منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1

    إضاءة على مجموعة (عندما تصبح الوحدة وطنا).بقلم. محمد فتحي المقداد

    إضاءة على المجموعة القصصية
    (عندما تصبح الوحدة وطنًا) للكاتبة "د. ريمة الخاني". سوريا

    بقلم- محمد فتحي المقداد


    مقدمة:
    الكتابة في الفنّ القصصيّ تحتاج لقدرات يتمتّع بها من يتصدّر الكتابة في هذا اللون الأدبي، الصعب قليلًا. وبرأيي أنّ الصُّعوبة نابعة من إشكاليّة إدارة الفكرة؛ لإخراجها من طابع الحكاية البسيطة المباشرة، المُتناقلة على الألسنة بشكل مُجرّد بعيدٍ عن الخيال الأدبيّ، والصور الفنية، وملاحظة الترابط الزمني، والحيّز المكاني.
    النصّ القصصيّ حكاية لوحة اجتماعية على الأغلب، وربّما سياسيّة، التقطها الكاتب، واشتغل على إعادة انتاجها وفق معايير وقواعد القصة القصيرة، وتبقى مساحة الاختلاف بين كاتب وآخر، فيما يتفاضلون به، وهي ما يمكن الإشارة من خلالها للثقافة المختلفة بين كل منهم، وغنى مخزونه من الخبرات الذاتية والمكتسبة والمتراكمة.
    على ضوء ما تقدّم وباختصار، يمكن وصف تجربة "د. ريمة الخاني" القصصية في مجموعتها التي حملت عنوان "عندما تصبح الوحدة وطنًا": بأنها تجربة ناضجة بما يلبي شروط القص، ونهم القارئ للنهل مما يقرأ للاستفادة، وهذا لا يتأتى إلا بوعي الكاتب بطبيعة ما يكتب، وبما يحمل من فكر ذي أهداف رساليَّة إيجابيَّة، بما تحمل من دلالات، ومعانٍ، وإشارات واضحة أو مضمرة، لما فيه الخير الاجتماعي عمومًا.
    كما أنّ "د. ريمة الخاني" حاذقة بإشاراتها من خلال نصوصها، إلى الزوايا المعتمة في المجتمع؛ فحاولت تسليط الضوء عليها، ومناقشتها بعقلانيَّة المُعلِّم والمُربِّي الحريص على صحَّة وعافية المجتمع، في وقت أصبح تعهير القِيَم والأعراف الاجتماعيَّة والدينيَّة والتربويَّة موضة، يلهث خلفها التافهون الباحثون عن الشُّهرة فقط.



    إشكاليّة العنوان:
    حملت المجموعة عنوانًا لها: "عندما تصبح الوحدة وطنًا"، أربع كلمات شكلت تعبيرا مفيدًا، ابتدأت بظرف زمني بصيغة الشرط (عندما): هذه الكلمة تضع القارئ أمام تنبيه تحذيري؛ فعندما يحدث كذا؛ سيحدث الذي أفظع منه، وهو مل يتعلق بمقدمات الحدث ونتائجه.
    بالانتقال إلى الكلمة الثانية: (تصبح) تتضح فكرة رسالة التحذير في الكلمة السابقة، تمهيدًا للفت الانتباه لشيء كبير وعظيم، يجب الانتباه له وأخذ الموضوع بعين الجديّة والاهتمام، التواني والتهاون حتى ولو كان بالإغماضة عنه طرفة عين، وذلك لخطورته.
    و(الوحدة) مؤكد أنها ليست في وارد معنى الوحدة العربية أبدًا، ولا الوحدة والاجتماع ونبذ الخلاف، وإنما الدلالة السياقيّة من الكلمتين السابقتين، إنَّما هو بمعنى العُزلة والتوحُّد، في ظل ظروف سيِّئة على جميع الأصعدة، ومُتغيِّرات كونيَّة مُتسارعة يصعب اللَّحاق بها أو متابعتها.
    الكلمة الرابعة (وطنًا) وإن تربعت في آخر التعبير، إلا أنها بقيت هي الكلمة المفتاحية لما سبق، وفسّرت الغموض والحيرة المتولدة من قراءة العنوان، في ظل مخرجات الحرب القذرة، والتفسّخ الاجتماعي والقَيمي غير المسبوق، وبذلك فللكلمة منحى تأويليًا في اتجاه العزلة واعتزال الناس مع هكذا ظروف، للمحافظة الى ما تبقى من ذات، أو أنها من حالات التوحد والانكفاء على النفس نتيجة الجحود والنكران من القريب والبعيد. وعنوان المجموعة الرَّئيس هو عنوان لأحد النصوص الداخلية، ولقوة النص الدلالية فقد كان الواجهة الأساسيّة. بعد الإطلالة التأصيلية التي توافر عليها التعبير الأدبيّ، الحادّ الواخز لضمير ونفس المُتلقِّي. فعندما تصبح الوحدة وطنًا، بحدوث الفتنة واعتزالها، والصَّبر على البلوى هو الأصوب والأسلم.
    يسهل علينا وصف العنوان بأنه المنزلة الأولى للمجموعة القصصيَّة، والعتبة الأولى الصالحة للولوج إلى نصوص المجموعة بيسر وسهولة، وللتدليل المنطقي لفهم طبيعة ورسالة النصوص، ولعلي لن أكون مُجانبا للصواب، إذا فهمت ذلك قبل قراءة جميع نصوص المجموعة.

