منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    نشأة السوسيولوجيا الفرنسية

    نشأة السوسيولوجيا الفرنسية


    في نهاية القرن 19 أصبحت العلوم الإنسانية احترافية، وقد ساهم في ذلك السياق السياسي. والسوسيولوجيا نموذج جيد يجسد صيرورة استقلال وتأسيس المعرفة.

    فأين يبدأ تاريخ علوم الإنسانية؟

    تقدم المؤلفات بهذا الشأن أجوبة متنوعة حسب المؤلفين، البعض منهم يعتبر أن العلوم الإنسانية ظهرت منذ فترة ما قبل التاريخ، حيث أن الفلاسفة الإغريق ... قدموا نظريات حول الإنسان والمجتمعات الإنسانية. وفي هذا السياق نجد العديد من مؤلفات تاريخ السوسيولوجيا أو السيكولوجيا تخصص فصولا لأفلاطون وأرسطو، كما نجد بعض مؤلفات التاريخ والجغرافيا تفرد للكلام عن هيرودوت حيزا وافرا.
    لكن مثل هذا التصور لتاريخ العلوم الإنسانية يثير جملة من الاعتراضات، أبرزها أنه تصور ذو نزعة مركزية. أوروبية. فما مبرر الاهتمام بمرحلة ما قبل التاريخ الإغريقي؟ مع أن البابليين، والمصريين، والانكا، خلفوا بدورهم وثائق تشهد على اهتماماتهم بالجغرافيا، والاقتصاد، وحتى بما يمكن تسميته بالعلوم السياسية (فن الحكم، الدبلوماسية، الحرب ...)
    وبتعميق الفكرة قليلا، لم لا نعتبر العلوم الإنسانية قديمة قدم الإنسانية نفسها؟ ذلك أنه إذا كان المعيار الوحيد هو وجود تفكير لدى الإنسان حول ذاته ، فمن البديهي أن مثل هذا التفكير كان موجودا منذ القديم . ألا نجد في الميثولوجيات المسماة "بدائية" أفكارا قوية حول الحياة الإنسانية؟ مثل هذا الموقف يقود ، كما نلاحظ ، إلى إذابة خصوصية العلوم الإنسانية، داخل التاريخ العام للتفكير، فنحن نفضل إذن موقفا تاريخيا آخر، لا يغفل داخل عبارة "العلوم الإنسانية" هناك أولا كلمة "علم" والتي تستلزم إعطاءها تعريفا.

    فما هو العلم، وإن كان إنسانيا؟

    دون استعادة ولا مناقشة كل النظريات التي تقترح تعريفا للنشاط العلمي، سوف نعتمد من أجل تمييز التفكير العلمي، عن باقي تجليات الفكر الإنساني، على معيارين:

    -المعيار الأول هو المعيار الفكري، ذلك أن النشاط العلمي يقتضي وجود أفراد يتخصصون في دراسة بعض المشكلات، ينسقون الملاحظات، يطبقون المناهج من أجل الاستنتاج والتصنيف، والتحقق من هذه الملاحظات... إلى آخره وإجمالا يبدو أن النشاط العلمي يستلزم مزاولة شكل من العقلانية الخاصة. غير أن هذا المعيار الأول ليس كافيا بالفعل.

    -المعيار الثاني (الذي يتم إغفاله في اغلب الحالات) ليس معيارا فكريا ولكنه اجتماعي: فالنشاط العلمي هو بالأساس نشاط يمارس جماعيا. وهذا يقتضي بالفعل أن الأفراد الذين يمارسونه في وقت معين. يتسلحون بقواعد يمارسونها بشكل مشترك، بغاية مقارنة ومقابلة أعمالهم (على الأقل من خلال القراءة المتبادلة). فهذه القواعد يمكن أن تظل غير منظمة Informelles جزئيا. وبإمكان هذه الجماعات أن لا تملك موقعا محددا (من الممكن على سبيل المثال لمجموعة من الأشخاص أن تتحاور من دول مختلفة). ورغم ذلك فإن إحدى أحسن العلاقات من أجل إخراج هذا النشاط للعلن هو خلق أماكن خاصة لممارسة النشاط العلمي: المجلات والجمعيات العلمية بشكل خاص.

