ما يسمى بالمعارضة السورية وغياب المشروع الوطني
د. أحمد الدريس
إن من السذاجة لدى ما يسمى بالمعارضة العربية عموما أن تطلق على نفسها هذا التوصيف السياسي , وأن تتحدث عن مشروعية عملها تحت هذه المظلة . ذلك لأن المعارضة بالمفهوم الديمقراطي هي تنظيمات فاعلة ذات وظيفة سياسية استراتيجية تعمل كقوة مانعة لخرق النظام القانوني للدولة وهي من هذا المنطلق يفترض ان تكون قوة مساعدة للدولة لا قوة تقويض لها والمعارضة لا تكون معارضة بالمعنى السياسي إلا إذا كانت ثورية ذات رؤية واضحة وبرامج محددة مستمدة من حاجات الوطن الفعلية إلى جانب اعتمادها على رصيد قاعدة مجتمعية ترى في تلك الرؤية والبرامج مصلحة تدفع باتجاه تعزيز السيادة والاستقلال وتحقيق التنمية عبر الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي .
غير أن ما نقع عليه في واقع حال المعارضة العربية أننا أمام نخب وبقايا تنظيمات سياسية وفئات مزاحة عن مواقعها بفعل الحراك السياسي وهذه المجموعات وإن كانت تلتقي كلها ظاهرياً تحت مسمى المعارضة مجازا إلا أنها في العمق تتركب من متناقضات أحيانا تجمع من هم في أقصى اليمين إلى من هم في أقصى اليسار وهذا هو مفتاح عدم ثقة الشارع العربي بما يسمى بالمعارضة إذ ينظر إليها على أنها مجموعات من الخارجين على الأنظمة ممن يتحركون بذراع خارجية أو بدوافع براغماتية ضيقة تتمثل في الوثوب إلى السلطة باسم التداول السلمي لها .
والمعارضة العربية تمتلك خطابا مخادعا متشابها وتتكئ على مزاعم تستخدمها مطايا لكسب الشارع العربي مثل مناهضة الدكتاتورية والاستبداد ومحاربة الفساد وإحلال القيم الديمقراطية ودولة القانون والتداول السلمي للسلطة وإعادة توزيع الثروات الوطنية وإطلاق الحريات العامة .......... وكل تلك المفردات مستعارة كأغطية حيث ثبت أن اللغة المتكلسة المنبرية الإنشائية التي تستخدمها المعارضة العربية إنما ترتكز على أجندات يشكك الشارع العربي في صدقيتها وهذا ما نفسر به غياب القاعدة الجماهيرية لما يسمى بالمعارضة العربية .
وإشكالية ما يسمى بالمعارضة السورية هي جزء من إشكالية المعارضة العربية فهي لا تملك برنامجا ورؤية واضحة وإنما تعمل بردات فعل فردية أو جمعية مما يجعل نزعة المبالغة وأحيانا الاتجاه نحو الباطنية السياسية سمة غالبة على المنخرطين في هذه( المعارضة) إذ يجري تهويل للظواهر السلبية الاقتصادية والسياسية والثقافية كما يجري تشويه متعمد للحقائق وطمس مقصود للإيجابيات بهدف تجريد النظام السياسي من رصيده الوطني , ولهذا تسود اللغة الاتهامية لا الواقعية خطاب هذه( المعارضة) إذ تنعت النظام السياسي السوري بالدكتاتورية والاستبداد والقمع والشمولية وسيطرة الحزب الواحد ولسنا ندري إن كانت هذه المعارضة تقرأ الوقائع ولا سيما بعد البرنامج السياسي الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم الأول على قاعدة الاستمرار والاستقرار وأطلق من خلاله المقدمات الموضوعية للمشروع الديمقراطي على مبدأ احترام الرأي الآخر الذي أساءت استغلاله بعض النخب وقامت على إثره بتشكيل منتديات ما يسمى بالمجتمع المدني كما قامت بعض القوى السياسية المتشكلة أصلاً من بعض الأحزاب الشوفينية ذات التطلعات اللاوطنية بطرح نفسها على الساحة السياسية مطالبة بمصادرة الوطن وتشويه خارطته باسم المواطنة عبر تسويق أطروحات عكست ذهنية( المعارضة) السورية المؤسسة على تصورات أيديولوجية إقصائية ولغة قمعية تلفيقية وأبرزت تناقضا فاضحا في مسارات لغتها النقدية فهي ترفض منطق تخوينها واتهامها بالعمالة ولكنها تبيح لنفسها إلقاء التهم الجاهزة على النظام السياسي مستخدمة لغة ثأرية تقول بأن الدولة غير موجودة وعلى النقيض مما يريده المواطن وأن الحياة السياسية محكومة بإرادة الحزب الواحد وأن حرية الرأي مغيبة أو مؤطرة بالإعلام الرسمي لضمان تمرير الفساد والسكوت على العيوب والأخطاء وسوى ذلك من الأطروحات المكررة التي أصبحت مواد استهلاكية للمواقع الألكترونية والمتحدثين في فضائيات ما وراء البحار.
