"ذكريات لا مذكرات"
"مصايف دمشق الغربيه"
تمتاز مدينة دمشق ان موقعها قريب من أماكن الاصطياف، والنزهات،، من الغرب والشرق والشمال والجنوب الغربي،
من الغرب، تقع مصايف مضايا، وبقين، والجرجانيه، والانشاءات، و الزبداني، وحاليا ومسك الختام بلودان،،
والتي كلها تبعد عن دمشق حوالي خمسين كيلومتر فقط،،
مضايا التي يتفرع طريقها من سهل الزبداني و كانت مصيف الطبقه الوسطى إجمالا، وخاصه أهل حي الميدان،،
وكانت بالإضافة إلى اطلالاتها على سهل الزبداني الرائع،، فانها في زمن الاقتصاد المغلق ومنع الاستيراد، متنفسا لأهل دمشق لشراء بعض الملابس والأحذيه و الاداوت المنزليه الاجنبيه المهربه من لبنان،
حتى السجاد،،
مضايا أقرب إلى المصايف الشعبيه،، ببساطة بيوتها،،
ومسجدها،، وكان فيها عند مدخلها عين ماء غير غزيره اسمها (عين ميسه) تنبع من الجبل،
بعد مضايا بحوالي كيلومتر تقريبا، توجد بقين وهي قريه كبيره مساحتها صغيره نسبيا، وفيها أبنيه أنيقه معظمها يقع قرب نبع مياه بقين الاشهر في العالم بمياهه الصحيه المدرّه للحصيات الكلويه، وتنظيف المجاري البوليه في الجسم،
وقد تم إكتشاف فائدة هذه المياه لصحة الكلى،، من قبل الصيدلي عبد الوهاب القنواتي، عندما كان في بداية القرن العشرين يذهب مع أصدقاء له إلى نبع بقين بواسطة النقل الحيواني،، ومعه أعتقد أقرباء من آل الخياط،،
حيث لاحظوا عندما يشربون من مياه نبع بقين يكثر إدرار البول لديهم، وعندما ارسل عينة من هذه المياه إلى فرنسا حيث كانت المختبرات هناك متطوره نسبيا في ذلك الزمن،
تبين فائدة هذه المياه لصحة المجاري البوليه،
ويقال أنه تم إطلاق اسم بقين على بلدة النبع لأن، من يشرب (بقين) منها فقط تفيد الجسم، والبق عند العوام هو مقدار ماء يشرب بكفي الإنسان،
والله اعلم،
كان يصطاف في بقين مجموعه من عائلة البعلبكي، من حي الميدان في الجزماتيه،،
بعد بقين يسير الطريق باتجاه نبع الجرجانيه، وهناك كان يوجد مبنى قديم فيه غرف للنوم، ومقهى ومطعم، يطل على سهل الزبداني،،
يمتد الطريق بعدها طلوعاََ، إلى منطقة تدعى الإنشاءات فيها أبنيه متقاربه تطل على سهل الزبداني أيضا،
ثم تأتي منطقة حاليّا وهي كانت منطقة اصطياف للطبقه الميسوره من تجار و رجال الدوله بدمشق حيث يتواجد فيها الفلل الانيقة مثل جبل لبنان، وهي ترتفع حوالي ١٤٠٠ متر عن سطح البحر،
وكانت الفيلا المعروفه هناك تعود للسيد صبري العسلي المحامي المشهور ورجل الدوله الذي تسلم منصب رئيس الوزراء عدة مرات في الخمسينات، ولم يكن له من القدر الزواج فبقي اعزباََ، حتى توفاه الله في السبعينات،
وكانت تقوم على خدمته شقيقته، وهي من السيدات الراقيه في المجتمع الدمشقي،
رحمها الله،
طبعا عاصمة هذه المصايف ومركزها الإداري والتجاري كانت الزبداني وهي معتدلة الطقس ترتفع حوالي الف ومائة متر عن سطح البحر،
كان المحل الشهير فيها لبيع الاجبان والالبان هو محل الحاج أبو إبراهيم الكويفي،، وعائلة الكويفي من العائلات المعروفه في الزبداني والقرى المحيطه بها،
اما بلودان فكانت الأجمل بموقعها، وبهوائها،، العليل البارد صيفاََ خاصه في الليل، لأنها ترتفع
عن سطح البحر بدءا من ١٧٠٠، متر في الساحه الرئيسيه حتى (١٨٨٠)،عند شلالات أبو زاد قرب موقع مطعم مورا الشهير،
فيها فندق بلودان الكبير الذي تم بناؤه في نهاية الثلاثينات في عهد الرئيس تاج الدين الحسني،
ملك للدولة السورية وتم تأجيره للاستثمار سنويا،
وهو يقع على ربوة تطل على سهل الزبداني الخصيب،،باتجاه الغرب،
حول الفندق من الشمال الغربي غابه من أشجار الصنوبر،
ويطل إلى الشمال على ترأس مساحته تتجاوز خمسمائة متر مربع،،كان به مقهى يمتلئ صيفا، بالزوار،،
كان العصر الذهبي لهذا الفندق في الخمسينات عندما إستثمره، توفيق الحبوباتي، صاحب نادي الشرق الشهير بدمشق،
كان توفيق الحبوباتي شخصيه مميزه بادارته للفندق حيث كان على علاقات مع كبار رجال الدوله خاصه في الخمسينات، مثل خالد العظم، وصبري العسلي وكبار تجار وعائلات دمشق،
وقد كان يدعو سنويا الموسيقار محمد عبد الوهاب،، لقضاء ايام في الصيف في فندق بلودان ضيافه على حسابه،
وكان عبدالوهاب يشعر بالسرور جداََ،
وكان يزوره بالفندق كثير من الفنانات والفنانين من مصر مثل نجاة الصغيره، وفريد الأطرش،
زمن ذهب مع رجاله،،
وكما قال الشاعر،
هي الأمور كما شاهدتها دول،،،
من سره زمن ساءته ازمان،،،
أجمل شيء في بلودان كان سهرة في ضوء القمر،،
يظهر أن قمر بلودان يظهر بلون أجمل في سمائها،،
أما سهل الزبداني وقبل جر مياه نبع بردى إلى مدينة دمشق فينطبق على وصفه ما وصف به الشاعر أبو الطيب المتنبي، شعب بوان في فارس قائلاََ،،
مغاني الشعب طيباََ، بالمغاني،،
بمنزلة الربيع من الزمان،،،
ملاعب جنة لو سار بها،،،،
سليمان لسار بترجمان،،،
سقا الله ايام بلودان ومضايا، وبقين، و الزبداني،،
كانت حلما في ليلة صيف،،