ما دلالات المعلومات التقييمية حسب الأعراض والعلامات النفسية ؟
:

المظهر والسلوك العام :
يجلس المصاب بالاكتئاب ساكناً مركزاً نظره على الأرض في العادة ، ولكن هناك حالات يُظْهر فيها المريض شيئاً من الهياج والارتعاش وعدم القدرة على المحافظة على الهدوء والبقاء في مكان واحد . وفي حالات الهوس يكون المريض منتشياً منطلقاً مفرط الحركة ، ويقوم بحركات غير هادفة دون اعتبار لأحد أو أي رادع .

وفي الفصام يمكن ملاحظة بعض الحركات السلوكية المضطربة التي تدعى بالجامود ، وتتضمن الذهول والإثارة والحركات النمطية (وهي حركات متكررة منتظمة لا هدف لها ومثالها أرجحة الجسم) . والتصنع ، (وهي حركات متكررة تبدو ذات معنى كالتحية بشكل خاص) والسلبية في التصرف بطريق المخالفة (يفعل المريض عكس ما يطلب منه معاكساً ورافضاً فعل ما يطلب منه) ، والطاعة الآلية (ينفذ الأوامر دون فهمها ولو طُلِبَ منه ألاَّ ينفذ شيئاً) . والصدى الحركي (تقليد حركات الفاحص رغم الطلب منه بألاَّ يفعل ذلك) .
الكلام : يمكن الاستدلال على طبيعة تفكير المريض ووعيه من كلامه وطريقة حديثه ، فقد يكون تسلسل الأفكار وجريانها مضطرباً وقد يكون نمط وشكل الأفكار مضطرباً .
اضطراب جريان الفكر :
قد تكون كمية الأفكار وسرعتها غير عادية فقد تتسارع الأفكار وتتنوع ، ويعرف ذلك بضغط الأفكار الذي يشاهد في حالة الهوس . أو أن تصبح الأفكار معدومة ويحس المريض بأنه فارغ من أي فكر وهو ما يشاهد في الاكتئاب . وقد يشاهد ضغط الأفكار أو عدم وجودها في الفصام .
وقد يحدث تقطع الأفكار بشكل فجائي (تحدث الأشكال الخفيفة طبيعياً في حالات التعب والإرهاق) بما يعرف بإحصار الفكر وهو ما نجده في الفصام . ويصف المريض هذه الحالة بأنه يشعر بفراغ تام للمحتوى الفكري بشكل مفاجئ ، وقد يعللها المريض بتدخل عدو في إفراغها .
اضطراب شكل الفكر :
يمكن أن يضطرب شكل التفكير والفكر وفق ثلاث صور :
1- تطاير أو هرب الأفكار flight of ideas :
ويقصد بها تنقل الأفكار بسرعة من موضوع لآخر قبل إتمام أي موضوع مع وجود رابط بين الحديثين غالباً ما يكون لفظياً (استخدام كلمات متشابهة في
اللفظ) أو نوع من التَّوْرِيَة (كاستخدام كلمة تحتمل أكثر من معنى) . أو السجع .. ويحدث هذا النمط من تنقل الأفكار في الهوس .
2- المثابرة (المواظبة أو الوظوب) : تكرار الفعل بشكل متواصل ولكن بشكل غير مناسب ، وهو ما يحدث في الخَرَف وفي حالات مرضية أخرى . فالمريض يكرر أو يواظب على سرد الأفكار ذاتها بالعبارات ذاتها ولو تمت محاولات تحويل الحديث إلى شيء آخر .
3- تشتت الأفكار : (فقدان الروابط) بحيث يبدو الحديث غير واضح ولا مفهوم . ولتشتت الأفكار عدة أشكال منها ما يعرف بحركات الفارس ( القفز) أو الخروج عن الخط حيث يتم الانتقال من موضوع لآخر دون وجود رابط منطقي بين الموضوعين . وقد تصل إلى درجة فقد الترابط حتى بين الكلمات بحيث يكون كلام المريض متنوعاً دون رابط وهو ما يعرف بسَلَطَة الكلمات . ومن تشتت الأفكار ألاَّ يصل المريض إلى لب الفكرة وإنما يحوم حولها .
اضطرابات الوجدان (المزاح والانفعال) :
يمثل الوجدان جميع المشاعر النفسية سواء كان من طبيعة سارة مرغوبة أو محزنة غير مرغوبة ، وتعرف المشاعر المديدة باسم المزاج وأما المشاعر العاطفية المؤقتة القصيرة الأمد فتعرف بالانفعال .
يضطرب المزاج في كثير من الحالات المرضية النفسية كالاكتئاب والهوس والقلق والفصام والذهانات العضوية ، ويأخذ اضطراب المزاج عدة نماذج :
تبدل طبيعة المزاج :
يمكن أن تتبدل طبيعة المزاج هبوطاً (في الاكتئاب أو القلق أو عدم القدرة على التمتع ونقص الحيوية ..) وارتفاعاً (كالشعور بالزهو وفرط النشاط والحيوية ، وقد يصل الأمر إلى حالة الشُّمَاق إذا تجاوز الابتهاج ما يقتضيه الواقع فيسترسل في إبراز مواهبه وقدراته دون التزام بالقيود الاجتماعية ..ويشاهد ذلك في الهوس)
وقد يحدث الرهاب (الخوف المرضي) خوفاً من شيء أو فعل أو مكان محدد يحاول المريض تجنبه .
تقلب المزاج :
يتقلب المزاج بين المفرحات والمنغصات بشكل غير طبيعي ومتناقض لا يتناسب مع
الحوادث الحقيقية ، ونميز من هذه الحالات المزاج المقلقل . وهناك حالة من فقد العواطف التي تجعل المزاج مسطحاً ويكون المريض حينها مصاباً بالخمول .
المزاج غير المناسب (غير الملائم) :
انعدام التناسب بين حالة المزاج والتعابير الانفعالية أو الكلام والفعل . كالذي يضحك عندما يتحدث عن موت عزيز له .
محتوى الفكر :
يقصد به محتوى الفكر من المخاوف والانشغالات الفكرية ، وما يهمنا منها المحتويات المرضية الوسواسية والأفعال القسرية والمعتقدات غير الطبيعية الوهمية .
الوسواس :
هو فكرة أو صورة عقلية متكررة بشكل مستمر رغم كل الجهود التي يبذلها المريض لمقاومتها . ويعلم المريض أنَّ الوسواس نابع منه وليس من مصدر
خارجي وهذا ما يفرق الوسواس عن ظاهرة حشر الأفكار .
ويتعلق مضمون الوسواس عادة بأفكار الأوساخ أو القذارة والعدوى والخوف من المرض والمبالغة بالترتيب ، وكثيراً ما يترافق ذلك بكثرة غسل اليدين أو تكرار الفحص .
الفعل القسري :
فعل متكرر ظاهرياً يؤدى بطرق نَمَطية تعرف بالطقوس القسرية يشعر المريض من داخله بضرورة أدائه مع رغبة بمقاومة هذا الأداء .