ومن قراءة أطروحات ما يسمى بالمعارضة السورية ينبغي أن نعترف بوجود أخطاء مرتكبة . لكن تضخيم هذه الأخطاء الفردية إلى حد التهويل أمر يقصد من ورائه تأليب الرأي العام على النظام السياسي إذ تزعم المعارضة كما تسمي نفسها بأن النظام يتعمد نشر الفوضى والفساد لضمان استمراره ولسنا ندري كيف يمكن لنظام سياسي أن ينشر الفوضى ويضمن استمراره في ظلها ؟؟؟
ومن الوقائع يتأكد أن نقد(المعارضة)لا يرقى إلى مستوى النقد الذي يمارسه البعثيون في مؤتمراتهم كما لا يرقى إلى مستوى النقد الذي تمارسه تنظيمات المجتمع في اجتماعاتها وكذلك مؤتمرات الجبهة الوطنية التقدمية مما يؤشر على أن النقد هو مسألة منهجية لا يخشاها النظام السياسي في سورية وإنما يرى فيه ركيزة من أجل التطوير والتحديث ولكن النقد الرامي إلى تشويه صورة سورية الذي يتقاطع مع التسويق الإعلامي الخارجي الذي تقوم به مؤسسات الر أي التابعة لأمريكا والحركة الصهيونية لتبرير التدخل في شؤونها تحت شعارات الإصلاح الديمقراطية هو ما يشكل نقطة الافتراق بين النقد البناء الذي تمارسه المؤسسات السياسية والاجتماعية القائمة والنقد الجاهز التلفيقي الذي تتبناه ( المعارضة ) كما يأتي من الخارج أو كما يتقاطع مع أبواق الخارج .
وإذا كنا لا نسوغ استمرار الخطأ تحت أي ظرف أو اجتهاد فإننا ينبغي أن ندرك أن المعارضة وفق المفهوم السياسي في النظم الديمقراطية حالة صحية إذا كانت معارضة وطنية النشأة والتوجه والوسائل والأهداف إذ لا يمكن الوثوق بأي معارضة لا تعمل تحت السقف الوطني, أو تنادي بشعارات بعيدة عن الواقعية والوقائعية المحددة , كما لا يمكن الوثوق بمعارضة ظرفية تتحرك تبعا لظروف الوطن الداخلية والخارجية منطلقة من نفعية مكشوفة بعيدة عن تطلعات الجماهير.
