منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    مواجهة التغريب بين الذهنية والفعل الصريح


    (في ضوء القصص الشاعرة*)
    إن التغريب كقضية ليس للغرب يد فيها بقدر ما كانت " الأنا العربية " سبباً في هذا التغريب، إذ أن الغرب في محاولاته لإثبات نجاحه - و التي لا اعتراض عليها - لا يقابلها سعي مماثل لإثبات إنجازاتنا واحتفاظ كل بخصوصيته يدعم فكرة العولمة ولا ينقصها، و من هذا المنطلق نبدأ الرحلة بذكر عدة شواهد منها:-
    الشاهد الأول:-
    من هو الذي فك رموز حجر رشيد؟، و ما هي هذه الطلاسم؟، ومن أول من اكتشفها؟، و ما عدد نسخ حجر رشيد، وما هي لغاته، وأين توجد الأصول والنسخ ؟
    قد يجيب البعض أن من فك حجر رشيد هو "شامبليون"، والحقيقة التاريخية أن من فك الطلاسم هو المصري العربي "بن وحشي" وتلاه ثلاثة من الفرنسيين من بينهم "توماس يانج" و كان رابعهم "شامبليون" والذي تربع اسمه وحده علي عرش فك تلك الرموز وأهمل سابقوه، ولا سيما أن واضع اللبنة الأساسية لهذا التطور التاريخي (وهو من جنس عربي)، وكذلك فإن أول من أكتشف النسخة الأولي من حجر رشيد كان هو العامل "المصري" والذي كان يقوم بعمليات ترميم لقلعة "قايتباي" ومعه جندي فرنسي يسمي "بوشار" و نسب الاكتشاف إلي "بوشار هذا" - لأنه يمثل القوي المسيطرة آنذاك - و هذه النسخة الأولي من حجر رشيد مصنوعة من "جرانيو ديبو رايت" و هو حجر أسواني عادي وأشهر ما كتب عليه أن " هذا النص ينقل علي أحجار صلبه من الكتابة المقدسة (لغة الحكام البطالمة) و الفينيقية (لغة العامة من أهل مصر) واليونانية، و سوف توجد الأحجار التالية بجانب تمثال الملك (بطليموس الثالث الذي تولي الحكم وعمره ثلاث سنوات و صنع الحجر في السنة التاسعة من حكمه) في قدس الأقداس" ، و قد تأكد ذلك بعد اكتشاف نسخة ثانية من الحجر مكتوب عليها باللغة اليونانية نفس المضمون علي الحجر الأول ، و ما يؤكد أن من كتب علي النسخة اليونانية أنه كان مصرياً و ليس يونانياً تلك الأخطاء الإملائية ..!
    وحتى لا أطيل في السرد التاريخي نطير إلي شواهد أخري بسرعة.
    الشاهد الثاني:-
    في ضوء محاولات اغتيال هوية العقل العربي .. كيف قتلت عالمة الذرة المصرية "سميرة موسى"، و من قتلها؟
    ستكون الردود كما جاءت في الصحف في تلك الفترة أنها قتلت في حادث انقلاب سيارة بمنطقة جبلية و هي في طريقها لزيارة أحد معاقل التصنيع الأمريكية ، في حين أعلن أخوها أنها كانت قبيل دفنها تحتفظ بمكياجها ولم توجد نقطة دم واحدة وجسدها كان لينا و ليس بها زرقة، كما وجدوا ورقة في حقيبتها مكتوباً عليها بخطها "و غربت الشمس"، وكأن حادثة السيارة المزعومة لم تترك بها أي إصابات أو جروح، و قيل أن سائق السيارة فتح باب السيارة وقذف بنفسه خارجها وشغلنا بالكلام حوله – و قد كان سليماً أيضاً – و لم نشغل بالنا بحقيقة الحادثة ولا بالظواهر الغريبة التي جعلت سميرة موسى و سائقها – رغم موت الأولي ونجاة الثاني – لم يصب أحدهما بأي سحجات، ذلك لأن الحادثة أكدت أن المجني عليها من جنس (عربي) ولذلك تم إخفاء أسم الجاني، بعكس الفوز أو التفوق يظهر القطب الأقوى.