    وصف الكتاب:
    والمجموعة "عندما تصبح الوحدة وطنًا" ذات الطابع الاجتماعي، والسُّلوكيَّات البشريَة بين مِطرقَتيْ الواقع والتربية في زمن الحرب. لوحظ أنَّ نصوص المجموعة كُتبت ما بين أعوام (2013-2020)، أيّ أن انتاجها جاء في زمن الحرب في البلد عمومًا. ومعلوم بما لا يدع مجالًّا للشكِّ، بأن الفقر والخوف وعدم الأمان والاطمئنان سمة من سمات أدب الحرب.
    في زمن الحروب تنقلب الحياة، ولن تكون الحياة طبيعية بكلِّ الأحوال، وسيموت الحب في القلوب، وتتحجر الدُّموع في العيون، فالجزئيَّات الكثيرة تحتاج للدموع، وينابيع الدموع تجفُّ. الفقر والحرب حلالتان متلازمتان لا تفترقان أبدًا. الفقر ثيمة يمكن تتبُّعها بين طيَّات النُّصوص بوضوح تام.
    الخوف مانع من التصريح المُباح، ومع ذلك كان التلميح هو الأبرز في الإشارة لما حلَّ بالبلاد، من قتل ودمار، والموت المجانيّ. والفرار في دروب اللجوء والهجرة سعيًا لبلاد فيها الأمان والطمأنينة، ولقمة هانئة. مع كلِّ ذلك يبقى الوطن المُتخم بالمشاكل والحروب والدمار والفقر والخوف، هو الذي يعيش في دواخل المهاجرين مُرتحلًا معهم أينما حلُّوا في أيٍّ من بقاع الدنيا.
    التساؤلات الكثيرة المُثارة تتنازع العواطف والعقل، لخلق حالة صراع متأجج.. لماذا، ولماذا؟، وتبقى الأسئلة مُشرعة بانفتاحها في ساحات حياتنا عمومًا، مطروحة بقوَّة، لنفاجأ بأنّ جميعها يبقى وسيبقى بلا إجابات حقيقيَّة، ومن الذي يستطيع أن يجيب بصدق وتجرُّد وصراحة..!!؟.

    خاتمة:
    احتوت المجموعة على اثنين وعشرين نصًّا قصصيًا جاءت كفصل أوَّل، وفي فصل ثانٍ مُعرَّف بأنَه: (فصل بالروايات الصغيرة) احتوى أيضًا على نصَّيْن روائيَّيْن قصيريْن. وبذلك جمعت "د. ريمة الخاني" في هذه المجموعة بين فنيْن أدبيّيْن، سطَّرت من خلالها خلاصة رؤيتها الفكريَّة والأدبيَّة، ذات البُعد الإصلاحيِّ، في مقاومة الآثار السيِّئة للحرب الطويلة التي تجاوزت العِقد من حياة السُّوريِّين. بها أوقدت شمعة في ظروف العتمة القاتلة، وبذلك لكي تُحيي قِيَم وآداب المجتمع السُّوري، ووضعت لبنة صالحة ستبقى آثارها لقادم الأجيال. وصرخة مُدوِّية في ضمير المستقبل الحيِّ اليقظ.

    عمَّان – الأردنَ
    ــــا23\ 9\ 2022





    التعديل الأخير تم بواسطة محمد فتحي المقداد ; 09-23-2022 الساعة 10:54 PM

  2. #2
    مفاجأة لطيفة ان خرج للنور آنجاز أدبي جديد في زمن الجفاف والجزر الواقعي.
    أعجبتني الدراسة جدآ. وكأنهم تضعون أيها الأديب الأريب محمد فتحي المقداد،أدب الأستاذة ريمه تحت المجهر..فهي هوية وراية ترفرف في سماء الأدب الرفيع. كل التقدير والاحترام.
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  3. #3
    درايةمائزة أديبنا القدير، وقد وقعت المجموعة بيد خبير مجوهرات أدبية خبير،يعطي كل نص حقه،لكم التقدير والامتنان.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغد قصاب مشاهدة المشاركة
    مفاجأة لطيفة ان خرج للنور آنجاز أدبي جديد في زمن الجفاف والجزر الواقعي.
    أعجبتني الدراسة جدآ. وكأنهم تضعون أيها الأديب الأريب محمد فتحي المقداد،أدب الأستاذة ريمه تحت المجهر..فهي هوية وراية ترفرف في سماء الأدب الرفيع. كل التقدير والاحترام.
    سررت لحضورك العزيز أستاذة رغد ومشرفتنا العزيزة، حقيقةعزمت على نشر كل دراسة تمت عبر مكتبات افتراضية، للفائدة. فلم يعد النشر الورقي يحظى بانتشار عمودي مرضٍ.شكرآ لك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    أستاذة رغد
    بكل الاحترام والتقدير لك
    بلا شك أن الكاتبة ريمة الخاني باع طويل في مجال
    الكتاابات الأدبية وعلى الأخص القصصية، وتابعتها
    منذ بداية2009 على صفحات المنتديات.. فهي علامة
    مضسئة.. ماهرة وخبيرة بما تكتبت.. تحياتي لك

  6. #6
    يسعد أوقاتك سيدة ريمة
    بكل فخر وإعجاب كتبت عن مجموعتك
    والتي تستحق منا كأدباء وكتاب أن نتوقف
    في رحابها.
    تحياتي

  7. #7
    ميساء حلواني
    Guest
    يسعدني أن أمر من هنا وأعلم بجديد صديقتي المجدة،دراسة أضافت إضاءة مركزة ودقيقة،شكرا لكم أديبنا الكبير.
    ويسرني أنها حاولت الاقتراب من أدب الأطفال الجميل الذي أحب، لكن سبحان الله لكل ملعبه.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •