تأملات"هاوي قراءة" في بعض الآيات

[محمود المختار الشنقيطي]

تأملات"هاوي قراءة" في بعض الآيات

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ..لاشك أن المسلم مأمور – بنص التنزيل – بالتدبر في كتاب الله – سبحانه وتعالى – الخالد .. ولاشك أيضا أن التدبر والتأمل أمر والتفسير أمر آخر .. والأخير لا يستغني عن "أدواته" ...ولاشك – مرة ثالثة – أننا في زمان تجرأ الكثيرون على "تفسير"كتاب الله - سبحانه وتعالى – مع خلو جيوبهم من الأدوات اللازمة لذلك.ولعل المثال الاقرب .. هو الدكتور محمد الشحرور،صاحب كتاب"الكتاب والقرآن: رؤية معاصرة" – وعلى غلاف إحدى الطبعات "رؤية جديدة" ! - ونكتفي بما أشار إليه الدكتور ماهر المنجد،من النتيجة "الجديدة" التي توصل إليها الدكتور"الشحرور"ومفادها أن المرأة المسلمة،يجوز لها أن تظهر عارية تماما أمام الثمانية المذكورين في سورة النور!!تفسيرا لآية"وليضربن بخمرهن على جيوبهن "النور 31.فأين يكمن الخلل في هذا التفسير المعاصر،والذي يتماشى من عصر شواطئ العراة!!يقول الدكتور"المنجد"ردا على هذا السؤال :(ومكمن الخلل أن السيد المؤلف لا يعرف كيف يقرأ في المعجم،ولا كيف يستخرج كلمة منه،نقول هذا الكلام لأن"الجيب"من مادة"جيب"أي مما عينه ياء،ولكن المؤلف لفرط جهله بأمور اللغة فتح المعجم على مادة"جوب"ومن هنا جعل الجيب هو الفرج .. وقد نص المعجم صراحة للاحتراز من هذا الوهم في كلا المادتين فجاء في المعجم تعليقا على"جيب القميص"،فليس من لفظ الجيب لأنه من الواو،والجيب من الياء. ثم كرر ذلك في مادة "جيب" فقال : فليس"جيب"من هذا الباب،لأن عين "جبت"إنما هو من جاب يجوب،والجيب عينه ياء،ولقولهم "جيوب" .. ){ نقلا عن دراسة مطولة بقلم الدكتور ماهر المنجد نشرتها مجلة"عالم الفكر"الكويتية – المجلد الثاني والعشرون – العدد الرابع – مايو / يونيو 1993م – الصفحات من 137 حتى 225}.في زمن كهذا .. على نجم ثعالبه .. – كتاب الدكتور"الشحرور"وهو سفر ضخم طُبع ثلاث مرات في خمسة عشر شهرا!! – قد يتحرج "هاوي قراءة"مثلي من الحديث عن كتاب الله،سبحانه وتعالى ..لكن الأمر لا يتجاوز "التدبر"والسعي لطرح بعض الأسئلة .. حول الربط بين آية كريمة وأخرى .. إلخالبدأ سيكون مع لمحة خطرت في بالي،وأنا أشاهد برنامج "سواعد الإخاء"والذي خصص حلقة هذه السنة لسورة"يوسف" .. لا أتذكر أنني قرأتُ شيئا عن سؤال دار في خلدي ... حول تأثير قول إخوة سيدنا يوسف – عليه و عليهم وعلى نبينا السلام – " فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين "يوسف 78هذه النقلة النوعية،إن صح التعبير،من "لَيوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا .."يوسف 8 و"اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا" يوسف 9 .. وصولا إلى الاستعداد إلى أن يفقد أحدهم،دون تحديده،حريته من أجل عودة "بن يامين"إلى أبيه .. يا ترى أي أثر تركه هذا الموقف في نفس سيدنا يوسف؟هذا ما يتعلق بالسؤال .. أما محاولة الربط فتتعلق بتفسير "فخانتاهما" التحريم 10كما هو معلوم اختُلف حول معنى الخيانة .. وقد جاء عند تفسير قوله تعالى "إنه عمل غير صالح"هود 46(وقد نص غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنه ليس ابنه،وإنما كان ابن زنية) : تفسير ابن كثيروفي تفسير "القرطبي"(وقال ابن جريج :ناداه وهو يحسب أنه ابنه،وكان ولد على فراشه،وكانت امرأته خانته فيه،ولهذا قال "فخانتاهما" ).