هل بقي شيء على هذه الأرض يستحق الحياة؟!
الكتابة عن الوضع الفلسطيني لم تعد سهلة على النفس ولا يسيرة على القلم في ضوء التردي المتلاحق، الكتابة لم تعد عصفاً ذهنياً وفكرياً بقدر ما هي اعتصاراً لألم القلب، وإرهاقاً للعقل، وتوتيراً للأعصاب، فأمثالنا الكتابة بالنسبة لهم ليست وظيفة ولا حضور ولا ملئ للفراغ أو ... الكتابة واجب وطني وشرعي عند الضرورة والحاجة له، والواجب يعني أن تَصدق مع نفسك في ما تكتب قبل أن تَصدق مع القارئ، لذلك الكتابة اجترار للألم الذي لا ينتهِ ونحن نتابع مهزلة السياسة والسياسيين، وما هي بسياسة ولا هم سياسيين!
لم يَعد لدينا ساسة انتمائهم الأول والأخير للوطن والشعب والأمة وقضيتها المركزية، ساسة يمتلكون أدوات السياسة وخبراتها وملمون بتجاربها، عالمين بتاريخ بلدهم ومحيطه الإقليمي وفضائه العالمي، ويمتلكون قدرات عقلية وفكرية ونفسية تمكنهم من استثمار ما يدور حولهم لصالح قضيتهم، لدينا مجموعة مراهقين مغرورين بجهلهم يقودهم مموليهم بالإيحاء!
لدينا شخصيات حزبية احتكرت أحزابها لنفسها، ورهنت الشعب والوطن والقضية لمصالحها الشخصية وتنميتها، واختارت أقصر وأسهل الطرق والوسائل السياسية لتبقَ هي المسيطرة والمهيمنة على الحزب وعلى الوطن، وحولت كل هزائمها لانتصارات، وكل مَنْ يعارضها تهم الخيانة والعمالة جاهزة لهم!
نحن لم يعد لدينا أهداف، لا استراتيجية ولا تكتيكية، بعد أن أغرق الساسة الوطن في الفساد والسرقات وهجروه للتنعم وراحة البال ويقوده من خارجه! وأهدافنا غدت أهداف أعداء الأمة يتسابق الساسة ويتنافسون على تنفيذها على حساب حقوقنا وأهدافنا الوطنية!
لذلك عن ماذا نكتب؟!
عن انقسام طال زمنه وطال كل شيء فلسطيني وأصابه بالخراب؟! أم عن سلطة فلسطينية نهجها التفاوض مدى الحياة، ومقاومة غدت مرتبطة بالشنطة؟!
أم عن التهدئة التي قايضنا فيها حقنا في المقاومة وتوفير العدو لكل ما نحتاجه بتهدئة مجانية انتهت إلى ضياع الوطن ووحدته السياسية والجغرافية، بين ضفتنا وغزتنا؟!
أم عن مفاوضات المصالحة الماراثونية التي بلغ فيها العدو الصهيوني أقصى أقاصي وطننا وأمتنا اختراقاً وتطبيعاً ونحن بلغنا أقصى أقاصي العداء والكراهية والفرقة تكريساً وتجسيداً!
أم عن صراع سلطتين وحكومتين على كرسي تحت الاحتلال، وكلتاهما تخلتا عن قدس الأمة وأقصاها، وعاصمة الدولة!
عن ماذا نكتب وماذا نترك؟! حياتنا كلها أصبحت مسخرة .. قضايانا كلها أصبحت مهزلة .. كل شيء يقول: أنه لم لدينا شيء على هذه الأرض يستحق العيش! لكن الحقيقة غير ذلك، فلدينا كل شيء على هذه الأرض يستحق الحياة! لدينا وعد الله بالنصر وتدمير العلو والإفساد الإسرائيلي، (وعد الآخرة) الذي اقترب زمنه، وما نراه هو تلك الظلمة الحالكة التي تسبق بزوغ الفجر!
ثقوا بالله وأحسنوا الظن به، اصبروا وارجو الآخرة فهي تستحق كل عنا، لا تيأسوا ولا تقنطوا فالله لا يخلف وعده.