الناقد قارئ لقارئ: القراءة، قراءة أي نص هي قراءة لا نهائية، فالناقد حين يقرأ النص الأدبي، يحاول أن يقوم بعملية وساطة بالنص الأدبي ومتلقي النص. فتماما كما أن كاتب النص الأدبي كتبه لقارئ ما، لشخص أو جمهور سيتلقاه في حاضر الأيام أو قادمها، كذلك الناقد وهو يكتب نصا نقديا عن هذا الص الأدبي إنما يوجهه لقارئ مفترض. لمن قراءة هذا الناقد لا تستطيع أن تنير النص من كل جوانبه، وبالتالي فإن القارئ حين يقرأ النص الأدبي والقراءة النقدية التي قدمها له الناقد، ف‘ن هذا القارئ الصاني بدوره سيقدم قراءة خاصة به للنص الأدبي وللنص النقدي الذي قدمه له الناقد الأول، فكل كتابة قرائية ناقدة لنص سوف تصبح بدورها مادة لقراءة تالية. يحيل هذا القول على فكرة إنفتاح المعنى ولا نهائية الدلالة وتعددية القراءة التي ترتكز عليها النظرية التأويلية. لكن هذه التعدد هي تعددية تراكمية أكثر منها تجاوزية فالناقد أو القارئ الثاني يستكمل القراءة الأولى التي يقدمها الناقد الأول بقدر ما يتجاوزها لأنه يضيء النص من جانب جديد ويحيل على معنى جديد أغفلته أو عفلت عنه القراءة التي كانت قبله. إننا في حالة ابداع تسلسلي بحيث يتمم كل قارئ قراءة القارئ السابق عنه في محاولة للوصول بالنص إلى المعنى الكلي وهذه المحاولة طبعا لا تنتهي الى غاية نهائية مهما تراكمت واستمرت إنها تشبه العد مهما استمريت فيه لن تنتهي الاعداد، ومهما استمرينا في القراءة لن تنتهي المعاني الظنية والضمنية للنص، لكن كل قراءة جديدة تنير النص أكثر من جانب أو عدة جوانب من جهة، ومن جهة ثانية فهي كذلك تنير القراءات السابقة عنها اكثر وتكملها.
مالك دزيري