هذا الموضوع هام جداً لمعرفة وتفسير الحوادث والسلوكيات والدوافع ، ورغم تعقيده ، تمكنت من تبسيطه لطلاب التمريض والمثقفين بهذه الصورة التي آمل أن تكون مفيدة في فهم الكثير من الجوانب والفعاليات النفسية التي نمر بها يومياً وخلال العمر إجمالاً .
مفهوم التحليل النفسي (تحليل الذات) Psychoanalysis conceptيشير هذا التعبير أو المصطلح إلى ثلاثة معان أساسية :
1- نظرية فرويد في تفسير الظاهرة النفسية العقلية البشرية والسلوك الإنساني (مذهب فرويد في علم النفس) .
2- طريقة استقصاء أو تحري المحتويات العقلية الذهنية عند الشخص
(طريقة فرويد في الفحص النفسي) .
3- طريقة علاجية تعتمد على التحليل النفسي المستند على نظرية فرويد في علم النفس . مع التركيز على تأثير القوى اللاشعورية الكابتة والانعكاسات النفسية الداخلية وتأثير الصدمة النفسية أو الكرب الطفولي على الحالة العقلية . وينطلق المعالج من أثر السوابق العاطفية على الحالة العقلية الحالية بحيث يمكنه رسم وتحديد الآليات والتداخلات التي يمكن أن تكون سبب الحالة المرضية الراهنة ، ثم إعطاء النصائح التي يمكن أن تساعد في التخلص من هذه التأثيرات وإعادة تناسق الفعاليات العقلية من جديد . ويمكن أن تطبق في هذه الطريقة مبادئ الروابط الحرة وتحليل الأحلام وتفسير ظواهر النقل والممانعة .
[B]الظاهرة النفسية العقلية البشرية وسلوكها (نظرية فرويد في علم النفس)[/B]
Human mental phenomena and behavior (Freud theory)
لقد وضع فرويد مذهبه بناء على ملاحظات سريرية (إكلينيكية) غير مرتكزة على إثباتات علمية موضوعية ، ولذلك انتقده كثير من تلامذته وخرجوا على كثير من أفكاره وعَدَّلوا نظريته ، فنشأت عنها مدارس أخرى في التحليل النفسي كمدرسة أدلر في علم النفس الفردي ومدرسة يونغ في علم النفس التحليلي .
ونذكر هنا باختصار مذهب فرويد الأساسي في التحليل النفسي :
مذهب فرويد في التحليل النفسي
إنَّ مذهب فرويد في علم النفس مذهب ديناميكي ينسب السلوك إلى قوى ديناميكية منبعثة من الطاقة النفسية أو الغريزية ، ومن محتويات اللاشعور ومن الخبرات والرواسب الفردية المكتسبة التي تؤثر في تلك الدوافع الغريزية .
التكوين النفسي حسب فرويد :
تتكون المُنَظِّمات النفسية عند فرويد من ثلاثة أقسام :
1- الهو ID :
يوجد كاملاً في المستوى اللاشعوري من الوعي العقلي . ويمثل الجانب الحيواني غير المهذب من الذات الإنسانية ، وهو الجانب الطبيعي الأساسي ذو الاستجابات البيولوجية الجسدية والسيكولوجية قبل أن تهذبها الخبرات ، ويحتوي على ما هو موروث وموجود منذ الولادة وثابت في تركيب الإنسان . إنه يعبر عن الغرض البيولوجي للبدن وإشباع حاجاته ودوافعه الفطرية ، إنه موطن اللبيدو lipidoتلك الطاقة الديناميكية الغريزية التي تدفع إلى السلوك .
يختلف الهو عن الأنا بأنه عشوائي غير مُنَظَّم وغير منطقي ولا أخلاقي فلا يميز الخير عن الشر ولا يؤجل تحقيق الرغبات بل يطلب إشباعها فوراً دون تأخير . وله حساسية شديدة بتغير الحاجات سواء من الوسط الداخلي أو الخارجي باستخدام حواس الجسم .
