عندما جاع الوحش
بقلم: شامل سفر

في عمق تاريخ مراهقتها، ابتسمت له فما رد عليها إلا بابتسامة، كان قلبه في مكان آخر، ومنذ ذلك الوقت بدأت تنمو في داخلها بذرة حقد .. المشكلة أنها كانت مُزارِعة من النوع الممتاز؛ لم تهمل السقايةَ ولا ليومٍ واحد، وإضافةَ السَّمادِ الطبيعي مِن مخلّفات أفكارها، فكبُرت البذرة إلى أن صارت شجرة .. شجرةً ملأتْ أغصانُها المشوّهةُ كلَّ كيانِها، حتى صارت قضيةَ حياتِها ... «سأشوّه سُمْعَتَه»، هذا هو الشعار الذي اتّخذتْهُ لحياتها مَنهجاً وشُغلاً شاغِلاً ..
وإلى جانب عُقدتِها النفسية التي تُلَخَّصُ فيه، كانت تُعاني من مشكلة أكبر .. جَسَدُها .. كل مَن حَوْلَها مِن الشباب آنذاك، لم يكونوا يهتمون بشيء إلا جسدها .. طبيعي .. فلا شيء آخر يستحق شيئاً من الاهتمام .. لا عقل، لا ثقافة، لا لطف، لا حنان، بل كتلة من الحقد تمشي على قدمين .. وحتى الجسد لم يكن على درجة من الجمال؛ فكانوا ـ أي الذكور ـ لا يريدون أي شيء سوى التلقيح .. وهذا طبيعي أيضاً، فعندما تُغَيِّبُ امرأةٌ كلَّ مفردات كيانِها الأخرى، تمدُّ البيولوجيا لسانَها ويدَها، ورِجْلَها أيضاً .. ومن حيث النتيجة، حقدتْ على الكل .. كل الذكور .. لكنها بحثت عن عنوانٍ عام لكتاب حقدها الكبير، فلم تجد أمامها إلا هو .. ذاك الذي قلبه في مكان آخر .. فجمّعَتْ حقدَها في بؤرة واحد .. جمّعَتْها فيه ..
ثم إنها ـ ويا للعَجَب ـ تزوجت! .. لا تستغربوا، فهذا زمن العجائب .. واحدٌ مِن الباحثين عن التلقيح، أسكتَتْهُ مرةً عن حالةٍ شعورية كان يمر بها، أسكتَتْهُ بلفتة تمثيل، فقط كي يسكت، فتوهم أنها تحبه، فظل وراءها إلى أن تزوجته من باب: (أفضلُ الموجودِ خيرٌ من العنوسة) .. ولكم أن تتخيلوا .. لكم أن تفتحوا آفاقَ توقعاتِكم وتتصوروا كيف قامت بتربية أبنائها من الذكور .. فرويد نفسه، ومعه يونغ وآدلر، إذا ظلوا لمدة عشرين سنة يفكرون، وكل واحد منهم يمص غليونه بِنَهَم، لن يصلوا إلى وصف مناسب لِمَا فعلَتْهُ تلك المخلوقة .. لا تسألوني عن بناتها، أرجوكم، فالمصيبة أعظم .. المهم ... شابَتْ، وأنفقت مبالغ طائلة على صبغات الشعر، ومُزيلات رائحة الحقد أيضاً ـ فللحقد رائحة سيئة ـ ولم تتوقف عن الإساءة لسمعة ذلك الرجل الكريم .. سلسلة طويلة من الأكاذيب، والأفلام، والقصص التي لا أصل لها، أو التي لها أصلٌ تمَّ تشويههُ وفبركتهُ بِرَشَّةٍ من بهارات أسلوب القَصِّ الـ (نَساويني) .. تتساءلون طبعاً: لماذا لم تتوقف عن تأليف الأكاذيب، مع أن مدة صلاحية المؤلفة انتهت من بضع سنوات .. الجواب بسيط .. فشجرةُ الحقدِ تحتاج إلى سقاية .. سقاية مستمرة .. عملياً، فالشجرة المذكورة وحشٌ فاتحٌ فمه؛ يريد أن يأكل يومياً 24 على 24 ..
استغربَ الطبيبُ لمّا فحصَ الجثة .. شيءٌ غريب لم يمر على رأسه طيلة سنوات ممارسته مهنته .. حتى في كلية الطب لم يذكر الأساتذة شيئاً عن حالة نادرة مثل هذه ... اضطر في النهاية أن يكتب في تقريره الكلامَ الاعتيادي عن وفاة طبيعية ... لكن الطبيب، بعد أن عاد إلى بيته، وتناول عشاءه ونام .. رأى في المنام وحشاً في داخل تلك المرأة ... جاع الوحش .. طال جوعه .. فمدَّ يده إلى خارج جسدها .. خرجَ من فمها .. أطبقَ على أنفها .. كتمَ أنفاسَها و .. خنقها .. ثم خرج من الجسد الميت .. ودخلَ في جسدِ واحدةٍ من البنات .. وبدأ يأكل .
#Shamel_Safar