براعة أمل دنقل المريرة في استلهام الشخصيات التاريخية ثم عجنها بالواقع تكاد تكون استثنائية:

فقبِّلوا زوجاتِكم... إنِّي تركتُ زوجتي بلا وداعْ

وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ

فعلِّموهُ الانحناءْ

علِّموهُ الانحناءْ

... ... ...

والودعاءُ الطيبونْ

هم الذين يَرِثونَ الأرضَ في نهايةِ المدى

لأنهم... لا يُشنَقونْ

فعلِّموهُ الانحناءْ

... ... ...

وليس ثَمَّ من مَفَرٍّ

لا تحلُموا بعالَمٍ سعيدْ

فخلْفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ

وخلْفَ كلِّ ثائرٍ يموتُ: أحزانٌ بلا جدوى

ودمعةٌ سُدى

***

يا قيصرُ العظيم: قد أخطأتُ... إني أعترِفْ

دعني – على مِشنقتي – ألْثُمُ يَدَكْ

ها أنا ذا أقبِّل الحبلَ الذي في عُنقي يلتفُّ

فهو يداكَ، وهو مجدُك الذي يجِبرُنا أن نعبُدَكْ

دعني أُكَفِّرْ عنْ خطيئتي

أمنحكَ – بعد ميتتي – جُمْجُمَتي

تصوغُ منها لكَ كأسًا لشرابِك القويِّ

... فإن فعلتَ ما أريدْ

إنْ يسألوكَ مرةً عن دَمِيَ الشهيدْ

وهل تُرى منحتَني "الوجودَ" كي تسلُبَني "الوجودْ"

فقلْ لهم: قد ماتَ... غيرَ حاقدٍ عليَّ

وهذه الكأسُ – التي كانتْ عظامُها جمجمتَه –

وثيقةُ الغُفرانِ لي

يا قاتلي: إني صفحتُ عنكْ

في اللَّحظةِ التي استرحتَ بعدَها منِّي

استرحتُ منكْ

لكنني... أوصيكَ – إنْ تشأْ شنقَ الجميع –

أن ترحمَ الشجرْ

لا تقطعِ الجُذوعَ كي تنصبَها مشانق

لا تقطعِ الجُذوعْ

فربما يأتي الرَّبيعُ

"والعامُ عامُ جوعْ"