    وقد اجتمع هذان الشرطان بشكل أساسي في التاريخ الغربي ابتداء من القرن 18، وبدءا من هذا التاريخ تطورت الأدوات الفكرية، وتقعدت (بل إنها أصبحت عالمية) نجد من ضمنها داخل العلوم الإنسانية على سبيل المثال: الأدوات الإحصائية في الديموغرافية، البحث عن القوانين في الاقتصاد، التصنيفات في الانثروبولوجيا، كما تعددت الجمعيات الاجتماعية المخصصة للعلوم الإنسانية فقط، فعملت على إنشاء مؤسسات، كالجمعيات العلمية، والمجلات ... وتمكنت فيما بعد من تلقين علومها داخل الجامعات والمؤسسات العلمية المشابهة لها (الأكاديميات، المدارس الكبرى ...)
    هذه الحركية التي انطلقت بوضوح منذ القرن 18، تطورت بالفعل في القرن 19، وهذه الحقبة الثورية هامة ضمن الذي حددناه، حيث نجد جمعيات علمية (مثلا جمعية ملاحظي الإنسان في باريس société des observateurs de l'homme à paris، فضلا عن نشر بعض المجلات.
    كما أن السياق السياسي لعب بدوره دورا محركا هاما جدا. ذلك أن قيام الجمهورية الفرنسية تم اعتباره انتصارا للعقلانية على الظلامية. وكرس علماء الاقتصاد، والديموغرافيون (المتسلحون بإحصائيات متطورة أكثر فأكثر) فكرة أن المجتمعات الإنسانية محكومة "بقوانين" شانها في ذلك شأن كل ما يوجد في "الطبيعة" وهكذا شهد القرن 19 تطور هذه الحركية بدرجات وإيقاعات مختلفة عبر مختلف الدول الأوروبية. وعلى هذا النحو عرفت نهاية القرن 19 تتويج الطابع الاحترافي للعلوم الإنسانية. وكانت في الغالب هي المحددة لأطر النمو الجامعي في القرن الموالي.

    التحول المؤسساتي للعصر الذهبي:

    لقد ساعد على الاستقلالية النموذجية للعلوم الإنسانية بشكل كبير الاستقلالية الجامعية لهذه المعارف.
    يكفي أن نشير أولا إلى تأسيس (المدرسة التطبيقية للدراسات العليا) في نهاية الإمبراطورية الثانية سنة 1864، وكانت هذه المؤسسة تجمع في الأصل بين أربعة فروع الرابعة منها تهم العلوم الإنسانية: فرع العلوم التاريخية والفيلولوجية. وفي سنة 1885 نشأ فرع خامس يخص العلوم الدينية (وهو الفرع الذي سيلعب دوار هاما في مجموعة دور كايم). وفي ما بعد سيحقق الاقتصاد السياسي استقلاله داخل كليات الحقوق، وفي النهاية سيلعب لوي ليارد Louis liard مدير الدراسات العليا بدءا من سنة 1884 إلى سنة 1902، دورا أساسيا سيسمح بتطور العلوم الإنسانية داخل كليات الآداب. وثمة حدثان بارزان حصلا خلال هذه الفترة، ويتعلق الأمر بخلق درس لعلم النفس سنة 1885 من طرف تيودور ريبو بباريس، ثم خلق درس لعلم الاجتماع سنة 1887 من طرف اميل دور كايم ببوردو.
    حركية النمو والتعدد المؤسساتي سوف تؤدي بسرعة إلى حركية احترافية، و"تخصصية" والتي عبر عنها بالخصوص ظهور مجلات جديدة. فإلى جانب المجلات العامة، والتي تستقبل نصوصا لمؤلفين دوي وضعيات جد مختلفة، انضافت إليها أو عوضتها مجلات متخصصة يعمل داخلها بالخصوص أساتذة جامعيون: المجلة التاريخية سنة 1876، مجلة تاريخ الأديان سنة 1880، مجلة الاثنوغرافيا سنة 1882 سجلات الانتروبولوجيا الإجرامية سنة 1886، مجلة الاقتصاد السياسي سنة 1887، حوليات الجغرافيا سنة 1891 المجلة الدولية للسوسيولوجيا سنة 1893، السنة السيكولوجية 1894، السنة السوسيولوجية سنة 1898 مجلة التاريخ الحديث والمعاصر سنة 1899، جريدة علم النفس العادي والمرضي سنة 1904... الخ.
    فهذه الحركية كانت عامة إذن وفي نفس الآن لعب السياق السياسي بدوره في بعض الحالات دورا هاما في نمو بعض التخصصات، كما هو الشأن بالنسبة لعم الاجتماع الذي نشأ على المستوى الجامعي إبان الجمهورية الثالثة.