ونضرب مثالاً على مضمون الهو ما نلاحظه من تصرف الحيوانات البدائية التي إن جاعت سعت إلى سد جوعها مباشرة وإن تعرضت للخطر هاجمت أو هربت مباشرة ، ويَنْقَضُّ ذكَرُها على أنثاها في أوقات النـزو كلما شعر الذكر بحاجته الجنسية .. أي أنَّ سلوك الحيوان يقتضي التصرف المباشر لإشباع الحاجات دون تردد ودون ضوابط نفسية أخلاقية بل يقوم بذلك تلبية للحاجات الجسدية والرغبات النفسية الغريزية العارمة .
يبين الشكل التالي مكونات الفعالية في النفس الإنسانية وعلاقتها بالشعور أو الوعي عند الإنسان :
2- الأنا Ego :
يوجد هذا التكوين النفسي في جميع مستويات الوعي العقلي من الشعور وطليعة الشعور واللاشعور . وهو الإحساس بالذات التي نمت وصقلت وفق معايير أخلاقية واجتماعية تحت تأثير العالم الخارجي ، ولذلك يعمل الأنا كوسيط توفيقي بين الداخل والخارج . أي يحاول التوفيق بين حاجات الهو الغريزية وضوابط الوسط المحيط وقيم الأنا الأعلى التي تشكلت بمثابة مثل الأب وقيم المجتمع ، فالأنا يدرك الواقع ويحاول التوافق معه . وإذا تعارضت حاجات الهو مع ضوابط الواقع الخارجي الذي يدركه الأنا فينشأ الصراع الذي يسبب المعاناة المؤلمة للنفس ولذلك يقوم باستخدام آليات وحيل نفسية لحل القلق وحماية النفس عموماً بتعديل الاستجابات والسلوك بحيث يحافظ على التوازن العام .
وبمعنى آخر يقول فرويد بأنَّ خصائص الأنا الرئيسية تعتمد على القيام بسلطة الإشراف على السلوك الإرادي بحيث يحافظ على الذات المتوازنة فيعمل على الهروب إن كانت المنبهات الخارجية قوية جداً أو أن يتكيف معها إن كانت معتدلة أو أن يحاول تعديل البيئة الخارجية قدر مستطاعه بما يتناسب مع متطلباته أو أن يشدد القبضة على رغبات الهو فيسمح لبعضها ويؤجل الآخر منها أو يكظمه أو يكبته .. إنَّ الأنا يطلب اللذة ويتجنب الألم لكنه لا يطبق مبدأ تحصيل اللذة دون قيد أو شرط كما يكون الحال بالنسبة للهو ، إنَّه يتقيد بضوابط المحيط فيقوم بعمليات التعديل والملاءمة مؤجِّلاً لذة عاجلة تجنباً لألم مستقبلي مراعاة للضوابط الخارجية .
إنَّ الأنا لا ينسق فقط بين الهو والوسط المحيط بل مع الأنا الأعلى أيضاً ويحاول اتباع السلوك الذي يرضي الجميع . وإنه يعلم أنَّ الدوافع التي تثور ولا تشبع تسبب له صدمةً أو معاناة نفسية ، لأن الأنا الأعلى يحَوِّل القلق الناشئ عن تنفيذ الرغبات المحرمة إلى شعور بالذنب .
ومنذ فترة الطفولة ومع انتظام عملية التفكير بتقدم اللغة ورقيها تزداد قدرة الطفل على اختبار الواقع مما يسهل تصور ما يمكن أن يحدث بسبب سلوك ما ، وبهذه القدرة يفرق بين الخيال والواقع . وبذلك تزداد خبرة الطفل تدريجياً بمشاعر القلق كلما تعرض للألم ويحاول أن يتوصل إلى اجتناب ذلك قبل حدوثه .