    الشاهد الثالث:-
    من هو مكتشف أمريكا ؟
    ستكون الإجابة لدي المعظم أنه "كريستوفر كولومبس"، ولعل الحقيقة التاريخية تثبت غير ذلك، ففي الجزء الأول من كتاب «حول العالم» أوردت أدلة كثيرة تثبت أن كولومبس استعان في رحلته الشهيرة بمرشدين مسلمين مغاربة (زاروا أمريكا من قبل)، وأن المكتشف الأسباني "فراماركوس دينيز" استعان بمرشد مغربي اسمه «إسطفان» قتله الهنود الحمر عام 1539 في نيومكسيكو!! وبنفس سيناريو " القتل "، وإغفال الاسم العربي يظل التغريب هو "الفتوة" .
    شواهد إضافية :-
    التدخل الغربي في المناهج التعليمية و قوانين الصحة و التعديلات وغيرها، فإذا كان التدخل يظهر الفاعل جانياً ينسب إلي "عربي" – متخذاً شكل الريادة – وعند ظهور الجناية يتدخل "الغربي" بحجة تصحيح الأوضاع وعمليات الإصلاح و مكافحة الإرهاب ليتمكن من السيطرة الكاملة وخصخصة الأشياء، حتى الموارد المائية
    من هذه الشواهد و الوقائع التاريخية وجب علينا تطبيق مبدأ "التغريب كفانا"، و هذا لا يكون إلا بإبداع جديد (عربي) ، و وقفة ناصرة لما هو في عالم الذهنية و يبين النزعات الحقيقية دون اعتراف بالتصفيق عشوائياً، تلك النزعات المتباينة حول هذا الموضوع و التي يظهرها إحساس مرهف بالحدث مما يجعلنا نفرض علي أنفسنا معرفة نوع المنبه للأحداث (مثل المشي في أرض جبلية – نص – جنس أدبي جديد) ومعرفة الدوافع (مثل التقدم بحذر الانبطاح التشبث التقهقر - ... وما إلي ذلك)، و كذلك معرفة ما يمثله الشعور (الخطورة و صعوبة التراجع) و ما تمثله الانفعالات (الخوف الفرح الغضب الحزن) مع التوفيق بين الأفعال لإشباع الدوافع و تنسيقها و تعديلها لتكون النتيجة (الاستجابة) عبارة عن تعدل الطبيعة الكلية لتجربة الإنسان ، و بالتالي يعدل السلوك الإنسانى. وهذه الحقيقة توجد في الفنون و لا سيما الشعر والقصة، و الفن التشكيلي، فرؤية لوحة مرسومة (علي شكل وردة مثلاً) أو مشهد جريمة في مسرحية أو قراءة قصيدة ، يولد كثيراً في نفوسناً من الأثر الذي تؤكده رؤية الوردة ذاتها أو الجريمة في الواقع أو قراءة القصيدة (فقد نتصور مثلاً صوت و حركة المبدع أثناء كتابته لها)، إذ نكون قد عدلنا الدوافع، وتمثل هذا التعديل في وعينا بأن ما نراه لوحة أو مشهد أو صفحة مكتوبة و ليس حقيقة، فتتاح الفرصة لتدخل العالم الذهني ليتصور الحدث رغم عدم ظهوره بشكل صريح. وهذا الأثر الذي يولده ذلك التصور يسمي "الاستجابة "، و أفضل الاستجابات إذا كانت الدوافع في مرحلة الشروع، وهذا ما يحدث في استجابتنا للنص – أيا كان نوعه – إذا يستدعي الإحساس الحاضر (بوعينا أنه نص) كعلامة تماثل احساسات ماضية ليكون الرمز والإسقاط علي هذه الاحساسات. وتتفاوت نسبة الانفعالات و الأحاسيس باختلاف الاستجابات الباطنية للأفراد، وأن كان العمل واحداً لم يتغير .