وليس دفاعاً عن النظام السياسي في سورية القول بأن الشارع في غالبيته شارع ناقد وأن هذه الصورة الواقعية ملموسة في كل مكان في المكاتب والمحلات والمضافات والمنابر الثقافية والصحف والدراما وأن هذه الأصوات الناقدة هي أصوات معارضة عمليا بالمفهوم الذي تمارسه المعارضة كما تسمي نفسها بل إن كل مواطن معني بأن يكون معارضة بمفهوم مقاومة الخطأ والخلل والتقصير في جميع الجوانب مادام النقد لا يندرج إلا في إطار المصلحة الوطنية وهذا ما يتسع باتساع مساحة الحرص على هذه المصلحة, ولنا في مبادرات المؤسسات الثقافية لإطلاق الحوارات وفيما يتم منها في منتديات البعث للحوار من سجالات وفيما يطرح على المنابر والصحف من نقد إشارات إلى أن جميع القوى السياسية والنخب الثقافية الوطنية معنية بدرجة أو بأخرى بخلق معارضة النقد والإصلاح ضمن المناخ الديمقراطي الذي يسود سورية بهدف تقوية الوطن والتخلص من عوامل الضعف والخلل وتمتين نسيجه لمواجهة التحديات .
وعليه فإن لا مصداقية ما يسمى بالمعارضة السورية تكمن في طبيعة رؤوس مكوناتها فمن خلال التجمعات التي جرت في بروكسل أو واشنطن أو باريس يتجلى بوضوح أن ولاء هذه( المعارضة ) للخارج حقيقة وليس تهمة "وأن مجمل القوى التي شكلت ما يسمى بالمجلس الوطني لائتلاف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي تنتمي إلى كتل متناقضة (دينية لها تاريخ في قتل أبناء الشعب) ( وشوفينية تهدف إلى تفكيك جغرافية الوطن ) ( وزئبقية انقلبت على انتمائها الصوري وانكشفت على حقيقتها فإذا بها من أسوأ نماذج الفساد السياسي والاقتصادي) ومن هذا الخليط اللا متجانس ( الأخوان المسلمون- الأحزاب الكردية الشوفينية-الرجعيون- الخداميون- ولصوص الدولة السابقون ) يتشكل صلب هذه (المعارضة ) التي تنادي بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ودولة القانون الواحدة مناداة شكلية إعلامية لا تتطابق مع حقيقة ممارستها التاريخية .
وتأتي لا مصداقية هذه(المعارضة )أيضاًً من الظرف الذي تتحرك فيه إذ يلاحظ المتابع أنها لا تتحرك إلا مع اشتداد الضغوط الخارجية على سورية منطلقة من خلط مقصود بين النظام السياسي والدولة , فتحت ذريعة ضغط هذه(المعارضة) على النظام السياسي . تأتي الدعوة إلى الضغط على الدولة بصورة أو بأخرى ومثل هذا السلوك اللا وطني يأتي نزولا عند الإرادة الأمريكية التي تجهد من أجل استنساخ معارضة على طراز المعارضة العراقية تعطي مسوغات التدخل في شؤون سورية وعزلها وتأليب الرأي العام العالمي عليها وهذه التحركات المرسومة وجدناها في اشتداد حملات المعارضة الإعلامية قبل الحرب على العراق وبعدها وقبل خروج سورية من لبنان وبعده وبعد اغتيال الحريري وفي أثناء حرب تموز وأزمة انتخابات الرئيس اللبناني .
إن استزلام ( المعارضة) لدى أمريكا وتقديمها تنازلات مسبقة للكيان الصهيوني وإقرارها بأن من أهم أسباب تخلف الوطن والأمة عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وتحقيق سلام معه جعل هذه المعارضة متهمة في نظر الجماهير التي لا يمكن القفز فوق ذاكرتها التاريخية النضالية كما أن تجاهل المعارضة للأسباب الخارجية لتأخر الإصلاحات السياسية والاقتصادية في الوطن العربي بكامله وإلصاقها بالنظام السياسي وحده يعطي مؤشرات واضحة على أن هذه( المعارضة )ومنها السورية تعمل في الفراغ ذلك لأن القوى الكبرى التي تعتمد عليها( المعارضة )هي نفسها وراء جملة الأسباب التي تقف وراء بطء الإصلاحات التي يريدونها على صورة إملاءات تنفذ بالقوة وعلى الطريقة الأمريكية وليس حسب حاجات المجتمع وخصوصياته.
