🚐🚎🚍🚌
كتب فادي شعار نص مزيج بين الخاطرة والقصة بعنوان:
🚌🚍🚎🚐
((صديقتي و الحافلة))
أُعرِّفكِ عن نفسي..
معكِ طالب مهذّب مؤدّب..
من الجامعةِ يوماً ما سأتخرَّج...
فليتكِ رفيقتي
وبالحافلةِ صديقتي من موقفٍ لموقف...
*****
تفضلي..
فالسائق الأنيق يرحب بصعودنا...
- ((ليديز فرست)) ...
و قطعنا ((التيكت)) لنقطع الدروب...
وجلسنا على مقعدين متفرقين متقابلين...
لأنّني طالبٌ مهذّبٌ مؤدّبٌ..
*****
وفي أقلِّ من دقيقة..
تغّيرت الحقيقة وغيّرت حالنا
فحال بيننا الصاعدون...
وحال بيننا الطالبون
"الشهادة في سبيل المَقْعَدِ"
وغابت عيونُكِ بين تلال الرؤوس
فأشرق المُرُّ علقماً وسْط المَحْشَرِ..
*****
وبعد انقضاء الدقيقة..
خَلَعَ السائقُ سترتَه الأنيقة...
مزمجراً على المارقين من دفع التذاكر..
وعلى البابين كلاليبٌ للحناجر...
ورضيع يصيح ...
: ((إلى الأمام قليلاً...
فالمخللُ مكبوسٌ معفوسٌ مدعوسٌ..))
*****
قد كنتُ طالباً مهذّباً مؤدّباً...
قبل أنْ تُخلعَ فردةُ حذائي...
وتضيعَ بغطرسةِ الأقدام..
لأغْطُسُ بحثاً عنها بين المقْعَدَين
وعلى أكذوبة "أبريل" ولهيب "أغسطس" أعود فأغْطُسُ
و أَعْطُسُ من تمتمة حكيم :
: ((بيوتٌ قد ضاعت بحربٍ عبثية
اِحْمَدِ اللهَ لم يكن بنطالك قد ضاع
اِحْمَدِ اللهَ أن الفداء جاء بفردة حذاء))

*****
وفجأة أجهضتْ إحداهنَّ ثلاثةَ توائم...
كإجهاض النفط والغاز وخيرات البلادِ...
نزفت كنزف التراث وتاريخ أرضي وعزّة أجدادي...
أجهضت تبكي دون مجيب...
والتوائم والأخوة تهرس بأقدام الزحام...
*****
والسائق يسرع ...يفرمل..
نتمايل تارةً فوق اليمين ، وتارةً تحت الشمال...
وكأنَّنا الفاسدون المتحرِّش بعضنا ببعض...
والصائحة: أخرجي يدَكِ من حقيبتي..
والوجِلُ: أعيدوا لي جوَّالي...
والمخنوق: نفسٌ، نَسْمَةُ هواءٍ من بَرّ الأمان...
*****
اعذريني قد أريد أن أعرِّفك عن نفسي..
وبأنّي سَبُعٌ يهوى صيد الغزلان...
لكني اليوم بالكاد أكون هرّاً
والقطط بالكاد تكون مبهورة ...
فالنخوة منَّا منخورة منحورة..
فاليوم بأوجاع الحيض مغموسٌ
وبآلام الطمث مطموسٌ...
وعلى حضني همٌّ منحوسٌ
وطلاسم أسحار موسومة على الأبدان...
*****
للمرة الأخيرة أبحث بناظريَّ عنكِ
لأعرِّفك عن نفسي
متغافلاً وقوف عجائز على الأقدام...
متجاهلاً حاجة ضرير مرتلٍ للقرآن..
*****
وما وقفتُ إلا للوصولِ دون الوصالِ...
فافسحوا لي...
اِنْزِلوا وأَنْزِلوني ثمَّ اصعدوا ودعوني...
أودِّع الساجدين على جوَّالتهم ...
المتابعين أخبار الواقفين كالأصنام...
ونزلتُ أتصبَّبُ عرقاً..
وقد قـُــدَّ قميصي من قـُبلٍ ومن دُبرٍ
بعد أن طال نزولي
وما طال كثيراً اغتصابي..
*****
وتَدحرجتُ من رحمٍ الباص دحرجةً غير شرعيّة..
خالعاً الفردة الباقية....
رامياً بها رميةً صائبة ...
نافذة إلى النافذة ...
وخجلتُ من نفسي أن أعرِّفك عن نفسي...
أنّي اليوم خرّيج "باص" و "ميكروباصات" بامتياز
ودبلوم معذّبٍ غير مهذّبٍ
وأنّه قد يأتي يومٌ وأقتني حذاءً في موجة الغلاءِ..
ونمشي سويّاً...
دون تذاكر...
معاً نتطهّر تحت حبّات المطر
من رجس الأوثان...