وللمعتقدات غير الطبيعية عدة أشكال أهمها :
التوهم بمعتقدات لا توافقه عليها بيئته وهي غير منطقية .
وقد يكون التوهم أولياً بحيث يظهر فجأة باقتناع المريض بأشياء لم يكن يفكر فيها مسبقاً كأن يعتقد أثناء تناوله الطعام بأنَّ أصدقاءه قد أصبحوا أعداءه ، وقد جاؤوا يريدون قتله (يعرف ذلك بالإدراك التوهمي المشاهد في حالات الفصام) .
وقد يكون التوهم ثانوياً وهو التوهم المشتق من تجارب مرضية سابقة كالمزاج الاكتئابي أو الهلوسة السمعية .
وتصنف التَّوَهُّمات بحسب مضمونها إلى توهمات زَوَرِيَّة (توهمات اضطهاد) ، وتوهمات مرجعية وتوهمات الذَّنْب وتوهمات عدمية وتوهمات دينية وتوهمات العَظَمَة . وهناك توهمات تتعلق بالسيطرة على الأفكار كأن يعتقد بأنَّ بعض أفكاره ليست منه بل مغروزة فيه من غيره (غرز الأفكار) ، وقد يعتقد بأنَّ أفكاره تسرق منه (سحب الأفكار) . وقد يعتقد بأنَّ من حوله يقرؤون أفكاره دون أن يبوح بها وذلك بطريقة التخاطر أو اللاسلكي (تحدث عادة في الفصام) ، وقد يعتقد المريض بأنَّ أوهامه تحدث نتيجة السحر أو الأشعة أو الأمواج الصوتية .
ويجب تفريق التوهمات عن الأفكار المضخمة وهي قناعات شخصية قوية يمكن فهمها في ضوء الخلفية الاجتماعية والثقافية للمريض .
وتصادف الأفكار المرجعية عند مفرطي الحساسية لكنها لا تصل إلى درجة التوهم فيعتقدون بأنَّ الآخرين يراقبونهم بعناية في الأماكن العامة وقد يتهامسون عنهم . ولا يعتبر ذلك توهماً لأنَّ الشخص المعني يعرف بأنَّ تفكيره نابع منه وأنه لا يستحق الاهتمام أكثر من غيره ، ورغم ذلك فإنه لا يمكنه التخلص من أفكاره المرجعية .
التجارب غير الطبيعية :
- الانخداع Illusion :
وهو سوء تفسير المنبهات الحسية ، ويحدث في العادة عندما تكون شدة التنبيهات الحسية منخفضة عموماً . فمثلاً تشاهد شخصاً عن بعد فتظنه شخصاً آخر نتيجة نقص أو عدم وضوح الرؤية (عند الأسوياء) والسراب من أنواع الانخداع أيضاً عند الأسوياء . والفارق بين الانخداع عند المريض والسوي أن الأول لا يقبل تصحيح الحالة بينما يتفهم الثاني عملية الانخداع ويقبل تصحيحها .
- الهلَسُ (الهلوسة ) Hallucination :
وهو إدراك حسي كامل (وليس مجرد تخيل) دون أي تنبيه خارجي لأعضاء الحواس . وتعتبر الأحلام من الهلاوس الطبيعية ، وقد تستقبل الإحساسات مرافقة لتنبيهات حسية حقيقية ، ولا يمكن للمريض التحكم بالهلاوس إرادياً . ويمكن أن تحدث الهلوسة في جميع الحواس : سمعية أو بصرية أو شمية أو ذوقية أو لمسية . وقد تكون بسيطة وقد تكون معقدة . ويمكن أن يحدث الهلَس السمعي عند الأصحاء طبيعياً بعد التعب أو في المرحلة الانتقالية بين الصحو والنوم .
- تبدد الشخصية depersonalization وتبدد الواقعية derealization :
وهو اضطراب يتمثل بشكوى الشخص تلقائياً من تغيير كيفي في نشاطه العقلي والجسدي وفي البيئة المحيطة به بحيث تبدو له هذه الأشياء غير حقيقية . وقد يشاهد الشخص نفسه من مسافة بعيدة وكأنه ميت أو أن يفقد مشاعره وإحساسه بنفسه ويمكن أن تحدث هذه الحالة عند الأصحاء بعد التعب أو تناول الأدوية المهلوسة وأما حدوثها في الحالات المرضية فيكون في حالات القلق والاكتئاب والفصام وصرع الفص الصدغي .

