.
للحريصين على المدارس العالمية والتعجل بتعليم اللغات
▪︎ وأنا أقرأ وردي من القرآن اليوم كدت أقبل كل حرف فيه لفرط تلذذي به، دعوت كثيرا لوالديَّ، فقد كانا سببا لأن أقرأ القرآن وأفهمه وأعيش مع آياته ورسائله.

▪︎ تذكرت تلك المرأة المصرية التي أخبرتني منذ أيام أنها تبذل جهدها لتحصل على استثناء من دراسة اللغة العربية لابنتيها اللتين تدرسان في مدرسة من أعرق المدارس الدولية في مصر، ويستثقلان مادة اللغة العربية.
رغم أن ما يُدَرّس منها قشور، لكنه ثقيل عليهما أيما ثقل!!
أشفقت على البنتين وآلاف غيرهن وربما ملايين ينشأن في بلد عربي مسلم ثم يكبرون ولا يعرفون عن كتاب ربهم ولا عن سيرة نبيهم شيئا.

▪︎ منذ أيام كتب أحد الأصدقاء عن صديقه الياباني الذي قال له:
"ليتك تأخذ لغتي وتقدمي العلمي ومخترعات بلادي وتعطيني ما أستطيع أن أفهم به آية من كتاب الله دون ترجمة".
ليت كل المولعين بتعليم أولادهم اللغة الأجنبية قبل لغتهم العربية يقرءون ذلك.

▪︎ الأستاذ القدير أنور الجندي رحمه الله ألف كتيبا صغيرا لكنه عظيم سماه:
(أخطر ما تواصى به الأجيال: الدين.. اللغة.. التاريخ)
وكأنه رحمه الله ينظر إلى واقع الأمة المرير من وراء حجاب، فمثل هذه المدارس لا تعلم أولادنا دينا، ولا لغة، ولا تاريخا، فحتى التاريخ الذي يدرسونه تاريخ الدولة التي يتعلمون لغتها.

▪︎ لا أدري لم كل هذا النفور من لغة القرآن، ولغة الرسول، ولغة الأمة التي اختارها الله لتنزل وحيه واختتام كتبه؟

▪︎ تقول إحداهن:
"كنت أقرأ القرآن في الحرم المكي، وإذا امرأة أعجمية تقترب مني، وتسمعني وتبكي، ثم اكتشفت أن المسكينة تبكي تأثرا من كتاب الله الذي لا تفهم منه حرفا، وربما ندبا على حالها، وهي المسلمة التي لا تعرف كيف تقرأ كتابها المقدس".

▪︎ زد على ذلك ما يعيشه أولادنا من صراع بين ما يعرفون من ثوابت دينهم من حرام وحلال، وبين ما يعيشونه في هذه البيئات المختلطة والمائعة طوال عام كامل بل أعوام، وغالبا ما ينتهي الصراع لصالح ما يعيشه الولد في المدرسة لا ما يُلَقّنه في البيت!!
فلا ينتهي من دراسته حتى يصبح مائعا ضائعا كالغراب الذي قلد مشية الحمامة، فلا هو أصبح حمامة ولا استطاع أن يعود لمشية الغراب!!
بل إن كثيرا منهم بعد سنوات من هذه المدارس يتحول من ولد كانت فيه سيماء الرجولة رغم صغر سنه إلى ما يشبه البنات نعومة وطراوة لفرط جلوسه بينهن وكلامه معهن، وذهاب الفوارق والحواجز الفطرية بينه وبينهن.
وما أكثر قصص هؤلاء التي مرت علي.

▪︎ سيتعللون لك بلغة المستقبل، ومجالات العمل، وفرص السفر والدراسة، ورقي المدارس، وروعة المناهج، و...و....
فقل لهم: اطمئن على لغة ولدك ودينه وأصالتهما عنده أولا ثم علمه ما شئت... فعندما تتعرض عقيدة أولادنا وأخلاقهم وثوابتهم ولغتهم للضياع فلتذهب كل مدارس الدنيا ولغاتها للجحيم.

▪︎ لي تجربة مع ولدي ، كان العمل يعطيني بدلا للتعليم يدخله أغلى مدرسة دولية، لكنني فضلت لغة دينه وأمته، ثم لما اطمأننت عليها دفعته قبل الجامعة بعام أو عامين لتعلم الإنجليزية فأتقنها، وها هو الآن يدرس بها، فلا هو ضيع لغته ودينه، ولا هو تأخر عن غيره من أهل اللغة التي يدرسونها منذ نعومة أظفارهم على حساب لغة قرآنهم وأمتهم.

▪︎ البعض عنده نفور واشمئزاز من العرب والعربية، وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان، لكن غالبية الأمة تحب دينها وكتابها لكنها تمشي ربما على خطى غيرها دون أن تلتفت لعاقبة أمرها وأمر أولادها.

▪︎ ولهؤلاء أقول:
آية واحدة يحفظها ويفهمها ولدك، أو حديث تحفظه وتفهمه ابنتك، خير لك في آخرتك من كل لغات العالم لو كنت تعلم.
فكيف لو كان المصحف كله، أو السيرة كلها؟!!

▪︎ أدركوا أولادكم قبل أن تضيع لغتهم ودينهم في الدنيا، ويمسكوا بتلابيبكم في الآخرة، فالأمر أكبر من مجرد لغة وحروف، إنه هوية ودين.

✒️د.خالد حمدي
ترتيب الأولويات