منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 11

العرض المتطور

  1. #1
    مراحل تطور الترجمة :

    من خلال نظرة لعمل المترجمين في الدولة الإسلامية ، يمكن ملاحظة أن الترجمة مرت بمرحلتين ، وذلك وفقا لنوعية المترجمات :

    المرحلة الأولى :

    اهتم العرب في هذه المرحلة بترجمة الكتب العلمية ، فبدأوا بنقل كتب الطب والفلك والرياضيات ، وربما كان الطب يأخذ مكان الصدارة والأولوية ، ولعل السبب يكمن في صلة أطباء (جنديسابور ) بالخلفاء العباسيين .. علاوة لما روي أن المنصور كان مريضا في معدته .. فكان يهتم بمتابعة أخبار الأطباء و مهاراتهم .. فاستدعى جبريل بن بختيشوع ( عبد المسيح) ليكون طبيبا له ، فظلت أسرة بختيشوع قريبة من القصر الخلافي .. من عهد المنصور الى عهد الرشيد .

    ومن خلال قرب تلك الأسرة ، فإن التوجه للاهتمام بالطب ، وتقرب الأطباء من مختلف أنحاء الدولة ، طمعا في المال والشهرة ، أوجد تلك الاستثنائية والاهتمام ، رغم أنه كانت هناك بوادر سابقة في العهد الأموي كما أسلفنا ..

    المرحلة الثانية :

    يمكن القول أن هذه المرحلة ، التي تتصف بترجمة كتب الفلسفة والمنطق ، قد بدأت في عهد المأمون ، حيث كان ميالا للعلم وإطلاق عمل العقل ، فاصطنع مذهب الاعتزال ، وقرب من يشاطره القبول بهذا المذهب ..

    لقد أنشأ المأمون دار الحكمة ، وعهد الى حنين بن اسحق ، للقيام بترجمة كتب الفلسفة اليونانية ، وهي التي أخذت بدل الضريبة من ملك الروم ، فانشغل أتباعه في التبحر بما قال اليونانيون ، ثم أصبحت دار الحكمة أشبه بالجامعة التي يؤمها طلاب هذا الصنف من العلوم ، يجتهدون ويناقشون ويترجمون ويكتبون ، فازدهر هذا العلم ازدهارا هائلا ..

    وتطورت الجهود التي رافقت هذا النشاط لتقود الى إنشاء علم الكلام الذي أصبح كأنه علم ( المنطق) لكن بصيغة عربية ، وسنحاول في مجال آخر في الحديث عن العقل العربي ، أن نتطرق للشعرة التي تفصل بين علم المنطق الغربي وعلم (الكلام العربي ) .. عندما نتكلم عن أبي سعيد السيرافي في عهد الخليفة المعتضد ..

    لقد تصاعد أداء المعتزلة ، المحاذي لنشاط الترجمة ، وبقي كذلك حتى عهد المتوكل ، ونكبة أهل المعتزلة المعروفة في عهده .. فتراجع نشاط الترجمة في الفلسفة والمنطق ، ليرتكس الى النشاط في الترجمة العلمية ( الطب والرياضيات وغيرها ) .. وان لم يكن أصلا قد توقف ..

  2. #2
    الترجمة الحرفية والترجمة المعنوية :

    أولا : الترجمة الحرفية :

    برز هذا المنحى من الترجمة على يد يوحنا ابن البطريق ، الذي عاصر المأمون .. وكان هذا المنحى قد يكون مقبولا في الترجمات التي تخص العلوم الطبيعية والطب والرياضيات .. حيث لا تتأثر قيمة العمل المترجم كثيرا ، في حين كانت ترجمة الأعمال الفلسفية مليئة بالأخطاء ، حيث تختص كل لغة في تزويد أبناءها بنمط للتفكير يختلف عن غيرهم من أبناء الأمم الذين لهم لغات مختلفة ..

    كما أن المترجمين الذين تولوا أعمال النقل من اليونانية الى العربية ، كانوا يقعوا في أخطاء نتيجة أمرين ، الأول : عدم إلمامهم باللغة اليونانية إلماما يؤهلهم فهم ما يقرءون ، ليستعيضوا عنه بمفردات عربية .. والثاني : عدم إلمامهم الكافي باللغة العربية ، ليكتبوا ما فهموه ( إن فهموه ) باللغة العربية .

    من هنا ، برز منحى جديد ، وهو النقل من اليونانية الى السريانية ، ومن ثم ترجمة ما نقل الى السريانية للعربية .. فتصبح عملية فقد القيمة قد مرت بمرحلة إضافية تقلل من قيمة ما تمت ترجمته .

    ثانيا : الترجمة المعنوية :

    يرجع الفضل بهذا النمط من الترجمة الى ( حنين بن اسحق ) .. فكان صاحب تلك الفكرة ، والتي مفادها أن تقرأ الجملة من اللغة الأجنبية ، ثم تفهم ، فيتم بعد ذلك التعبير عنها باللغة المنقول إليها ، ولا يشترط هنا أن تكون عدد الكلمات في الجملتين متطابقا ، فقد تكون الجملة المنقول منها باللغة الأصلية أكثر بعدد الكلمات وقد تكون أقل ..