إنَّ نقطة الضعف في تنظيم الأنا وما يترتب عليها من سلوك إنما تقع في مجال تنفيذ الحاجات الجنسية التي تهدف إلى حفظ النوع وبالتالي ينشأ تعارض بيولوجي بين حفظ الذات الذي يحققه التوافق مع المحيط وحفظ النوع الذي تتطلبه الحاجات الجنسية ، وعندئذ يتجلى هذا الصراع في التطبيق السيكولوجي السلوكي .
في الحالة السوية يستطيع الأنا أنْ يميز بين الذكريات والإدراكات الحسية الواقعية في اللحظة الراهنة أي أنه يفرق بين الحالات الفكرية الذهنية التخيلية التي يتمناها الفرد وبين الواقع الحسي الخارجي الذي قد لا يحقق المطلوب بسبب قدرته على اختبار الواقع ، وأما في الحالات المرضية كالذهان وفي بعض حالات الأحلام لا يمكنه ذلك وتصبح الصور الذهنية أخيلة كأنها حقائق واقعية محسوسة خارجياً .
3- الأنا الأعلى Super Ego :
يوجد في جميع مستويات الوعي العقلي كالأنا ، والقسم الأكبر منه لا شعوري ويمثل الرقيب الأعلى في التنظيم النفسي .
ويُكْتَسب الأنا الأعلى اكتساباً (حسب فرويد) من سلطة الأبوين ليكون قوة عقلية جديدة تستمر في القيام بمهمة الرقابة على التصرفات كرقابة الأبوين . وهو يقترب عند بعض العلماء من مفهوم الضمير . وقد يثير الأنا الأعلى قيماً وأهدافاً يجعلها الأنا في الرتبة الأولى عند التنفيذ . وتبقى وظيفة الأنا الأعلى الأساسية هي عملية الكف والنهي عن القيام بالأعمال التي تنافي القيم كما يؤنب الأنا الأعلى صاحبه على الأفكار الخاطئة والنوايا المحرمة ولو لم تُنَفَّذ .
وإنَّه كلما نجح الأنا في مقاومة إغراءات العالم الخارجي في مختلف مراحل الحياة
(بناء على نواهي الأنا الأعلى أو الضمير) فإنه يزداد شعوراً بالاحترام الذاتي لنفسه ويزداد بذاته فخراً . وأما تخاذله أمام الرغبات المحرمة كبعض الاتجاهات العدوانية والجنسية فإنَّ ذلك يزيد من شعوره بالذنب والهوان .
الساحة الشعورية النفسية :
قَسَّمَ فرويد الحياة النفسية (من أفكار وانفعالات وذكريات ورغبات وغيرها) من حيث الشعور والوعي بها إلى ثلاث درجات :
1- الشعور Conscious
تضم الساحة الشعورية جزءاً صغيراً من الأنا و الأنا الأعلى المشتق منه . كما يحتوي الشعور على نوع خاص من الإحساسات الآتية من العالم الخارجي وإحساسات وجدانية وأفكاراً وذكريات صادرة عن الداخل الجسمي والعقلي ، وتسمى مقدرة الأنا على التمييز بين ما يأتي من الخارج وما يأتي من الداخل باختبار الواقع .
وتسمى العمليات الشعورية التي يقوم بها الأنا للتعامل مع المحيط الخارجي ومقتضياته باسم العمليات الثانوية Secondary processes ، وهي عمليات منطقية مهذبة تحاول تطبيق ما يمكن تطبيقه من متطلبات الهو اللاشعوري بما ينسجم مع المتطلبات الاجتماعية الواقعية المحيطة به .
