*لا تنس أنك من المورو.. !!*

شاهدت منذ قليل مقطعا على يوتيوب لشاب مغربي لطيف، أقام مشروعا زراعيا في أمريكا وذهب ليشتري بضعة أغنام لمزرعته.. وصل لبائعة الأغنام ففتح معها حوارا حول تشابه أغنامها مع الأغنام في بلده المغرب..

فأخبرته المرأة أن هذه الأغنام تعود سلالتها للأغنام التي أخذها (المورو) معهم أثناء غزوهم لأوروبا.. هكذا ذكرتها (المورو) ولكنه ترجمها (المسلمين).. ثم قالت إن الاسبان الذين ورثوها من المورو حملوها معهم في سفنهم لقدرتها على التحمل لتصل للأمريكتين.. ثم بعد ذلك رأوا أن يقوموا بحملة صليبية ضد هذه الأغنام لإبادتها، فهي تذكرهم بأعدائهم المورو الذين حاربوهم لقرون..

وقد كان الغربيون يسمون كل المسلمين (مورو).. ولازال ذلك دارجا حتى اليوم كما في المقطع المذكور.. وربما استخدمها البعض على سبيل الشتم والتنقيص.. كما يقول الأمريكان للسود (نيجرو)

وهكذا تحولت شنقيط إلى (مور)يتانيا

والمغرب إلى (مور)وكو

و(بلاد السلى) أسموها (الفلبين) على اسم ملكهم فيليب، ومناطق المسلمين منها، صارت - ببساطة - مناطق (المورو).. ولازالت بذلك الاسم لليوم

كما سميت جزيرة (دنيا العروبة) باسم (مور)يشيوس ولازالت تعرف بذلك حتى اليوم..

والمسلمون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوطها، سُموا (موريسكيون)..

وعاصمة جزر القمر سُميت (موروني).. وهكذا.. وهكذا.. وهكذا

إذن؛ كان الأوروبي العادي ينظر للمسلمين على أنهم أمة واحدة.. المغربي في أقصى الغرب، هو نفسه الفلبيني في أقصى الشرق.. جميعهم لم ير فيهم سوى أنهم (مورو).. لم ير الغازي الأوروبي أهمية كبيرة للإختلافات العرقية واللغوية والثقافية طالما ينتسب الجميع للإسلام.. رغم أن المسلم المعاصر نفسه قد يجد ذلك مادة للسخرية إن حدثته عن وجود رابطة او قضية مشتركة أو هوية تجمع بينه وبين قاطني جزر الفلبين أو موريشيوس !

وللطرافة، فإن أحد أشهر أطباق الطعام في أمريكا الجنوبية هو طبق (المورو والنصارى).. هكذا اسمه فعلا (Moros y Cristianos) وهو يعبر عن الصراع بين المسلمين والنصاري طوال قرون.. وهو عبارة عن أرز (والأرز هنا يمثل المسيحيين الأنقياء) وفاصوليا (والتي تمثل المسلمين داكني البشرة)

والتنويعات على (مورو) هذه والاشتقاقات منها كثيرة للغاية..

بل إن أشهر قديس يعبده الأسبان هو القديس ماتامورو (Matamoros)، والتي تعني حرفيا (قاتل المسلمين).. ولولا أن نشر الصور المرسومة محرما لنشرت لك صورته يحمل سيفا ويمتطي حصانه الأبيض ويضرب به رقاب المسلمين حوله..
عجبا، ألم يخبرونا أنه دين سلام ومحبة.. معقول كانوا يكذبون؟! .. كانوا يكذبون؟؟ إذن أني آسف 😀

وقد سميت على اسم ماتاموروس هذا عدة مدن في الأمريكيتين.. ووضعوا تمثالا له في مسجد قرطبة (الذي حولوه لكاتدرائية بالطبع).. لا أدري لماذا حاولت أن أتخيل أن يكون عندنا شيخا اسمه (الشيخ علي جمعة ذباح الأقباط) مثلا.. أمر غريب حقا.. تتفق معي؟ ويدل على تعصب علي جمعة.. أليس كذلك ؟! ولكن المسألة ليست عن تعصب فردي لقسيس.. فهناك شعب كامل يعظمه ويتعصب له.. يبنون له تماثيل ويعبدونه ويسمون أبناءهم باسمه ويعتبرونه حاميهم وشفيعهم وقديسهم..

حاولت الحكومة الاسبانية بعد تفجيرات مدريد عام 2004 أن تزيل تمثال القس الذباح هذا لتلطيف الأجواء مع المسلمين ولتخفف من صورتها ذات الطابع الصليبي، ولكن هيهات منهم الذلة، اعترض الشعب الأسباني.. نريد قاتل المسلمين هذا ولا نبغي به بدلا.. فظل مكانه..

آلاف العائلات في أسبانيا وفرنسا وأوروبا بشكل عام تحمل لقب ماتامورو.. ولا شك أن من يحمل اسما يفهم دلالته..

ولا أذكر أين قرأت أن هناك أيضا نوعا عندهم من الخمور، في اسمه لفظة مورو هذه.. خمر داكن اللون وغير مخلوط بالماء، وهو بهذا يشبه المسلم داكن البشرة الذي لم يخضع للتعميد في الماء..

وهكذا كما ترى يعيشون هاجس الصراع مع المورو في طعامهم، وشرابهم، وأسماء قديسيهم، وأسماء مدنهم، وغير ذلك.. لا ينسون أبدا هذا الهاجس.. فلا تنس أيضا أيها المورو..

من كتابات محمد حافظ رحمه الله