وعليه فإن (المعارضة) السورية قد أخفقت في التحول إلى قوة اجتماعية وطنية فاعلة ولا سيما بعد تصريحات من تعتبرهم رموزاً لها بالالتقاء بالرئيس بوش وبعض أقطاب اليمين المتطرف بتشديدالضغط على سورية وعزلها دوليا وفتح ملفات حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية والقضايا الاقتصادية والسياسية المختلفة وهذا يدل على أن هذه( المعارضة) لم تقرأ حال أختها العراقية التي ضاعت وضيعت معها العراق كله وأصبح رموزها مجرد واجهة خائفة خائنة مطاردة من أبناء الشعب العراقي وأثبتت نتائج سلوكها أن الاٌستقواء بالآخر لتحقيق وهم الديمقراطية لعبة خطيرة تدل على لا وطنية المنادين بالتدخل الاجنبي ولاسيما الأمريكي إلى حد مباركة استخدام القوة العسكرية لإيصالهم إلى السلطة.
وفي الجانب الآخر لا بد من الإشارة إلى رفض بعض( المعارضين) لأي تدخل أجنبي لإحداث الإصلاحات التي ينادون بها انطلاقا من مقولة أن البيت الداخلي السوري يحتاج إلى حوار مفتوح بين جميع القوى من أجل توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار ومن ثم توسيع القاعدة الديمقراطية لشد أبناء الوطن إليه وهذه الرؤية يمكن أن تمنح حملة هذه التوجه مشروعية المشاركة مع القوة الجماهيرية والسياسية التقدمية في بناء الوطن إذا كان توجههم نابعاً من حاجة الوطن بعيداً عن كل مصلحة ضيقة ذاتية أو موضوعية خارجية وهو مالم تستطع( المعارضة) السورية بلورته حتى الآن على صورة سلوك سياسي واقعي إذ ماتزال هذه (المعارضة) في الداخل والخارج معاً تتحرك بتناغم مع القوى الساعية إلى جر سورية إلى موقف التنازل والهزيمة .
إن النظام السياسي في سورية ومنذ تسلم السيد الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم قد وضع برنامجاً للتغيير الديمقراطي والإصلاح وهو برنامج انتزع ثقة الجماهير بعد سلسلة الإصلاحات المتسارعة وهي إصلاحات لا يمكن القول عنها إنها كل مايريده المواطن ولكنها تسيروتتواصل بشكل يضمن التوازن بين الاستمرار والاستقرار بحيث لايحدث الخلل الذي يقود إلى الفوضى والانهيار وهو ما تبحث عنه أمريكا ومن يتحالف معها، كما ينبغي الالتفات إلى أن كل إصلاح لا يمكن أن يكون خارج عامل الوقت وهذا يعني أن المستقبل السوري منفتح على إصلاحات يشي بها مفهوم التطوير والتحديث نفسه فهل ينتظر من يسمون أنفسهم بالمعارضة أم أنهم يريدون العصا السحرية الأمريكية ليحولوا سورية إلى عراق آخر محكوم بنظرية الفوضى البناءة التي ما هي إلا بناء الفوضى باسم الحرية والديمقراطية والإصلاح ؟؟!
إن أي معارضة لا يمكن أن تكتسب الوثوقية الوطنية إلا إذا لمست الجماهير واقعية أدائها ونقائه وهذا يعني أن ضحالة الرصيد الجماهيري( للمعارضة) السورية يكمن في معرفة الشارع السوري بتاريخ مكوناتها ( قتلة سابقون- لصوص وصعاليك- ومتهربون من الضرائب- انتهازيون مفسدون هاربون خارج الحدود- عملاء مجاهرون بولائهم للغرب وأمريكا و طفح تنظيمات سياسية متآكلة- ومجموعات طامحة إلى السلطة) وهذه الصورة القاتمة( للمعارضة) العاملة في الخارج تقابلها الصورة الرمادية( للمعارضة) في الداخل فعلى الرغم من حديثها في الوطنية والسقف الوطني إلا أنها لم تثبت خروجها من عباءة( المعارضة) في الخارج بدليل تبنيها مفردات الخطاب نفسه وتوقيت التحرك والاتصال الخارجي مع المنظمات الدولية لتشويه سمعة السلطة السورية إلى جانب عدم قيامها بأية مبادرة لعزل نفسها عن (المعارضة) الملوثة وإنما تداولها لبياناتها ومطالبها وتغليف كل هذا التواصل بلغة استبطانية تزعم رفض الاستقواء بالخارج مما يجعل الشارع يطرح الكثير من إشارات الاستفهام حول ضبابية هذه( المعارضة) وعدم قدرتها على الإعلان عن نفسها كقوة فاعلة يمكن لها أن تساند الدولة في مشروعها الإصلاحي عبر محاربة كل مظاهر الخلل والتقصير والفساد وتوسيع قاعدة المشاركة الديمقراطية .
