وبعد هذا الجدل الصاخب في الحجاب، دعونا نقرأ بهدوء مواقف الفقهاء، بعيداً عن التشنج والصيغ الخطابية.

اتفق الفقهاء بدون استثناء أن الحجاب أدب إسلامي كريم ...
واتفقوا أنه ليس من أركان الإسلام والخمسة ولا هو من أركان الإيمان الستة..
واتفق الفقهاء الذين قاموا بإحصاء الكبائر ان ترك الحجاب ليس منها...

واتفقوا أن الأمر بالحجاب قد ورد في الكتاب والسنة
واتفقوا على أنه فرض في الصلاة والحج
وقد وردت الإشارة إليه في القرآن الكريم مرتين: مرة بصيغة المضارع المسبوق بلام الأمر، (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) ومرة بصيغة المضارع المحض (يدنين عليهن من جلابيبهن) وورد مرة ثالثة متروكاً لتقدير المرأة (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)

ثم اختلفوا:
هل الأمر بالحجاب أمر وجوب ام أمر استحباب؟
ونختار أنه أمر استحباب للأسباب التالية:
إن أمر الوجوب والفرض يقترن عادة بالحدود والعقاب أو بالغضب الإلهي والوعيد بالعذاب، وهذا هو شأن الأمر بالوجوب في ترك القتل والخمر والسرقة، وليس في الأمر بالحجاب شيء من ذلك.
إن تعليل الحكم بالخوف على المسلمة من الأذى (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) يجعل تقدير الحجاب في يد المرأة المسلمة، فهي تضعه متى شاءت وتتركه متى شاءت وفق تقدير ما تتعرض له من أذى وضرر.

وهل في القرآن أمر وجوب وأمر استحباب؟
طبعاً هناك 62 أمر صريح في القرآن الكريم يراد به الاستحباب وليس الوجوب، ومنها على سبيل المثال آية المداينة فقد ورد فيها الأمر بكتابة الدين ست مرات متتابعة: إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، وليكتب بينكم كاتب بالعدل، ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله، فليكتب وليملل الذي عليه الحق، ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً او كبيراً إلى أجله، ولا يضار كاتب ولا شهيد، ومع وجود ستة أوامر صريحة بالكتابة اتفق الفقهاء تيسيراً على الناس أن الكتابة مستحبة وليست واجبة وأن الديون تثبت بالبينة ولو لم تكن وثيقة مكتوبة!
ومثل ذلك الأمر بالصيد بعد الحج (فاصطادوا) والأمر بقتل الوزغ والكلب العقور والحدأة، فلا يقال لمن ترك قتلهن إنه عاص وآثم، والأمر بهجر النساء في المضاجع والأمر بضرب النساء (واضربوهن) فلا يقال لمن ترك ضرب المرأة الناشز إنه عاص وآثم وقد أتى باباً من الكبائر!!!
هذه الأدلة وغيرها بسطتها منذ عشرين عاماً في كتابي المراة بين الشريعة والحياة، وكتاب نور يهدي لا قيد يأسر...

أما ما ترويه الواعظات من سلخ جلود النساء بسياط من نار وكيه بالعذاب والسعير والحريق وتعليق النساء من أثدائهن فهذا كله كذب وتخريف وتشويه للدين الحنيف واحتقار للمراة.....

والخلاصة: إن علينا أن نترك أمر الحجاب للمرأة فهو قرارها وحريتها ومسؤوليتها، وأن نشرح لها الحقائق الشرعية، وأن تعلم أن الدين يسر وليس عسراً و أنه رحمة وليس عذاباً،
ورسالتي ان نحترم المحجبة والسافرة، وندعو باحترام إلى الحشمة والعفاف وعدم التبرج، وأن نوسع على الناس في الدين، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولست عليهم بمصيطر وما جعلك الله علهين رقيبا ولا حسيباً ولا شهيداً....

تحميل كتابي المرأة بين قول الله وشرح الشارح
https://ebook.univeyes.com/172611/pd...A7%D8%B1%D8%AD


تحميل كتابي المرأة بين الشريعة والحياة
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%...8%A7%D8%A9-pdf


تحميل كتابي نور يهدي لا قيد يأسر وفيه 60 أمر في القرآن الكريم ورد على سبيل الاستحباب، وفيه 80 حكماً طورها المسلمون بعد رحيل الوحي
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%...8%B3%D8%B1-pdf



ولكن الأولى بالانتقاد والغضب هو فتاوى الت..... (كمل كيف شئت) التي تمتلئ بها كتب الفقهاء عن الإماء، وأن عورتها الفرجان فقط، وأنه لا يحل لها وضع الحجاب بل يجب عليها السفور، وأنها تباع في سوق النخاسة بحيث يقلبها الرجل كيف يشاء، وتعرض للراغبين عارية للتحقق من سلامتها قبل البيع....
مثل هذه الفتاوى المتوحشة هي ما يجب أن نخجل منها ونحاربها، وهي دليل على أن هؤلاء الفقهاء لم يؤمنوا لحظة واحدة بعفاف المجتمع ولا احتشامه ولا كرامة المرأة
اقرأ مثلا: كفاية الأخيار والمقدمة الحضرمية وحاشية ابن عابدين والمنتقى شرح الموطأ والمبدع والإنصاف والممتع... وغيرها كثير