. . . أشكر بحرارة جريدة الوطن السورية على نشرها اليوم الثلاثاء 20 / 9 / 2022 لمقالي عن الأديبة سلمى الحفار الكزبري .
. . . هذا نص المقال مع الرابط لمن يرغب بالاطلاع عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
.................................................. .... سلمى الحفار الكزبري .................................................. ....
................ امرأة من إبداع ، من دمشق إلى العالم رسالة حضارة وأدب ................
. . يزخر تاريخ مجتمعاتنا في القرن العشرين بأسماء شخصيات أدبية نسائية يحق لنا أن نفخر بها الآخرين ونزهو . . . ومن هذه الشخصيات الأديبة الكبيرة سلمى الحفار الكزبري .
. . . اجتمعت في شخصية سلمى الحفار الكزبري ظروف عديدة كانت عاملاً مهما في تنشئتها التنشئة الأدبية الخالصة ، وفي رفد موهبتها الفذة وصقل شخصيتها صقلاً بديعا يلائم أحوال المجتمع آنذاك .

الولادة والنشأة
ــــــــــــــــــــــــ
. . . فقد ولدت سلمى عام 1923 ، وكان أبوها هو الرجل الوطني الأديب المعروف لطفي الحفار ، وقد نفي عام 1926 من قبل سلطات الانتداب الفرنسي ، فعاشت من خلال أبيها ومن خلال أخبار رفاقه المناضلين السياسيين في سورية ولبنان ومصر والعراق تاريخا سياسياً حافلا . . .
. . . كان لطفي الحفار يستقبل وفود الزوار القادمة لزيارته من سوريا ولبنان ، وكان يدرب ابنته سلمى على قراءة القصائد الوطنية لكي تتلوها أمام هذه الوفود لكي تستقبلهم استقبالاً حماسياً بديعا ، وكانت من بين تلك القصائد قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي :
سلام من صبا بردى أرقُّ
ودمعٌ لا يُكفكفُ يا دمشقُ

الكتّاب قبل المدرسة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
. . . عاشت الكزبري في أسرة محافظة ، فقد رفض والدها أن يلحقها بالمدرسة ، فوضعها في الكتَّاب لكي تتمكن من اللغة العربية ؛ فتعلمت قراءة القرآن الكريم والنّطق باللغة العربية الصحيحة .
. . . بعد ذلك دخلت مدرسة ( الراهبات الفرنسيسكان ) ، وأمضت فيها تسع سنوات ، تعلمت خلالها اللغتين الإنكليزية والفرنسية ، ثم بدأت تكتب ولما تتجاوز الثلاثة عشر عاماً .
وقد رفدت موهبتها الفذة مكتبةُ أبيها العامرة بكتب التراث العربي ، فكان لهذه المكتبة فضل كبير في تنمية معارفها وثقافتها .

المقالة الأولى
ــــــــــــــــــــــ
. . . كانت أول مقالة لها بعنوان : ( كيف يجب أن نستفيد من الزمن ) وكانت في هذه المقالة تتمرد على المجتمع ، وتتساءل عن الأسباب التي تجعل النسوة يمضين أوقاتهن وحدهن بعيداً عن الرجال ، بينما الرجال يلهون ويمرحون في المقاهي ، وقد نشرت المقالة في مجلة ( الأحد ) الدمشقية .
. . . ثم كتبت كتاب ( يوميات هالة ) الذي صدر عام 1950 ، وهو كتاب يعكس شخصيتها تماماً ، وقد اطلع عليه أصدقاء والدها وأعمامها ، والشاعر العظيم ( بدوي الجبل ) ، وطلبوا منها المحافظة على الكلام نفسه وعدم تعديل أي جملة أو كلمة في الكتاب ، لأن لغته عفوية ، وهو مما يسمى بالسهل الممتنع .

غزارة في الأدب
ـــــــــــــــــــــــــــ
. . . ثم توالى نشاطها فكتبت في معظم الفنون الأدبية ؛ بين القصة القصيرة والرواية والسيرة والشعر والمقالة والدراسة الأدبية والتحقيق .
. . . لها عدة قصص قصيرة ، منها ( حرمان ) و( زوايا ) ، و( الغريبة ) ، و(حزن الأشجار ) . . . وكتبت عدة روايات ، منها رواية ( عينان من أشبيلية ) ، و( البرتقال المر ) . . . ومن كتبها المشهورة في السيرة كتاب ( نساء متفوقات ) ، و( عنبر ورماد ) .
وقد كتبت شعراً باللغة الفرنسية ، فكان لها ثلاثة دواوين ثلاثة دواوين هي : ( الوردة الوحيدة ) ، و( نفحات الأمس ) ، وديوان ( بوح ) ، فضلاً عن مجموعة شعرية باللغة الإسبانية بعنوان ( عشية الرحيل ) .

أسرتها
ــــــــــــ
. . . تزوجت عام 1941 من ( محمد كرامي ) ، ورزقت منه طفلاً ، لكنها ترملت بعد ولادته ، وتأثرت كثيرا بهذه الفاجعة . . . ثم تزوجت مرة أخرى عام 1948 من الدكتور ( نادر الكزبري ) وأنجبت منه ابنتين ، وكان زوحها أستاذاً في كلية الحقوق بجامعة دمشق وعضواً في مجلس شورى الدولة ، ثم أصبح سفيراً لسورية في كل من الأرجنتين وتشيلي وإسبانيا ، فكانت سلمى الكزبري ترتحل مع زوجها كثيراً فتجوبُ بلداناً كثيرة ، وقد كان من ذلك أنها تعرفت إلى مشاهير الأدباء والشعراء ، ثم تبادلت معهم الرسائل فيما بعد . . . وقد أقامت سلمى فترة في إسبانيا ؛ فكسبت ذلك تعلُّمَها للغة الإسبانية ، وكانت تقدم المحاضرات في مدريد وبرشلونة عن المرأة العربية في التاريخ .
. . . ويذكر أن الكزبري قامت ـــ بالاشتراك مع الدكتور سهيل بديع ـــ بجمع رسائل جبران خليل جبران التي كتبها إلى مي زيادة ونشرتها تحت عنوان ( الشعلة الزرقاء ) ، و( رسائل مي زيادة إلى أعلام عصرها ) .

العمل الإنساني
ــــــــــــــــــــــــ
. . . وفي الجانب الإنساني يبدو أن الكزبري كانت تحمل في نفسها حناناً كبيرا طاغيا ، ولعلَّه كان يقضُّ مضجعَها الأطفالُ اللقطاء الذين لا أهل معلومين لهم ، وقد بلغ من حرصها على هؤلاء أن أسست جمعية ( مبرّة التعليم والمواساة ) عام 1945 ، تلك الجمعية التي كانت تقوم بتربية الأطفال اللقطاء منذ ولادتهم وحتى بلوغهم السابعة من العمر .
. . . هذا الدأب والهمة العالية قد خوَّلا الأديبة الكزبري إلى نيل عدة جوائز ، فنالت وسام ( شريط السيدة ) من إسبانيا سنة 1965 ، ونالت جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي سنة 1995 ، وفازت بجائزة البحر الأبيض المتوسط الأدبية من جامعة بالرمو في صقلية سنة 1980 .
. . . اجتمعت لدى الأديبة الكزبري موهبة فذة مع ظروف مواتية وكسب أدبي كبير فنمت موهبتها وظهرت عبقريتها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ أنس تللو