جدليّة اللّغة و الفكر سلامةً و سقامةً.
1- تأخذ السّوائل أشكال الأواني الّتي تحتويها، و اللّغة وعاء الفكر و إناؤه فهو يأخذ شكلها استقامة و اعوجاجا، فمن استقامت لغته استقام فكره و من اعوجت لغته اعوج فكره بقدرها، فاللغة مجموعة من القوالب تحمل دلالات و هذه الدلالات تأتي في أنساق معبرة عن الفكر في بيئة ثقافية ما تفهمها.
2- هذه قناعتي و هذا اعتقادي و عندما أقول "اللغة" لا أعني شكلها الخارجي من رسم و إملاء و صرف و نحو فقط بل تحريرا و تحبيرا و تصويرا و تعبيرا كذلك و إنما أعني هذا كله إضافة إلى مضمونها الداخلي و هو ما يقصد إليه من أغراض التعبير عن الفكر المختلفة و هو فحوى الخطاب أو مفهومه، و هذا ما تتناوله علوم البلاغة كعلم المعاني و علم البيان و علم البديع الذي يهتم بتنميق الخطاب فنيا أو جماليا، فاللغة إذن كل متماسك فهي كلمات أي قوالب تضم معاني أي دلالات هي المقصودة بالتعبير لفظا أو كتابة.
3- و بناءً على ما تقدم يمكننا الحكم إيجابا و سلبا على كتابة ما بملاحظة شكلها الخارجي ابتداءً من الرسم و الإملاء إلى الصياغة النهائية المعبرة عن فكر الكاتب أو المتحدث، أو فكره المستبطن و من ثمة الحكم على شخصية هذا المتحدث أو ذاك الكاتب و بقدر نقص اللغة، لغة المُخاطِب، ينقص الفكر و إذا ربت اللغة و زكت ربا فكره و زكا في ترابط حقيقي.
5- فاللغة و الفكر يترابطان بجدلية صارمة من حيث السلامة و السقامة في البيئة الثقافية المعبر عنها أو فيها بلغة تلك البيئة فمن أرد أن يستع فكره فعليه بتوسيع لغته لفظا و معنى.
6- و لعل في فنيات النقد الأدبي المؤسس على تحليل الخطاب المكتوب و الملفوظ ما يساعد على إدراك ما أقصده من حديثي النظري هذا، و للحديث بيقة - إن شاء الله تعالى - و آمل ألا يبخل علي الأساتيذ الفضلاء بآرائهم و إضافاتهم إثراءً للموضوع و لهم مني جزيل الشكر سلفا.
البُليْدة، صبيحة يوم الأحد الفاتح من ربيع الأول 1434
الموافق 13 يناير 2013.