كيف يكون حب آل بيت رسول الله صلَ الله عليه وعلى آله وسلم؟!
بعيداً عن الاختلاف في تحديد مَن هم آل بيت رسول الله، سنقصر حديثنا عن الذين شملهم حديث الكِساء، فقد ثبت أنَّ رسولَ اللهِ صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لفاطمةَ: ائتيني بزَوجِكِ وابنَيكِ. فجاءَتْ بهِم، فألْقى عليهم كِساءً فَدَكيًّا، قال: ثمَّ وضَعَ يدَهُ عليهِم، ثمَّ قال: اللَّهمَّ إنَّ هؤلاءِ آلُ محمَّدٍ، فاجعَلْ صَلَواتِكَ وبرَكاتِكَ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ. قالتْ أمُّ سلَمةَ: فرفعْتُ الكِساءَ لأدخُلَ معهم، فجذَبَه من يدي، وقال: إنَّكِ على خَيرٍ.
واضح من الحديث أنه شمل الحسن والحسين وليس أحدهما، وبقية الأحاديث الواردة في ذلك لم تفرق بينهما، ويُفهم منها أن حبهما، والانجياز لهما، والاقتداء بهما وليس بأحدهما هو كمال الحب لآل البيت! وأنه لا يجوز احتكار طائفة من المسلمين حب آل البيت واختزاله فيها فقط وفي الحسين دون الحسن، وتعتبر كل مَن خالفها في ذلك عدو لآل البيت!
علينا أن نعي أن كل من الحسن والحسين مثل منهجاً ونموذجاً إسلامياً متميزاً للأمة للاقتداء بهما، والأمة على مدار تاريخها بحاجة لنموذجيهما لأنهما يكملان بعضهما الآخر، ولا غنى للأمة عنهما:
الحسن نموذجاً في الإيثاروتقديم مصلحة الأمة، وجمع كلمتها وتوحيد صفها على حساب حقه والتنازل عنه، والحسين نموذجاً في التضحية بالمواجهة من أجل تصحيح الخطأ أو الانحراف في مبدأ من مبادئ الدين المعلومة ...
والأمة اليوم بحاجة إلى الاثنان، بحاجة لمن يقتدي بنموذج الحسن ويجمع شمل الأمة ويوحد كلمتها وصفها، في وقت يحاصرها أعدائها من كل جانب، وبلغت من الضعف والفرقة ما لم تبلغه في أي مرحلة من مراحل تاريخها! ومَن يقتدي بنموذج الحسين ويواجه الانحراف الحادث في الأمة في كل شيء، والعمل على تصحيحه وليس افتعال الخلافات وسفك الدماء وتمزيق وحدتها!
فمن يدعي حب آل بيت رسول الله صلَ الله عليه وعلى آله وسلم عليه أن يقتدي بهما معاً، وأن يجمع بين النموذجين ويتخلق بأخلاقهما، ويمارسها عملاً لا قولاً، فآل بيت رسول الله صلَ الله عليه وعلى آله وسلم ليسا بحاجة إلى الزعم بحبهما باللسان وبغضهما بمخالفة منهجيهما ... وأخص بذلك بعض المتعصبين الفلسطينيين للحسين، ولا نسمع منهم إلا جعجعة ولم نرى طحين، ممن يعرفون حقيقة بعض الفصائل التي يدافعون عنها، ويعلمون أي مبلغ بلغ فيها الاختراق الأمني، ونخر فيها الفساد، وكم حدث لديها من الانحراف عملياً تحت ظل شعار ليس له من الحقيقة والواقع نصيب، وحولوها إلى شركات استثمروا فيها المرتزقة ليهتفوا لهم ويطعنوا في شرفاء التنظيم نفسه والوطن، وأضاعوا المقاومة ونهبوا مال الشعب واستثمروه في الخارج، وحصلوا وأسرهم على جنسيات أخرى، ومازالوا يقودون شباب غزة للموت الجزاف ليزيدوا ثرواتهم، وكذلك أخص مَن يدعمونهم بالمال وهم يعلمون حقيقتهم ...
إما أن تثبتوا صدق حبكم لآل بيت رسول الله عملياً، بالجمع بين النموذجين، الدعوة لوحدة الأمة وجمع شملها وكلمتها وصفها، وتواجهوا واقعكم المنحرف كما واجه الحسين واقعه المنحرف، أو نقطونا بسكاتكم واكفونا شر تعصبكم الذي لا يصدقه عمل ...