    )يتبع (

    المؤلف: لوران موكييلي

    ترجمة

    حسن لشهب

  2. #2

    رد: نشأة السوسيولوجيا الفرنسية

    أصبحت العلوم الإنسانية احترافية،


    فهذه الحركية كانت عامة إذن وفي نفس الآن لعب السياق السياسي بدوره في بعض الحالات دورا هاما في نمو بعض التخصصات، كما هو الشأن بالنسبة لعم الاجتماع الذي نشأ على المستوى الجامعي إبان الجمهورية الثالثة


    وبتعميق الفكرة قليلا، لم لا نعتبر العلوم الإنسانية قديمة قدم الإنسانية نفسها؟ ذلك أنه إذا كان المعيار الوحيد هو وجود تفكير لدى الإنسان حول ذاته ، فمن البديهي أن مثل هذا التفكير كان موجودا منذ القديم . ألا نجد في الميثولوجيات المسماة "بدائية" أفكارا قوية حول الحياة الإنسانية؟ مثل هذا الموقف يقود ، كما نلاحظ ، إلى إذابة خصوصية العلوم الإنسانية، داخل التاريخ العام للتفكير، فنحن نفضل إذن موقفا تاريخيا آخر، لا يغفل داخل عبارة "العلوم الإنسانية" هناك أولا كلمة "علم" والتي تستلزم إعطاءها تعريفا.



    فهذه الحركية كانت عامة إذن وفي نفس الآن لعب السياق السياسي بدوره في بعض الحالات دورا هاما في نمو بعض التخصصات، كما هو الشأن بالنسبة لعم الاجتماع الذي نشأ على المستوى الجامعي إبان الجمهورية الثالثة



    نتابع معك وتثبيت
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: نشأة السوسيولوجيا الفرنسية

    شكرا للمرور والمتابعة سيدتي الكريمة

  4. #4

    رد: نشأة السوسيولوجيا الفرنسية

    رغم ان الموضوع فلسفي خلص وصعب إلا انني سأحجز مقعدا لي هنا
    وفقك الله
    أسامة
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

المواضيع المتشابهه

  1. إلى أين وصلت هذا اليوم؟
    بواسطة مالك الصمادي في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-21-2012, 04:58 PM
  2. متى نشأت اللغة العبرية؟
    بواسطة بنان دركل في المنتدى ركن اللغة العبريه
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 06-07-2011, 01:42 PM
  3. دير ياسين وصمة عار في سجل الإنسانية
    بواسطة وفاء الزاغة في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-26-2011, 11:08 PM
  4. نشأة السوسيولوجيا الفرنسية
    بواسطة حسن لشهب في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 11-13-2010, 08:34 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •