هناك فرق بين السعي في الأرض طلبا للرزق وبين الهجرة!
منذ سنوات راجت كلمات الماغوط عن غباء التضحية من أجل الوطن وعبارات مشابهة لها، كلها تشجع على ترك الوطن والهجرة إلى بلاد الغرب، والبعض يبرر ذلك بنصوص شرعية قرآنا وسنة، دون إدراك لمخاطر ذلك على مستقبل القضية، وأن تلك الدعوات تخدم المشروع الصهيوني الغربي ﻹفراغ فلسطيننا وكل أقطار وطننا من أبناءها، وإضعاف الانتماء للوطن، والتضحية لأجله، وهجرته إلى بلادهم!
ولأن الكلمة أمانة والدين النصيحة والحرص على مصلحة الدين والأمة والوطن واجب شرعي، ننصح الذين ينشرون ذلك بحسن نية:
السعي في طلب الرزق أمر مشروع، ويكون عادة في الظروف الطبيعية وليس اﻻستثنائية، كما هو حال أوطاننا اليوم، وغالبا السعي يكون داخل حدود الوطن واﻷمة، إلا إذا اضطر لأن يسعى خارجهما!
أما الهجرة بسبب الظلم والاستبداد وسوء توزيع الثروة و... في الوطن، بسبب تعسف النظام الحاكم، فذلك ليس سعيا، وإنما هو هروب من القيام بالواجب الشرعي، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن حقوقك وحقوق المستضعفين، تغيير المنكر على قدر استطاعتك ...
والاستدلال بهجرة المسلمون من مكة للحبشة، وما ورد عن النبي صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أن فيها ملكا عادلا لا يظلم عنده أحد! بعد اكتمال الدين وتمام الشرع وفتح مكة، اختلف الأمر:
لا هجرة بعد اليوم ولكن جهاد ونية!
عليك الثبات في وطنك، وإن قدرت على قول كلمة حق وحاولت تغيير الواقع، فذلك خير!
إن لم تستطيع فإن النية هنا واجبة، أن تصبر وثبت وحتسب الأجر عند الله تعالى، وتسأله أن يهيئ الظروف للتغيير!
لا تقول لا أستطيع أو لم أعد أحتمل أو ... ذلك يعني أنك لم تستحضر حكمة اﻻبتﻻء، ورحمة الله بعباده:
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ...
أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الأمثل فاﻷمثل ...
يوم يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب .. مادام أجر الصبر بلا حساب فلا حدود للصبر ...
تذكر قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [يوسف: 110]
الحديث يطول، فإياك التبرير لأمر خطير كهذا على الدين ومصلحة الأمة والوطن بنصوص شرعية في غير محلها!
وإياك والضعف وترك الوطن وإفراغه لصالح المخطط الصهيوني الغربي!
وكل من يضيق على أهله وشعبه ويدفعهم إلى هجر أوطانهم وخاصة بلاد الشام ومركزها فلسطين، نسأل الله أل نكون منهم أو من أنصارهم أو المدافعين عنهم والمبررين لسياساتهم ...