2- اللاشعور Unconscious
هو الجزء النفسي غير المشعور به ويضم محتويات كبيرة من المعلومات والذكريات والمشاعر الخاضعة لقوة الكظم الكبيرة التي دفعتها إلى هذا المجال الغامض من النفس وتثابر على منعها بفعالية نشيطة عندما تحاول الدخول إلى المنطقة الشعورية بقوة معاكسة بذلك القوة الكاظمة التي دفعتها ، تماماً كما هو الحال في طنجرة الضغط البخارية . ولقد أطلق فرويد على هذا الأسلوب الخاص بالعمل الذي يقوم به اللاشعور اسم العمليات الأولية Primary processes والتي تجعل من اللاشعور خزاناً يجمع المتناقضات دون صراع ، مع العلم بأنه لا يوجد درجات متفاوتة من الشك أو النفي أو الإثبات بين المحتويات ، وهكذا يوجد الحب جنباً إلى جنب مع البغض دون صراع ، علماً بأنه لا وجود لمفهوم الزمان في اللاشعور ، فقد يكون السلوك الآن والحلم في هذه الليلة صريحاً أو رمزياً معبراً عن رغبة مكبوتة منذ عشرات السنين .
3- طليعة الشعور Preconsciousجزء من القسم اللاشعوري قريب من الشعور ويمكنه دخول حيز الشعور بالوسائل الطبيعية العادية سواء عند محاولة الشخص ذلك أو تلقائياً في بعض الأحيان . ويحتوي على الكثير من الذكريات الكامنة والرصيد اللغوي والعمليات الذهنية القريبة الفعالة . ويعتبر هذا الجزء من أهم خصائص الأنا والأنا الأعلى . وهو الذي يحتوي على ما يدفعه إليه الأنا من غير المرغوبات عنده بطريقة الكبت .
وسائل الدفاع عن الذات تجاه الصراع والقلق :
إنَّ أهم عمليات الدفاع عن الذات ما يعرف عند فرويد بالكظم repression الذي يقسم عنده إلى نوعين : كظم أولي وكظم ثانوي .
الكظم الأولي Primary repression : هو عملية أو آلية لا شعورية يطبقها الأنا على المادة الموجودة في اللاشعور ولم يسبق خروجها إلى حيز الشعور ، وبمعنى آخر هو العملية التي تمنع ظهور بعض مطالب الهو الغريزية .
الكظم الثانوي Secondary repression : وهو المقصود عند ذكر كلمة الكظم مجردة عن كلمة ثانوي ، ووظيفته وضع المادة الشعورية غير المرغوب بها في اللاشعور (من ذكريات وأفكار وعواطف ورغبات ..) وتسبب معاناة الأنا لأنها تعارض المقتضيات الخارجية وضوابط الأنا الأعلى .
وهناك فعالية تسمى مقاومة المكظومات وتعني استمرار بذل الطاقة لمنع المادة المكظومة من الخروج ثانية إلى الشعور . فقد يشتهي الذكر من الحيوانات أمه أو ابنته فيواقعهما . وقد يقتل الحيوان أخاه أو أباه دون تردد ولكن هذه الاتجاهات من التصرفات غير مقبولة عند الأنا ولذلك تكظم في اللاشعور وتقاوم ضد خروجها إلى الشعور وتنفيذها .
ولما كانت المكظومات تبقى في فعالية نشطة وتحاول الخروج إلى الشعور فإنَّ الأنا يستخدم آليات دفاعية ego defense mechanisms أخرى تمنع عودة المكظوم return of the repressed مثل آلية عزل isolation الفكرة أو الموضوع عن الوجدان المصاحب لها ، وآلية التسامي sublimate بالميول العدوانية فيوجهها للمسابقات الرياضية التي تعبر عن الغلبة مثلاً ، أو أن يميل إلى الأعمال الجراحية التي يفرغ فيها حبه لطعن الآخرين وجرحهم ولكن بشكل نافع يقبله الأنا . وسنذكر هذه الحيل الدفاعية في فقرة مستقلة . ولكن قد يتم إظهار المحتويات اللاشعورية في الأحلام تفريغاً لشحنتها العالية في الداخل .
