.............................. اعتراف ..............................
. . . إن أعظمَ تجارةٍ في هذا العالم وأكبرَ استثمارٍ فيه هو تربية الأولاد .
. . . لابدَ لي من أعترف بأني فشلتُ في حياتي في أمورٍ كثيرة ، لكن أكبرَ فشلٍ فشلتُهُ هو فشلي في تربية أولادي ، ولقد نصحني الكثيرون في البدايات أن أغيِّرَ أسلوبي في تربيتهم فلم أكترث لكلامهم .
. . . اليوم تقوم ابنتي الصغرى ذات التسع سنوات والتي كانت آية من أيات الحنان والشفقة والعطف تقوم بحركاتٍ وتتلفظ كلمات تقصد بها إيذائي نفسياً . . . وتجعلني أحياناً أصل إلى أقصى درجات الألم وهي تسخر وتسمر وتضحك .
. . . رحم الله أيامك يا ابنتي ( شهد تللو ) حين كنتِ تبكين إذا قاطعك أبوكِ ولا تتمكنين من عمل أي شيء حتى يرضى عنكِ . . . اليوم تُشيحينَ بوجهك عني ولا يهمك من ذلك شيءٌ أبدا .
. . . أما أنتِ يا ابنتي الكبرى ( خلود تللو ) عشر سنوات . . . ما بالكِ لم تعودي يهمك زعلُ أبيكِ أو رضاه . . . هل نسيتِ أباكِ الذي كان يحملكِ ويرعاكِ ويأخذك مشاوير ممتعة .
. . . لقد حاولتُ معهم بشتى الوسائل التي تنصحني بها أمهم ، ( أكلة طيبة ــ خرجية ــ مشوار ظريف ــ طعام لذيذ . . . ) لكن شيئاً من ذلك لم يفلح أبدا .
. . . لن أعدَّدَ مساوئ بناتي معي ، لأني أدركُ تماماً أن كل سيئةٍ مردُّها إلى تصرف من تصرفاتي معهم + كلمة من كلمات غيري وُجهت إليهم .
. . . صحيحٌ أن أعمارهم تسع سنوات وعشر سنوات . . . ولكن والله يشهدُ على كلامي إن تصرفاتهم السيئة معي لا تصدر إلى عن بنات تفوق أعمارهنَّ العشرين عاماً .
. . . إنني أعترفُ تماماً وأصرِّحُ علناً بأني أصل إلى مرحلةِ البكاء بسبب بناتي ، فأبكي كالطفل الصغير وهم لا يكترثون ولا يلوون على شيء . . . وإن دموعَ الكبار ليست مثل دموعِ الأطفال . . . فأن يبكي رجلٌ عمره فوق الخمسين ليس مثل أن تبكي طفلةٌ عمرها دون العشرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
. . . آه يا زمن . . . صحيحٌ كما يقولون ( الزمن دولاب ) .
. . . لقد كنت عاصياً وعاقاً لأمي . . . إني أعترفُ الآن تماماً . . . نعم أنا كنت أزعجُ أمي كثيرا وكثيراً جدا . . . وكنت أسيئُ إلى أبي غاية الإساءة . . . واليوم ما من موقفٍ يحصل بيني وبين أولادي إلا ويُذكِّرُني بموقف مشابه كان يحصل بيني وأبي أحد أبوَي .
. . . لم يعد هناك مجالٌ للعتاب ولا للإصلاح ، لقد ضاع كلُّ شيء . . . سأدعو لهم بالرحمة والمغفرة والسعادة . . . لن أطلب من الله أن يرسل لهم في المستقبل أولاداً يُبكونهم كما أبكوني .
. . . لقد كبوتُ كما تكبو الجيادُ الأصيلة ، وأحنيتُ هامتي للقدر ، ورضيتُ بما أسمعهُ منهم من كلامٍ نابي ، وبما أراهُ من تصرفاتٍ مزعجة . ولا أقولُ إلا قدَّر الله وما شاء فعل .
. . . لقد كنتُ عاقَّاً لوالدَي فكانت هذه هي النتيجة .
. . . أرجو أمي وأبي أن يصفحا عني علَّ اللهَ يرحمُني ويخففُ عني عقوبتي ويصلحُ لي بناتي .
. . . أرجو لأهلي الرحمة والغفران .
. . . وأرجو لبناتي الهداية والصلاح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
. . . في عام / 2015 / فقدتُ أمي . . . وفي عام / 2021 / فقدتً أبي ، واليوم في عام / 2022 / فقدتُ ابنتي الاثنتين . . . فهما أمامي لكنها ليستا معي إطلاقاً .
. . . الله يسامحكما يا خلود ويا شهد . . . والله يسامح من كان سبباً في ذلك الخسران ومن ساهم فيه سواء عن قصد أو عن غير قصد .
. . . لكني لا أسامح نفسي فقد أخطأتُ كثيراً في شدتي عليهما والقسوة .
. . . لم يبقَ لي سوى ابني شاكر المصاب بالتوحد والذي لا يتكلم .
. . . الله يشفيك يا ولدي ، أنت الوحيد في هذا العالم الذي لم تؤذِني إطلاقاً .