رقية فوزي:------ أول فتاة تبيع الكتب في شارع المتنبي

مهرها من أغرب المهور---

=مهرها المقدم كان عبارة عن 500 كتاب، فيما مؤخرها 1000 اخرى"=في وقت عزف فيه الناس عن القراءة وبعدوا عن الكتاب...

حققت شابة وناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، حلم طفولتها لتصبح اول امرأة تبيع الكتب في شارع المتنبي الشهير ببغداد.

رقية فوزي، البالغة من العمر 22 عاما، والتي تخرجت للتو بشهادة في القانون، تقوم ببيع الكتب في سوق بيع الكتب المفتوح يوم الجمعة الى جانب العشرات من باعة الكتب هناك.
تقول رقية معلقة "كنت احلم منذ طفولتي ان اعمل في مكانين. حلمت بالعمل في محل لبيع الكتب صباحا، ومن ثم في مكتب للمحاماة بعد الظهر".

وتتابع "الحقيقية، لم اتخيل امكانية تحقيق هذا الحلم يوما، إلا انني الآن ابيع الكتب فعلا في شارع المتنبي".

لكن، حينما كشفت رقية عن خطتها لعائلتها، واجهت بعض العراقيل.
تقول رقية "بداية، لم يكن الرفض من جانب عائلتي فقط، وإنما لمست موقف الرفض من جانب كل من تكلمت معه بخصوص فكرة بيع الكتب في شارع المتنبي، حيث قال الجميع انها فكرة غريبة ونصحوني ألاّ انفذها. لكن بعد ذلك، حينما شاهدوني ادخل هذا العالم، بدأوا بتشجيعي فعلا".

يمتلئ شارع المتنبي كل جمعة بباعة الكتب من كل الانواع والأصناف، بما فيها كتب الروايات والأدب والتاريخ والدين والعلم والإصدارات المتعلقة بالتكنولوجيا.

في العادة، يستقطب سوق الكتب كل انواع المشترين والرواد، بمن فيهم الطلاب.

بصرف النظر عن كونها امرأة في عالم يعرف بكونه مخصصا للرجال، إلا ان عددا كبيرا من محبي الكتب والقراء يتقاطرون ويقفون أمام ما تعرضه رقية.

تشعر رقية بالإثارة والحماس لانها تقوم بالعمل الذي تحب، وتقول ان بصرف النظر عن الكتب المثيرة للفضول، فان الناس يبدون ودودين، ان لم يكونوا داعمين لها.
وتضيف قائلة "لم اواجه أية تحرشات من الناس الذين يزورون شارع المتنبي، لكن الناس ينظرون إليَّ بعين الاستغراب والمفاجئة احيانا لانهم غير معتادين على منظر امرأة تبيع الكتب في الشارع".

لا بل على النقيض من ذلك، قالت رقية ان "العديد من الناس شجعوني على ذلك".

من جانب آخر، يقول بعض الزبائن، مثل آسيا، التي كانت تزور الشارع برفقة والدها لشراء بعض الكتب، انها تشعر براحة في التعامل مع انثى تبيع الكتب، وتضيف "من المؤكد ان الافضل والأسهل ان أتعامل مع فتاة. اننا نعيش في مجتمع محافظ نسبيا، ولذلك أن هناك بعض الفتيات يجدن صعوبة بالتعامل مع الرجال. كما ان بعض الفتيات يترددن أصلا في التعامل مع الرجال، لذلك التعامل مع فتاة افضل لهن وأكثر راحة".

من جانبه، يمتدح مدير دار "سطور" للنشر، بلال ستار، شجاعة رقية، التي تعمل عنده. ويقول ستار معلقا "انها قارئة جيدة وتحب هذا العمل. وقد اقترحت علينا العمل مع دار النشر، ورحبت انا صراحة بالفكرة. انها امرأة شجاعة بسبب أن لا امرأة غيرها في شارع المتنبي. كما ان شجاعتها تتمثل في انها اول امرأة أخذت زمام المبادرة في هذا المجال. كما ان رقية لم تقرر مجرد العمل في الدار، وإنما اعلنت بصراحة وشجاعة رغبتها بالوقوف في الشارع".

زوج رقية، الذي يرافقها الى شارع المتنبي كل يوم جمعة، يقول انه انجذب اليها حينما رآها تقرأ كتابا اثناء حملة للقراءة بعنوان "انا عراقي، انا اقرأ"، التي اطلقتها قبل 3 سنوات في بغداد مجموعة من الناشطين بهدف تشجيع العراقيين على القراءة.
وأضاف قائلا "لقد كانت منهمكة بالقراءة تماما حينما رأيتها اثناء المبادرة وأعجبت بها. ثم اصبحنا اصدقاء ومن ثم تزوجنا".

ويشير الى ان "مهرها المقدم كان عبارة عن 500 كتاب، فيما مؤخرها 1000 اخرى"، في حال حصول التفريق.

ويتابع "قبل زواجنا، التقينا هنا في شارع المتنبي وتحادثنا، ومن ثم تزوجنا. انها تحب الكتب وتريد الاستمرار بهذا المجال
".
وأكد زوجها واسمه عباس، وهو عضو في مجموعة المنظمة الخاصة بمبادرة القراءة، "كما انني ادعمها مهما تكن احتياجاتها
".
لطالما كانت قراءة وكتابة ومناقشة الكتب مصدرا للبهجة وتعريفا للسعادة بين الطبقة المثقفة في بغداد، فيما استمرت حياة الاذهان الحية تدور في هذا الفلك منذ اجيال طويلة، هذا الفلك المتمثل في سوق الكتب المفتوح لإي شارع المتنبي التاريخي ببغداد.

وتراجعت سوق الكتب في العراق إلى حد بعيد في ذروة أعمال العنف الطائفية في عامي 2006 و2007، لكنها عادت إلى الازدهار الآن على نحو لم يسبق له مثيل.

وكان شارع المتنبي الذي يحمل اسم الشاعر العباسي الكبير الذي عاش في القرن العاشر الميلادي مركزا للمكتبات والمطابع في بغداد وكانت مقاهيه، على غرار “مقهى الشابندر”، مراكز للإشعاع الثقافي يتلاقى فيها المثقفون. وعادت أيام الجمعة موعدا أسبوعيا لباعة الكتب للالتقاء بزبائنهم في شارع المتنبي.