    والأدب يهتم بالإدراك (الإحساس يصاحبه انفعال) بنفس القدر الذي تهتم به علوم النفس والأعصاب والاجتماع، و قد يفوق الأدب علي الثلاثة بأنه إلهام أكثر منه فناً وإبداع أكثر منه علماً، والإلهام والإبداع كلاهما في الصورة الذهنية والحس المرهف (الحدس) ينجم عنه انفعال دقيق يختلف باختلاف النزعات المتباينة (قمع، اصطراع، احتلال، ...) للوضع الخارجي الواحد، و تلك النزعات (صورة ذهنية) و لتحليلها بشكل صريح لابد من تحليل السلوكيات (باعتبارها المعبر عن هذه النزعات وإن كان هذا التعبير بسيطاً) بشرط توفر براعة التصور الذهني للنص بلغته المنجزة و القدرة علي الحكم و التمييز بين التجارب علي أساس من القيم ، فالنص يمكن اعتباره "المنبه" و تحليله هو "السلوك الصريح" ، أما تحليل النزعات الصورية تكون أقرب إلي الصحة بما تؤكده الأحداث المستقبلية (ما أشارت إليه الحداثة) مما يجعلنا نقول إن الماضي يرسم المستقبل ونؤكده:-
    النقد مسألة علـي خبـرات ... و الشعر برهان بلا خطوات
    والمسألة هنا في النقد تعني الحدس ،و الشاعر يصل إلي الحل إلهاماً، و يمثله البرهان الذي هو في الأصل بلا خطوات، و تفوق الأديب (يمثله الشاعر مجازاً) يأتي من "برهان بلا خطوات"، علي عكس التاجر الذي يقوم بعمل هذه الخطوات في عالمه الذهني، تلك الخطوات التي يجريها التلميذ علي ورقة كسلوك صريح، فإذا تصورنا عالمين ذهنيين يمثلهما الشاعر و التاجر (في عدم وجود خطوات ظاهرة للبرهان)، فسيواجه هذان العالمان الذهنيان عالماً صريحاً تمثله حركة التلميذ بين ورقة و قلم، و هذه المواجهة تكون ببساطة طرق التفكير (و ليس بساطة التفكير)الناجمة عن الرقي و الحس المتطور، من أهم سمات ذو الحدس، علي عكس تلك الطرق المعقدة في كثرة التفكير الاستدلالي الناجم عن عدم تعلم صاحبه كيفية تفسير التغيرات علي نحو منتظم ، إذ أن أصحاب الحس المرهف تكون استجابتهم العضوية دقيقة، و الحساس يتسم أحكامه بالصدق و التمييز بدرجة تدعو إلي الدهشة مثل حساسية الحكم علي انسجام لونان أو حتى الاختلاف في اللون الواحد كتناسق الملابس وتفضيل ألوان معينة علي أنواع أقمشة بعينها، و يكون الحكم صادقاً رغم أن أصحاب هذا الحكم لا يقيمون أحكامهم علي استدلالات و ظواهر، و كثير من الأفراد لا يستطيع الحكم علي الأشياء إلا بعد وقوعها بينما أصحاب الحدس أو ما يسمي الحس المرهف لديهم القدرة علي الوصول للنتائج الحقيقية قبل وقوع الحدث و علي ذلك يمكنهم رؤية المستقبل و نتائجه من خلال ذلك الإحساس .
    ورؤية المستقبل هنا لا تخالف الدين وإنما الدين يعضدها، إذ يؤكد علي تنمية القدرات الفردية وتحسين الأداء و العمل للنتائج، وهو ما يفسر زرع النواة التي لم تصبح نخلة مثمرة إلا بعد 20 عاماً ويؤكد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا"، و قد يتباين الجميع في نزعاتهم حول موضوع ما – و ليكن رفض الهروب من الهوية – و بالتالي تختلف السلوكيات، فالعربي يعتز بعروبته ، كما أن الغربي يعتز بغربيته و الدليل علي ذلك محاولات الثاني لهيمنة ثقافته علي الثقافة العربية رغم أن صراعات الدول الغربية ذاتها فيما بينها قد تكون من أجل هيمنة ثقافة دولة علي أخري، بل من أجل هيمنة ثقافة ما علي ثقافة أخري سبقتها في نفس الدولة كما حدث في فرنسا عندما كانت الصراعات من أجل إزاحة الثقافة اللاتينية وفرض ثقافة الشارع الفرنسي .