إن الدعوة إلى إعادة الدولة إلى مرحلة ما قبل الدولة عبر الدعوة إلى الديمقراطية وحرية التعبير والتجمع على أساس الطوائف والمذاهب والإثنيات هي دعوة خطيرة تهدف إلى خدمة المشروع الصهيوني الأمريكي الداعي إلى إعادة تشكيل المنطقة وفي ظل انتفاء الوعي السياسي ومحدوديته فإن لعب (المعارضة) بهذه الورقة أو سواها هو عبث نرى نتائجه في الدرس العراقي انطلاقا من طبيعة مكونات المعارضة العراقية المشابهة التي لم تنجح إلا في خدمة المشروع الأمريكي الصهيوني بعلمها أو بغيره وهذا ما يفسر حساسية الشارع السوري المسكون بهاجس الخوف من أن المعارضة التي تريدها أمريكا لن تكون إلا أداة لنقل العدوى العراقية إلينا إذ فهم الشارع أكثر ممن تسمي نفسها بالمعارضة المخاطر الكامنة في موالاة الأعداء للتخلص مما تسميه مبالغة وتهويلا الاستبداد والقهر والدكتاتورية. والخلاصة فإن الشعب كله لا يريد أن يحاسب أحد على رأي بناء تحت سقف الوطن ولكن هذا الشعب لا يمكن أن يسكت عمن يريد رهن الوطن للآخر باسم الدفاع عن أبنائه، والسوريون لديهم ذاكرة وطنية رائعة وحس راق يميزون فيه بين من هو وطني ولا وطني ويعرفون بعد التجربة أن أكثر الحكومات تشدقا بالديمقراطية والحرية هي حكومات الإرهاب العالمي التي تريد تسويق مشاريعها العولمية بشتى السبل مستخدمة قوتها العسكرية والاقتصادية وقوى الموالاة لها التي تسمي نفسها بالمعارضة وعليه فلا يمكن لأحد أن يتقبل من يعطي المواعظ والدروس في الحفاظ على قوة الوطن وهو يعمل في الخفاء على تدمير مقومات صموده وتفكيك أوصاله وتدمير هويته وتاريخه وإذا كان المنطق السياسي ينفي وجود معارضة سورية بالمقياس الموضوعي للمعارضة فإننا نرى أن هذا الطفح الذي يظهر على السطح ثم يخمد بحاجة إلى مراجعة ذاتية أولا فالموقف العام من قضية الصراع العربي الصهيوني لا يمكن القفز عليه كما لا يمكن القفز في الهواء لتحقيق الإصلاح والتطوير والتحديث فلا بد من الوسائل المساعدة وأولها وآخرها الرأي الوطني الواحد حول الثوابت المصيرية التي يشترك فيها الجميع والساحة مفتوحة للتنافس على تقديم الأفضل للوطن وعدم المجازفة في القضايا الوطنية باتجاه الاستجابة لأجندة الآخر المعادي أما المتحول في حياتنا السياسية الاقتصادية والاجتماعية فيتطلب نسبة معينة من الالتقاء حوله إذ لا سبيل إلى تحقيق المشروع الوطني الإصلاحي الشامل إلا برؤية وطنية لا يملكها إلا الوطني المخلص وحده .