لأول مرة أعلم أن ألمانيا اشترت 250 ألف مواطن ألماني من رومانيا..!
اشترتهم كاش، عدًا ونقدًا، بالمعني الحرفي للكلمة.
وذلك خلال الفترة بين 1968-1989..رغم أن أقصي
ارتباط للربع مليون شخص بألمانيا الأم لم يتجاوز
معرفتهم باللغة الألمانية، لكن وجودهم واستقرارهم
كان في رومانيا من 800 سنة في 3 كتل سكانية
وجغرافية هي
Siebenbürgersachsen, Banater
Schwaben, Sathmarer Schwaben..
الأقلية الألمانية في رومانيا تعرضت للاضطهاد بعد
سقوط النازية، تم ترحيل 80 ألف ألماني من
رومانيا، إلي معسكرات السخرة في الاتحاد
السوفيتي، والأغلبية توجهت إلي مصانع مدينة
دنيبروبتروفسك في أوكرانيا حالياً..
الأديبة الرومانية-الألمانية الفائزة بنوبل 2009 هيرتا
موللر، خلدت ذكرى الترحيل القسري الذي طال أبناء
شعبها في روايتها أرجوحة النفس، والدتها كانت من
بين من تعرضوا للترحيل..
ومن تبقي من الأقلية الألمانية في رومانيا لم يسلم
من الاضطهاد والتهجير والحرمان من فرص العمل
والتضييق علي خصوصيته الثقافية..
وضع الأقلية الألمانية في رومانيا كان بائس لدرجة
دفعت ألمانيا الغربية سنة 1954 لتقديم عرض
للرومانيين لاستقبال الألمان، وتخليصهم من
الاضطهاد..
الحكومة الرومانية ردت علي الوفد الألماني في أحد
المؤتمرات الاقتصادية في ستوكهولم، أن ثمن
تخليص الأقلية الألمانية من بؤسها..هو 1000
دولار أميركي علي كل رأس، ولن يُسمح لشخص
واحد بالسفر إلا بعد دفع ثمنه..
سنة 1968 ألمانيا الغربية في عهد فيلي براندت
توصلت لتسوية حقيقية مع الرومان كي تفدي أبناء شعبها..
الألمان شكلوا وفد للتفاوض برئاسة هانز جونتر
هوش، في مقابل الوفد الروماني الذي كان يترأسه
ستيليان أوكتافيان وتوصلوا لصفقة..
الألماني العادي ب 1,700 مارك..
الحرفي المؤهل ب 5000 مارك..
والأكاديمي ب 10 الاف مارك..
الألمان أعطوا العملية اسم Geheimsache Kanal..
وبدأوا في دفع المبالغ المطلوبة بالفعل لفداء الناس..
طريقة الدفع كانت بدائية منعًا لإثارة الشكوك..
هانز هوش يسافر رومانيا كل فترة، بدون جواز سفر
دبلوماسي، معه حقيبة فيها 6,5 مليون مارك، يقابل
المفاوض الروماني، يدفع المبلغ، يستلم كشف من
استردوا حريتهم، يصلوا بعدها إلى بون..
استمرت العملية 22 سنة، حرر فيها الألمان 250 ألف
من مواطنيهم، مقابل مبلغ وصل ل 4 مليار مارك،
ذهبوا لخزينة تشاوشيسكو..
مُدهش ما فعلته دولة كألمانيا لاسترداد حرية أبناءها،
حتى لو كانت صلاتهم الجغرافية انقطعت بالوطن
الأم من 800 سنة..
مُدهش أن يقدر الزعماء حرية وكرامة شعوبهم،
ويبذلوا أقصي ما في وسعهم من تدابير لحمايتهم..
مُدهش أن تدفع دولة 4 مليار مارك لتحرير أبناءها،
ولمدة 22 سنة متواصلة بلا كلل ولا ملل..
مُدهش أن يعرف القادة أهمية رأس المال البشري،
وأنه الثروة الحقيقية للأمم..
الألمان مدهشون بمعنى الكلمة..