وعلى أية حال يحاول الأنا تعديل المتطلبات والدوافع بحيث لا يصدر عنه إلاَّ سلوك يتوافق مع المقتضيات الخارجية الملائمة .
الغرائز Instincts
يُعَرِّف فرويد الغرائز بأنها القوى التي تفرض وجودها وراء التوترات التي تسببها حاجات الهو . وتسمى هذه القوة أو الطاقة الغريزية باسم اللبيدو Libido .
ويميز فرويد عدداً لا حصر له من الغرائز بحسب أعضاء الجسم وأجهزته والوظائف المتعلقة بها . فغريزة الجهاز الهضمي تأمين الطاقة للجسم والشعور بالشبع ولذة الطعام بعد أن تنبهت هذه الغريزة بدافع الجوع . فالشعور بالجوع يهيج تقلصات المعدة وحموضتها مع إحساس بنوع من التوتر والحاجة إلى الحصول على الطعام لإطفاء هذا التوتر والعودة إلى الوضع الأصلي من الراحة والشعور بالشبع وما يرافقه من ارتياح ولذة . وهكذا الحال في مختلف الغرائز حيث تتطلب الإشباع وتنطلق أساساً من الهو . والغريزة عند فرويد في صميمها عملية فيزيولوجية لأنها تصدر عن حالة إثارة بدنية ولكنها من مصدرها حتى هدفها تتخذ صورة نفسية أي أنه لكل وظيفة بدنية جانب نفسي يرافقها أو تنتهي إليه .
ويميز فرويد في كل غريزة ثلاث دعائم تقوم عليها هذه الغريزة :1. 1- المصدر source : يتجلى بصورة ضرورة أو دافع مُلِحّ Urge أو إثارة أو حالة تهيج أو توتر أو شهوة داخل الجسم والنفس .
2. الموضوع أو الغرض object :وهو الشيء الذي تتوجه إليه الطاقة الغريزية .
3. الهدف goal : وهو الحصول على الشيء الذي يزيل التوتر بالوصول إلى ما ابتغاه المصدر وتحقيقه . وهو الذي بتحققه ينتج عنه اللذة pleasure والإشباع gratification . ونضرب على ذلك مثالاً الغريزة الجنسية حيث يكون المصدر هو الاستثارة الجنسية ، ويتمثل الموضوع أو الغرض في الشخص المطلوب الاتصال به جسمياً أو غير ذلك من التصرفات البديلة ، ويتحقق الهدف عند الاتصال وبلوغ الإشباع .
ويعتقد فرويد أنَّ الغرائز المتعددة تجتمع في غريزة واحدة عامة بناءة هي غريزة الإيروس Eros التي تتضمن حب الذات ego love والغير وحب الموضوعات وحفظ الذات والنوع ، وتتمثل بالغريزة الجنسية وتدعى طاقتها لبيدو . كما قال بوجود غريزة تدميرية هادمة تتمثل بالموت سماها الثاناتوس Thanatos هدفها إعادة الكائنات الحية إلى حالة غير عضوية ويمكن أن تتجه إلى الخارج أو الداخل وتعمل على تحطيم الذات . ويمكن أن تمتزج الغريزتان لينشأ عن ذلك الإحساس بلذة التحطيم كما يحدث أثناء تمزيق الطعام لبناء الذات . وتختلف نسبة توزيع هاتين الغريزيتين في أي ظاهرة نفسية وهو ما يسميه بالتوزيع الكمي أو الناحية الاقتصادية في اللبيدو . ويمكن للغرائز أن تغير هدفها بالاستبدال displacement حتى درجة فقدان العلاقة بالأهداف الغريزية الأصلية .