    والهوية الحقيقية هي تعبير عن الذات ، و الذات هي تعبير عن "الأنا" بكل تفاصيله حتي أن العامة يقولون :- "كل واحد في نفسه ملك "، أما محاولات تفضيل الأخر علي الأنا فلابد أن تكون بدافع ذهني (و ليكن الحب و يزيد كلما كان الحب في الله).
    والهوية كما يقول د . رمضان البسطاويسي :- " قد تكون من اختراع تصوراتنا عن أنفسنا وعن العالم الذي نعيش فيه و لكن الهوية مرتبطة أيضاً بالاستعارة والمجاز والمنظومة الرمزية التي نطلق عليها التراث كأحد مكونات الهوية، و حين تتخذ الذات من نفسها موضوعاً للتأمل والتفكير فأن الأخر يكون في صميم الذات و يعبر عن الشرخ الداخلي، فالآخر له حضور و لابد من إعادة بناء ما قدمته الحضارة الغربية، و فن معطيات الأنا و تصوراتها عن العالم "
    وتكمن الخطورة في انفصام الذهني عن الصريح ، إذ تكون قراءة النص تعبر عن عدم الامتزاج الكامل بين جنس ما و أجناس أخري، رغم اشتراك الأجناس المختلفة في سمات معينة مثل الشعرية فنقول مثلاً:- لوحة شعرية، مقال شعري، قصة شعرية،........... ذلك طبقاً لتعريف سمة الشعرية ذاتها إذ أنها "خطاب جمالي متفرد" و رغم استفادة الأجناس بفنونها المختلفة إلا أن القراءة النهائية لا تعبر إلا عن جنس معين ، مثل استفادة القصيدة بفن الدراما (الشعر القصصي متمثلاً في الملاحم والمسرحيات) لا تعبر قراءة النصوص إلا عن جنس واحد هو فن الشعر، وكذلك القصة الشعرية لا تعبر إلا عن جنس واحد هو فن القصة لأن تلك الشعرية سمة تتسم بها جميع الأجناس.

  2. #2
    اختصاص تراجم وسير ذاتية من مصر
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    1,562
    النقد مسألة علـي خبـرات ... و الشعر برهان بلا خطوات
    _
    نعم
    نعم

  3. #3



    شوقتنا لمقتطفاتك أيها الباحث الأخ الـ " خليل "


    مرورك أستاذ إبراهيم يُسعدني ويُساعدني فلا تحرمني زهرة حبك


    شاكر لك حسن طلعتك ونور الضمير


    تقبل تحياتي حتى تعود .. أنتظرك



المواضيع المتشابهه

  1. اختبار ما بين المد الاحتجاجي والفعل الانتخابي...
    بواسطة Abdelhak Riki في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-11-2016, 11:16 AM
  2. في التغريب
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-21-2014, 05:15 AM
  3. استعمالات المشغل السردي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-02-2013, 10:12 AM
  4. الشريد
    بواسطة ربيعة أحماني في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 02-23-2013, 09:17 PM
  5. قصيدة (النعل الشريف والفعل الظريف) والشاعر الفلسطيني ابو صهيب
    بواسطة الشاعر ابو صهيب في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 12-31-2008, 10:34 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •