسيطة متوفرة في متناول كل مواطن، وبتكلفة متواضعة تُتيح لأي إنسان وإن كان وضعه المادي ضعيف صناعتها أو شراءها.
الشاب رامي (24 عاماً) من سكان مدينة خان يونس متزوج منذ عام وأب لطفلة، لم يسمح له وضعه المادي الضعيف بإكمال بناء شقته السكنية وتوفير كافة احتياجاتها من أثاث وأبواب ونوافذ، عدا نصف الشقة الآخر الذي تركه دون بناء، غير أنه وجد من البدائل ما يمكن أن يسد الثغرة إلى حين ميسرة.
وارتفعت نسب الفقر في المجتمع الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، والذي فرضت "إسرائيل" منذ حوالي 4 أعوام عليه حصاراً مُحكماً، تمنع بموجبه دخول أو خروج المواد الأساسية للسكان، وفي مقدمتها مستلزمات البناء والموبيليات.
ويقول رامي أثناء انشغاله بتجميع بعض الأخشاب البالية المتواجدة لديه في البيت بشكل متقن ومنظم "إنه شاهد أحد أقربائه وقد صمم طقم كنب مميز الشكل ويتسع لعدد كبير من الأشخاص وبتكلفه بسيطة وبأدوات متوفرة لديه"، الطقم يكلف من 250-800 شيكل (صفا) مما حدا به لتقليده وتصميم طقم على غراره يدوياً.فكرة وعمل وإنجاز
ويضيف رامي الذي يتقاضى راتباً لا يتعدى ألف شيكل لـ مراسل "صفا" "بعدما اقتنعت بالفكرة بدأت بالعمل عليها مباشرة، حيث جمعت كافة الأخشاب غير المستخدمة في البيت –الخردة- وأحضرت عدداً من المسامير ومنشار خشب ومطرقة، وباشرت العمل بتجميع قطع الخشب وتصميمها بأشكال مختلفة ومتقنة لتخرج في النهاية بشكل فريد وجذاب".
ويوضح أنه بعد الانتهاء من تجميع الخشب يضع قطعا من الخشب المعروف بـ "الأبلكاج" كغطاء خارجي للخشب بكافة الاتجاهات، وبعد ذلك يغطيه بقطع قماش خارجية ثمن المتر منها 15 شيكل، لافتاً إلى أنه اشترى قطعا ثمنها 100 شيكل تكفي الطقم كله، وشرع بلصقها بدباسة يدوية على الخشب.
ويتابع "عند الانتهاء من وضع القُماش، أضع الفرشة "الضغط" والتي تبلغ سُمك الفرشة الواحدة 10سم، وفوقها بعض المخدات بنفس لون الفراش والقماش ليكتمل الطقم بشكل مميز ومتناسق".
وأكمل "من ثم قمت بشراء ثلاث قطع زجاج مزخرف سمك القطة 6ملم، وضعت قطعة على الطاولة التي تتوسط الطقم وعليها ورود وزهور، وقطعتين على طاولات صغيرة بجانب الكنب صممتها من جالونات متواجدة بداخلها مادة البوهية الكيمائية وكسوتها بالقماش".
ولم تتعدَّ تكلفة الطقم الذي تم تشكيله في غضون يومين 270 شيكلا لتوفر المواد المستخدمة في الصناعة لديه والفراش، لافتا إلى أن الطقم يتسع لـ 12 شخصاً، وفي حال عدم توفرها يتعدى ثمن الطقم الـ 500 شيكل، مبدياً استعداده لصناعة أي طقم لمن أراد، حسب تقديره.
ونال الطقم إعجاب زوجة رامي وذويها وذويه وأقربائه وأصدقائه، كما قال، حيث لم يصدقوا بأنه صُنع من الخشب البالي والجالونات التي كانت ستلقى في حاوية النفايات.!
الشاب إبراهيم (21 عاماً) والمتزوج منذ عام والأب لطفل، يقول: "وقفت حائراً أثناء تجهيز شقتي تمهيداً للزواج في كيفية توفير فراش أو طقم كنب لغرفة الضيوف، فاستذكرت طقم كنب شاهدته عند صديقي جميل الشكل وبتكلفة بسيطة، فباشرت بتقليده".توفير مال
ويعيش إبراهيم داخل شقة سكنية من "الإسبست" لا تتعدى مساحتها 140 متراً، طقم الكنب صنع من الخشب المستخدم في البناء (صفا) وينقصها العديد من المستلزمات المطلوبة لأي شقة سكنية جديدة.
ويلفت إلى أنّ الطقم خرج في غضون يومين بشكل جميل لم يتوقعه، ونال إعجاب الجميع، مشيرا إلى أنه يتسع لـ 24 شخصاً لأنه يتكون من 6 فرشات تسع الفرشة الواحدة 4 أشخاص، وبتكلفة تُقدر بحوالي 8 شيكل، كما قال.
أما الشاب رشيد (22 عاماً) والمتزوج منذ عام ولا مصدر دخل له، فلم تكن الأسباب التي دفعته لصناعة طقم كنب بديل تختلف عمن سبقوه، بعد أن شاهد طقم كنب مصنوع يدوياً عند شقيقته، ليقوم مباشرة بصناعة طقم مماثل له لعجزة عن توفير مبلغ مالي يفي طقم كنب مستورد خارجياً.
ويّبين رشيد أن تكلفة الطقم لا تتعدى الـ800شيكل، حيث قام بجلب قطعة قماش وبعض الأخشاب المستخدمة وغير المستعملة، وباشر بعد ذلك بصناعة الطقم،الذي خرج في المُحصلة بشكل مميز ورائع.
واشتكى رشيد من مشقة وصعوبات واجهته أثناء العمل، كونه يُصنع يدوياً وبأدوات بسيطة، لافتا إلى أن الصعوبة تكمن في التصميم والشكل الذي سيتخذه الطقم.
من جانبه، قال وليد وافي صاحب محل وافي للمفروشات: " إن الاحتلال الإسرائيلي يمنع مُنذ فرض الحصار على غزة إدخال الأخشاب والموبيليات عبر المعابر التجارية، الاحتلال سمح مؤخراً بدخول الأخشاب إلى غزة (صفا) مما أدى لارتفاع أسعار أطقم الكنب بشكل غير مسبوق الأمر الذي أدى لقلة الإقبال على شرائها".أسعار باهظة
ويضف وافي لـ"صفا" أن "سعر طقم النظام الصيني ارتفع لـ 3500 شيكل والنظام الأمريكي 4500 شيكل، والنظام العادي أو المعروف بـ"النظارة" بـ 3 آلاف شيكل".
ويوضح أنَّ ارتفاع ثمن الكنب أثر على الحركة الشرائية التي انخفضت لأقل من 60%، مما قلَّص من نسبة صناعتنا له نتيجة قلة الطلب، "لكن الحركة الشرائية بدأت تعود مؤخراً بشكل مقبول، نتيجة لسماح إسرائيل بدخول كميات قليلة من الموبيليات لغزة".
http://www.safa.ps/ara/index.php?act...ail&seid=34197