نشوء الوظيفة الجنسية وترقيها ***ual function and its development
(مراحل تطور الشخصية حسب فرويد)
تنشأ الغريزة الجنسية بمعناها الواسع منذ الولادة وأمَّا البلوغ فهو التجسيد المادي التطبيقي لما مر به الطفل في السنوات السابقة . واعتبر فرويد أنَّ المرحلة الجنسية الطفلية حتى سن الخمس سنوات الأولى من العمر هامة جداً في تحديد سلوك الطفل الجنسي بعد البلوغ ويقسمها إلى :
1- المرحلة الفموية Oral stage (من الولادة حتى 8 أشهر) :
حيث يكون الفم وسيلة الاتصال مع العالم الخارجي لتأمين المصدر الأساسي للطاقة واللذة والحب من المحيط الخارجي ، وتتجلى أهمية هذه المرحلة في مشاكل ظهور القلق وعدم الاطمئنان . وأهم الأمراض التي تنسب إلى هذه المرحلة هي الفصام والذهان الهوسي الاكتئابي .
2- المرحلة السادِيَّة sadism stage (عند بزوغ الأسنان حتى 1.5 سنة) وهي المرحلة الفموية الثانية التي تبرز فيها طاقة الثاناتوس (التدميرية ، هذه الطاقة ممزوجة في جميع المراحل مع طاقة الإيروس عند فرويد ولكنها تبرز واضحة في هذه المرحلة) واضحة فتتجلى بلذة الطفل في عض ثدي أمه .
3- المرحلة الشرجية anal stage (1.5-2 سنة) :
وفيها ينتقل مصدر اللذة إلى الناحية الشرجية عند التركيز على ضرورة ضبط المصرات وعند التخلص من الفضلات والشعور بالراحة بعدها ، كما يظهر فيها حسن التجاوب مع طلبات الآخرين . ويتجلى فشل هذه المرحلة بظهور العناد أو البخل والشخصية الفوضوية ، ويعزى الوسواس القهري والزَّوَر إلى هذه المرحلة .
4- المرحلة القضيبية Phallis stage(3-6 سنوات) :
تنتقل الطاقة الغريزية هنا إلى الأعضاء التناسلية ، وتتجلى بمداعبة الأعضاء التناسلية ، ويمر الطفل الذكر في هذه المرحلة بالطور الأوديبي حيث يحاول امتلاك أمه وإبعاد والده عنها (عقدة أوديب) ، والعكس بالنسبة للأنثى (عقدة إلكترا) ويتم كبت هذه المشاعر لتصارعها مع محبة الوالدين . وتُحَلُّ عقدة أوديب بتقمص الولدِ شخصيةَ أبيه والتوحد معها . وإنَّ أهم الأمراض التي تُعزى لهذه المرحلة : الهستريا والعنانة أو الاتجاه للجنس المماثل (اللواط أو السحاق homo***uality) .
5- مرحلة الكمون ) latency stage 6- 12 سنة) :وفيها تترقى الجوانب الأخلاقية الضابطة وتستمر حتى بداية البلوغ puberty .
وتستثمر في اللعب والأنشطة الفكرية والبدنية وتكوين العلاقات المجتمعية . وأهم أمراض هذه المرحلة إمكانية حدوث الرُّهاب .
6- المرحلة التناسلية Genital stage (أكثر من 12 سنة) :
تتم بتحريض هرموني جسدي مترافقة مع تحريض نزعات النواظم النفسية بالكبت أو الكظم أو تطبيق آليات التسامي والتصعيد ونتيجة ذلك كله تظهر سمات الفرد الخُلُقِيَّة . والشكل الطبيعي في هذه المرحلة أن يتجه الفرد نحو الجنس الآخر نتيجة تمييز دوره وتكوين الأسرة وتحمل المسؤوليات الفردية والاجتماعية .
