رضوان دعبول
الرجل الفذ

بقلم: الدكتور إحسان مأمون الجويجاتي

ولد في عام 1937 في دمشق، حاز الاجازة في رياضيات من جامعة دمشق عام 1962، وحصل على دبلوم في التربية عام 1963. اشتغل بالتدريس، ولكن عشقه للكتب ادّى به الى الاستقالة من التدريس والعمل في مجال النشر.
سمعت عنه بالثمانينات من القرن الماضي من صهري المرحوم بسام الجابي الذي كان شريكه في "دار المصحف". حيث كانوا يطبعون المصاحف بأحسن جودة ممكنة. كما عرفته منذ نعومة اظفاري حيث اقتنيت العديد من الكتب من دار "الرسالة"، اذكر منها قصص النبيين للعلامة ابو الحسن الندوي. بعدما كبرت وطحنتني الحياة بمشاغلها لم اعد اتابع دار الرسالة والجديد من منشوراتها.. واليوم وانا اكتب عن سيرته… لفت نظري شخصيته التي امتزجت برسالته وشغفه وشخصيته..

الرسالة

أدرك اهمية التميز في نشر الكتاب الاسلامي، فكان ممن صنعوا ذلك التميز.. ولم يكن نشر الكتاب له مجرد تصوير كتب التراث الاسلامي وطباعتها، بل كان يعمل على تحقيق الكنوز من الكتب، ويشرح معاني الغريب من الكلمات، وبعدها يتم التأكد من صحة الأخبار الواردة فيه ثم تتم الطباعة بأحسن ورق وبتم اخيرا إخراج التراث في أحسن اخراج.. هذا هو التميز… وبسبب جهود ابو مروان وامثاله من الناشرين المخلصين اصبحت دمشق عاصمة الكتاب الاسلامي في العالم.

كان يتعاقد مع المع العلماء لتحقيق امهات الكتب، كان متميزا بعمله ، فمثلا في طبعة القاموس المحيط استخدم الالوان لبيان مواد الكلمات، واستخدم المزيد من ادوات الترقيم وطبع المواد مفصّلا اوائل الفقرات. وابرز اوائل المواد واخرها. كما قام رحمه الله بجمع المجلدات الاربع للطبعة القديمة في مجلد واحد (طبعا هنا لكي يجعل من هذا امرا ممكنا ، استخدم اوراق ذات سماكة قليلة واستخدم حجم حروف مناسب). ثم تابع اتقانه من خلال تأسيس شركة توزيع لتقوم بإيصال الكتب المطبوعة الى القراء في ارجاء العالم. لقد كان من الناشرين القلائل الذين تميزوا في خدمة التراث الاسلامي، من حيث المصابرة وتحمل كلفة الاعمال الجسيمة.
كان يشجع المؤلفين اصحاب الافكار المفيدة فينشر كتبهم ، ومن خلال خبرته كان يوجّه جهودهم، كما كان متابعا للمستجدات على الفكر الاسلامي، فكان مساهما من موقعه في ايجاد حلول لمشاكل العصر. مثل الرد على الافكار الدخيلة على الدين الاصيل، والتأصيل لمنهج الرد على النوازل الفكرية، ومعالجة افكار المتغربين وبيان فكر الصحوة. وتشجيع الفكر المعتدل ومحاربة الغلو. وتنوعت منشوراته ما بين العقيدة والحديث والفقه والفكر واللغة. وبرأيي هذا هو الفرق بين الناشر صاحب الرسالة وبين الناشر الذي يبغي من نشره كسب المال وحسب. لأنه ممكن للناشر الذي يبحث عن الربح ان ينشر كتبا تافهة مرغوبة لأنها فقط تورد له الارباح..

من المؤلفين الذين تعاون معهم الشيخ شعيب الارناؤوط والشيخ عبد القادر ارناؤوط رحمهم الله، والشيخ نعيم عرقسوسي -حفظه الله – وغيرهما من المؤلفين.

الشغف

لم يكتف الاستاذ رضوان بالتركيز على نشر الكتب بل اشتغل بمجالات عديدة مثل العناية بالسيدات والاطفال، فنشر مجلة للسيدات اسمها "اسماء" ومجلة للأطفال اسمها" اروى ". كما اسس مركزا للدراسات والابحاث. كما الّف العديد من الكتب مثل نساء حبيبات، والروضة الغناء في اعلام النساء وغيرها من الكتب.
من امثلة الاسفار التي نشرها في دار الرسالة:
سير اعلام النبلاء للإمام الذهبي، تهذيب الكمال للإمام المزي، صحيح ابن حبان، للإمام ابن بلبان الفارسي، كنز العمال للمتقي الهندي، وفتح الباري، ومسند الامام احمد بن حنبل، والقاموس المحيط وغيره من الكتب المهمة.. وهذه الامثلة من الكتب ما تنوء بها الحكومات والمنظمات.. وهذه الكتب من المفاخر التي حُق له ان يفتخر بهذا الانتاج، و احسب انها من خير عمل يلقى الانسان فيه ربه.

الشخصية

عُرف رحمه الله بالمعرفة والتواضع وبشاشة الوجه والرقي والانسانية في التعامل مع موظفيه كان يعاملهم كأب او كأخ. شهد له الكثير بحسن معاملة المؤلفين يقول احد من عمل لديه انه كان يعامل الشيخ شعيب أرناؤوط وكأنه يعمل عنده. كان صاحب همة. فهو من السباقين على صلاة الفجر وصلاة الجماعة. شهد له الكثير بحمله لهمّ المسلمين وحرصه على مصالحهم.

ظل متابعا لتلقي العلم لأخر حياته، هل سمعتم عن ناشر تلقى شهادة الماجستير في علم النفس وهو في السبعين من عمره؟ ظل على همته وحماسه الى ان لقي ربه في اليوم 14/1/ 2023.

الله لا تحرمنا اجره و لا تفتنّا بعده واغفر لنا وله..

#الدكتور_إحسان_مأمون_الجويجاتي
#سير_الصالحين
#دمشق #سوريا #علماء_المسلمين #رضوان_دعبول