كتبت الصديقة الأديبة إيمان بركات Eiman Barakat

ارحموا عزيز قوم ذل
السكوت عن الذل جريمة لا تغتفر .
وأنا أقف مع صديقتي في الدور للحصول على مخصصاتها من الخبز
جاء رجل كبير في العمر وطلب رغيف خبز فقط مادا يده عارضا مبلغ خمسمئة ليرة ( يعني مو ببلاش)
فقال له العامل بفظاظة : ( مامعي فراطة )
بمعنى ابتعد عن وجهي
هنا تراجع الرجل الكبير بكامل فقره وقد كسر قلبه أمام الحشد الكبير من الناس .
طلبت منه صديقتي أن ينتظر وهي ستعطيه
لم يقبل وقال أنا لا أشحذ فأسرعتُ إليه أرجوه أن يبقى وأنني أفعل ذلك دائما ( مع أنني لا أشتري الخبز الأبيض) مقنعة إياه بأن ما طلبه حق شرعي لكل مواطن
لم أستطع أن أصمت أبعدت كل الرجال عن الكوة
وصرخت بصوت امتزج بالحزن والغضب : كيف تردون ذا الحاجة
كيف تردون رجلا بعمر آبائكم ؟
فما كان من أحدهم إلا أن رشقني برغيف وكأنه يقول لي خذيه واذهبي وبلا تفكير رميت الرغيف في وجهه، صارت يدي مضربا والرغيف كرة بيسبول
قلت : كلنا سنعطيه مخصصاتنا اليوم
لاحاجة لنا لرغيف يذلنا
جاء العامل وفي فمه سيجارة وطلب مني الهدوء والصمت
فقلت له : وااااا معتصماه ! لقد ماتت الرجولة .
هذا الرجل لم يعد يستطيع الانتظار فمشى تاركا كل الرجال داعيا لامرأة لم تعرّفه على نفسها سوى بأنها ابنته
ثم حاول العمال بعدها أن يلملموا انهزامهم أمامي ...
أما الرجل الذي أثقلته خطواته ركضت إليه مسرعة أوقفته وقلت : لا عاش من جعل من خبزنا مصدر ذلنا ثم قدمت له صديقتي مخصصاتها فشكرها وراح ...

( حكايا القهر)