وبحسب البنية الجسدية والتجارب والخبرات السابقة التي مر بها الشخص يمكن ألاَّ يكتمل النضج الجنسي بشكل صحيح فيكون ضعيفاً أو منحرفاً (فيحدث مثلاً : البرود الجنسي frigidity والعنانة impotence والاستمناء masturbation واللواطة أو السحاق والمازوكية masochism وهي اللذة بالعدوان على الذات وتعذيبها ، والسادية Sadism وهي اللذة بتعذيب الآخرين .
الأحلام Dreamsيرى فرويد أنَّ الأحلام تساعد على إظهار وتحقيق الرغبة الممنوعة في أغلب الأحيان ولو بشكل مُقَنَّع أو رمزي ، وكثيراً ما تمتد جذور هذه الرغبات إلى فترة الطفولة ، وتبرز الأنانية في الأحلام بشكل واضح حيث يكون الحالم هو محور الحلم ، ويمكن أن يثار الحلم بمصدر خارجي أو داخلي . ويثار الحلم في العادة عند فرويد بمخلفات اليوم أو مخلفات النهار day residuesوترجع قيمتها إلى إثارة ذكريات طفلية مكبوتة . ولذلك يَعتبر فرويد المصدرَ الرئيسي للأحلام مصدراً طفلياً .
يطلق فرويد على التمثيلية المنامية اسم مادة الحلم dream material أو المحتوى الظاهر manifest content للحلم ولهذه المادة محتوى كامن latent content يمكن الوصول إليه بالتفسير . وأما هدف الحلم أو وظيفته فهو إلباس محتويات اللاشعور صورة تنكرية قد تكون رمزية قبل إخراجها إلى المحتوى الظاهر للحلم كي يتم تمريرها عبر رقيب الأحلام . ويقوم الطبيب النفسي أو من له دراية بتفسير الأحلام بتحليل مادة الحلم بالاستناد إلى تحليل النفس ومعرفة ذكرياتها السابقة . وإنَّ فهم رموز الحلم يساعد كثيراً في عمليات التحليل النفسي .
أنماط الحيل الدفاعية النفسية :
الكظم Repression : دفع الأفكار والأعمال والمشاعر التي تسبب القلق والصراع لا إرادياً إلى منطقة اللاشعور .
الكبت Suppression : عملية إرادية مؤقتة لدفع الأفكار والمشاعر والخبرات المؤلمة إلى منطقة طليعة الشعور أو النسيان المؤقت الإرادي .
الإنكار Denial : رفض مواجهة الحقائق المؤلمة وإدراكها بإنكارها . كمريض يرفض أنه مصاب بمرض قلبي .
الترشيد أو التبرير Rationalization : محاولة إظهار أسباب مقبولة لتصرفات غير مرغوبة عند الفرد أو الجماعة .
النكوص Rergression : التراجع إلى تصرفات مرحلة سابقة لتخفيف القلق وزيادة الاعتمادية على الآخرين .
التحويل Conversion : كتحويل توتر عصبي إلى مرض عضوي للانشغال به وتخفيف القلق الداخلي .
العَزْلُ Isolation : الفصل بين الخبرات والأفكار و المشاعر المرافقة لها في تفكير الفرد .
الإزاحة Displacement : نقل المشاعر الخاصة على شكل فكرة لشخص لا علاقة له بالموضوع .
التَّقَمُّص Identification : تقليد الشخص لسمات شخص آخر محط إعجابه .
الإسقاط Projection : تحميل صفات غير مرغوبة بالشخص وإلقائها على شخص آخر .
التصعيد أو التسامي أو الإعلاء Sublimation : قلب أو تغيير أعمال أو مشاعر غير مرغوبة إلى أعمال مرغوبة أو مقبولة اجتماعياً ، كالعدوانية التي تقلب إلى فرط نشاط رياضي عنيف كالمصارعة أو الملاكمة أو أعمال جراحية أو مهنة عنيفة كالقصابة ..
من كتابي : تمريض الصحة النفسية
الدكتور ضياء الدين الجماس
يدرس لطلاب دبلوم التمريض