وأضاف :(وقد روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع عبيد بن عمير يقول : نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قضى بالولد للفراش من أجل بن نوح عليه السلام : ذكره أبو عمر في كتاب"التمهيد" ).موضع التأمل ..كنت أتساءل .. لماذا قرن الله سبحانه وتعالى،بين زوجتي نبييه نوحا ولوطا – عليهما وعلى نبينا السلام – في آية واحدة ؟ بينما أفرد كل واحدة من سيدتينا الطاهرتين بآية مستقلة؟أهو التكريم؟ ويا له من تكريم.ولكن في إطار ما نتأمل فيه .. سنجد أن ابتلاء سيدتنا "آسية"يختلف عن ابتلاء سيدتنا"العذراء"فالأولى كانت تقول "لا إله إلا الله"وهي تحت رجل يقول"أنا ربكم الأعلى"النازعات 24أما الثانية .. فنستطيع تصور معاناتها إذا تذكرنا معاناة طاهرة أخرى هي الصديقة بنت الصديق – رضي الله عنها وعن أبيها – وقد رميت بالافك .. وعانت ما عانت .. لفريت أُطلقت .. فكيف ستكون معاناة من أتت تحمل "دليل إدانتها" – دليل براءتها في الواقع – وكان أول ما قيل لها .. تذكيرها بأخيها .. ووالديها .. "يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغيا" مريم 28.ولاشك أن "الصديقة" – رضي الله عنها وعن أبيها – أيضا تألمت لما قد يلحق زوجها وحبيبها ونبيها – صلى الله عليه وسلم – من الفرية التي رُميت بها .. وما سيلحق أبويها رضي الله عنهما.فهل لهذا أفردت كل واحدة من الطاهرتين بآية كاملة؟بينما قرنت الخاطئتان في آية واحدة .. لأن جريمتهما واحدة "الكفر"؟ولعل مما يستأنس به .. أن أحدا لا يستطيع أن يرمي زوجة سيدنا"لوطا"بالخيانة الزوجية .. إذ كان عليه السلام يقول لقومه"هؤلاء بناتي هن أطهر لكم"هود 78 .. فيردون عليه "لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد" هود 79بمعنى آخر .. هل لو اختلفت جريمة زوجة سيدنا نوح،عن جريمة زوجة سيدنا لوط .. هل كان الله سبحانه وتعالى سيفرد كل واحدة منهما بآية؟وبالعودة إلى التأمل في ابن سيدنا نوح – عليه وعلى نبينا السلام – نتساءل هل تمثل كلمة"صالح" – في قوله تعالى"إنه عمل غير صالح" : هود 46 – مفتاح القضية؟هذا السؤال ينقلنا إلى دعاء الملائكة – عليهم السلام – " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم"غافر 8وسيدنا نوح يقول مخاطبا ربنا جل وعلا "رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق" هود 45الملائكة يقولون"الذي وعدتهم" وسيدنا نوح يقول "ووعدك الحق"بينما أهل النار، أجارنا الله ووالدِينا،وإياكم منها، كما يخبر عنهم الحق سبحانه وتعالى :"وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل"فاطر 37فما"الصالح"الذي نُفي عن ابن سيدنا نوح .. وجعلته الملائكة شرطا للنجاة الأكبرى "ومن صلح" وطلب الكفار العودة إلى الدنيا لعمله؟(نعمل صالحا قال ابن عباس : نقل لا إله إلا الله) تفسير القرطبيفلا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

[أبو فراس]

كأن سورة يوسف حازت على جل الاهتمام لدى المتأملين، والمدبرين، والمفسرين. بارك الله فيكم