    وقد ظهر في هذا النوع من الترجمات بعض المساوئ :

    1 ـ عدم قدرة المترجمين على الإحاطة الكاملة في مادة الموضوع المنقول ، أي عدم تخصصهم المهني في ذلك الجانب .. فيكون القارئ أسيرا لمدى قدرة المترجم على فهم ما قرأ .

    2 ـ تدخل أهواء المترجم .. وخصوصا الدينية .. فيحرف ما قرأ وفق هواه الديني .. أو وفق هواه العرقي ( القومي ) كما حدث في ترجمات الفرس .. أو وفق هواه الجهوي ، كما حدث في إسهامات اليمنيين عندما ، رأوا أن الأضواء خطفت من منطقتهم ورحلت شمالا بعد ظهور الاسلام ..

    3 ـ طمع المترجمين في المال .. حيث أن المأمون انتهج نهجا في مكافأة المترجمين بوزن ما ترجموا بالذهب .. فكان أحدهم يطيل بشرح الفكرة .. أو يجعل من الفصل الواحد كتابا مستقلا ، طمعا بالمكافأة .. أو يقومون بتحريف ما ترجموه سابقا ، لصيغة جديدة ، ويقدموه على أساس أنه عمل جديد ..


    أسباب حركة الترجمة :

    كان لحركة الترجمة دوافع و أسباب ، جعلت العرب يهتمون بها ذلك الاهتمام المفاجئ ومن تلك الأسباب :

    1 ـ تيقن خلفاء بني العباس ، أن المعرفة و الثقافة هي من أهم العوامل التي ترتكز عليها نهضة الدول .. خصوصا أن الإسلام فرض على كل مسلم ومسلمة طلب العلم ، وميز بين الذي يعلم والذي لا يعلم .. وحث على طلب العلم ولو في الصين .. وطلبه من المهد الى اللحد ..

    فخرج الخلفاء العباسيون ، من الاكتفاء بعلوم الدين ، الى البحث عن مواطن المعرفة والعلم عند من سبقهم من الحضارات ، فوجهوا اهتمامهم الى النقل من الحضارة الهندية واليونانية والسريانية و الفارسية .. فنبشوا كنوزها ، وطوروا عليها وقدموا خدمة لتلك الحضارات ، إذ حفظوها وجددوا شبابها ونقلوها الى أكثر من لغة ، وشرحوها و أضافوا لمساتهم عليها ..

    2 ـ باتساع رقعة الدولة العربية ، برزت الحاجة لعلوم وفنون تتناسب مع هذه السعة ، فمد الطرقات وبناء دور الدولة وقصور العاملين يحتاج الى فن الهندسة والرياضيات ، وساعد على هذا توفر الأموال التي طبعت الدولة بالرفاهية ، فكانت علوم الطب و الهندسة والرياضيات لتلبية إشباع الحاجات الأساسية والفرعية ، وهذا ما دفع الخلفاء للاهتمام بنقل من سبقهم من حضارات .

    3 ـ ان الشعوب غير العربية التي دخلت بالإسلام ، كان عليها تعلم العربية لفهم الدين ، وليتسلموا وظائفهم في الدولة التي كانت لغتها السائدة هي العربية .. فقاموا بترجمة علومهم من لغاتهم الأصلية الى العربية ، ليبينوا قوة ماضيهم وعراقة نسبهم وحسبهم ، ويحققوا بذلك أكثر من غاية ..

    4 ـ الجدل الديني بين الطوائف ، والمناظرات التي كانت تتم في المساجد والمجالس ، حول أمور فلسفية و دينية ،و هل الإنسان مخير أم مسير ، دفع الخلفاء للاعتناء بما قيل في هذا الصدد ، في القديم وخصوصا عند فلاسفة اليونان ، كذلك دفع التهويش والجدل الذي كان يثيره اليهود والنصارى الى البحث فيما قاله من سبقوهم ، للاحتياط في المناظرات ..

    5 ـ الدافع الشخصي للحكام والأمراء ، فإن مال أحدهم الى جانب ، دفع المترجمين للقيام بترجمة ما يتعلق بهذا الجانب من مؤلفات قديمة .. كما حدث في موضوع الطب و التنجيم والمنطق عند بعض الخلفاء ..

    ـــــــــــ
    المراجع :
    ناجي معروف : أصالة الحضارة العربية
    عمر فروخ : تاريخ العلوم عند العرب
    حكمت نجيب عبد الرحمن دراسات في تاريخ العلوم عند العرب الموصل 1977
    خليل ابراهيم السامرائي /دراسات في تاريخ الفكر العربي الموصل 1986

المواضيع المتشابهه

  1. مؤسسة الفكر العربي تعلن أسماء الفائزين بـ«جائزة كتابي 2015» لأدب الطفل العربي
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى - فرسان أدب الأطفال
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-27-2015, 05:11 AM
  2. مستقبل الترجمة في الوطن العربي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-10-2015, 09:23 AM
  3. النقد في الفكر العربي المعاصر
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-22-2014, 02:16 AM
  4. أعلام الفكر العربي مدخل إلى خارطة الفكر العربي الراهنة
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-12-2014, 07:18 AM
  5. الترجمة وأثرها في إهمال العدد الوصفي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى فرسان التصويب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-07-2011, 08:16 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •