لونا الشبل.. والوطن الجميلأية امرأة تلك التي ترغمك على الإصغاء إليها لتعطيك درساً في الوطنية، وأنت تحسّ أنك بحاجة الى كل حرف نطقت به شفتاها، والى كل حركة رسمتها أصابعها وقسمات وجهها؟
امرأة تكتب صك استقالتها وترميه في وجه القيّمين على قناة الجزيرة الفضائية، وتقفل عائدة الى بلادها: سورية لتنحني أمام جلال صموده، وتصلي على طريقتها بخشوع وإيمان وصوفية تذكرك فوراً برابعة العدوية.
امرأة في كلامها سحر.. بل ربما صياغة المواطنة بنصاعة ومعرفة وعدم التباس هي مقومات السحر الذي تشيعه في نفسك هذه السيدة النبيلة.
في أزمات الأوطان مرفوض أن تكون ملتبساً أو متلبساً، ومرفوض أن تكون رمادياً.. ومرفوض أن تتعامى أو تتجاهل.
في زمان الفتنة يجب أن يخفق في صدرك قلب نبي وأن تلتمع في جبهتك عينا صقر وأن تعترف بأن الكلمة رصاصة، وحاذر أن تطلقها لتردع الحمام الآمن أو الربيع الذي يريد أن يقدم إليك كل ماوهبه الله من عطر وزهر وجمال.
في زمان الفتنة غير مسموح لك أن تستمع لنعيق الغراب ولا أن تستمتع بمنظر الحريق ولا أن تلوث صدرك بالروائح الكريهة.
كل الذي أقوله لك.. وكل مالم يسعفني حسن الصياغة على قوله مستوحى من كلام (لونا الشبل).. المواطنة العربية السورية.. التي تتقد عروبة ومواطنة وصدقاً ومعرفة وخبرة ثاقبة في تعرية المشبوهين وتجار الحرية والعروبة ونصرة المظلومين والمحاماة عن قضايا الشعوب.
هل صحيح أنك لاتستطيع إثبات قدرتك إلا إذا كنت محامياً للشيطان؟..
وهل صحيح أن زرقاء اليمامة وحدها هي التي رزقت عينان تبصران من بعيد، وتميز أدق الأشياء التباساً؟
قالت لونا الشبل: لو أن أصابع يدي كتبت حرفاً يسيء لوطني لقطعتها، فذكرتني بجدها النابغة الذبياني، يوم قال لممدوحه:
ولو كفي اليمين نعتك خوفاً لأفردت اليمين عن الشمال
وقالت لونا الشبل: أنا أبكي على الضحايا الذين يسقطون مأخوذين بخديعة الشاشات والأصوات المنكرة ونحن أسرة واحدة في وطن كان وسيبقى مهد الحضارات، فذكرتني بقول جدها أبي عبادة البحتري يوم وصف خصومات القبيلة واشتجارها فقال:
إذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها
لم أدر ماإذا كانت تلك السيدة جميلة أم أن صفاء الضمير ونصاعة الهوية وألق الحقيقة انعكس على وجهها فزادها نضارة وإشراقاً أم أنها بالفعل تمتلك كل هذه الأشياء، وكأنها تشبه بلقيس الذي قال الله تعالى في حقها:
«وأوتيت من كل شيء»، واجتهد المفسرون وعلماء البلاغة ليقولوا: وأوتيت من كل شيء شيئاً، وتبارك الله أحسن الخالقين؟؟
لم تقل لونا: إن الإعلام السوري يكذب أو يضلل أو يزوّر.. ولم تجرح تقصيره لعلمها أنها فارقت مؤسسة غارقة بالكذب والتضليل والتزوير، وأن منافسة الفساد ليست بالأمر السهل.
تحدثت لونا الشبل عن صياغة الخبر وصنع الأباطيل وشراء شهود العيان والغرف السرية واشتراء الضمائر وتشويه الحقائق وحجم المؤامرة التي تستهدف سورية من أعلى قمة في قاسيون الى آخر قطرة ماء في نبع السن وآخر غض شربين في غابات الفرلق وآخر حبة رمل في الجزيرة الفراتية.
لا يحب السوريون شيئاً كما يحبون (العربية) ولايقدسون أرضاً كما يقدسون أرض الجزيرة العربية، ولم يكن يدور في بالهم أن هاتين الكلمتين بما تحملان من دلالات مقدسة ستتحولان الى محطتين فضائيتين ترميان بشرر كالقصر.
وسيكون اسم إحداهما (العربية) واسم الثانية (الجزيرة) وإنه لمن المؤلم والمؤسف والمخجل أن تكون جزيرة العرب شاهد زور وبأي شكل من الأشكال لإدانة أي عربي على ظهر هذا الكوكب.
لونا الشبل كانت ملكة في الكلام، ولا تكون ملكاً مالم تكن ملكاً في الكلام، ففي البدء كانت الكلمة.
وفي هذه الفتنة مسيرة الحق لا تتجزأ ومعركة تحصين الوطن هي معركة الجميع، والعبث بسلامة الوطن ومنعته ووحدته وحبه وحضارته جريمة كبرى من قول الباطل الى احتكار الخبز الى الاعتداء على أنظمته وقوانينه وتشويه مبانيه في مطاوي الظلام استغلالاً للانـشغال بالهم الأكبر الذي هو بكل بساطة سيادة الوطن.
وهذا ماقالته لونا الشبل أيضاً..
د. رضا رجب
http://www.albaath.news.sy/user/?id=1124&a=99773