الحالة الاستعرافية للمريض Cognitive state :
ويقصد بها درجة الوعي وإدراك المريض لذاته وبيئته . ويتم تقييمها بفحص التوجه والانتباه والتركيز والذاكرة القريبة والبعيدة .
تضطرب الذاكرة القريبة في متلازمة فيرنيكه كورساكوف . ومن الظواهر المشهورة فيما يتعلق بالذاكرة ظاهرة " سبق رؤيته " (مع أنه لم يره) ، "لم أعرفه سابقاً" (مع أنه يعرفه) وتحدث هاتين الظاهرتين في الصرع . ويمكن ملاحظة الظاهرة الأولى في الحالات الطبيعية عند التعب والقلق .

ما الملاحظات التي يجب الانتباه إليها عند المرضى في المستشفى ؟
1- المظهر الخارجي والقوام والحركات .
2- السلوك المرتبط بـ :
أ- النشاط : مرونة في الحركة ، التخشب ، الحركات النمطية ..
ب- المزاج : توتر ، قلق ، فزع ، لا مبالاة ، نشوة ..
ج– التفكير : ترابطه أو تطايره ونشاطه أو بطؤه ..وكشف محتواه من حيث الضلالات والأفكار الوسواسية ..
د – الإدراك : الهلوسة أو الانخداع .
هـ الانتباه .
و – الوعي : تغيم أو سبات أو هذيان أو تخليط ..
ز - التوجه : للزمان والمكان ومعرفة الأشخاص ..
ح – الذاكرة القريبة والبعيدة .
ط – الاستبصار
ي – المحاكمة والاستنتاج .
ك – النوم : مدته ، تواصله ، ترافقه بالأحلام ..
ل – الشهية للطعام وعادات الأكل .
م – النظافة اليومية .
ن – عادات التغوط والتبول ..
3- الحديث : كمية الكلام وسرعته وترابطه والتكرار ..
4- العلاقات المختلفة ورد فعله عليها . (المنبه والاستجابة)
5- توقيت المناسبات : النظافة والطعام والعمل وشغل الفراغ …
6- نوعية التصرف : هل يتصرف المريض كقائد يحب إصدار الأوامر أم تابع يقبل الأوامر .