خاطرة ساخرة
كتبها فادي شعار بعنوان
((الراتبُ المنحوس والفَرَزْدَقةُ الجُعْسُوس))
===============
(فَرَزْدَقة) معناها قطعة العجين أو فتات الخبز
(جُعْسُوس) معناها قصيرة ذميمة لئيمة.
المهمّ أيّها المثقّفون:
دخلتُ اليوم لأوَّل مرة البنك، لأستفسر عن راتب الشهر.. فالصرَّاف الآليّ معطـَّل، فقطعتُ تذكرةً كُتِبَ عليها الدّور.. كان دوري قصيراً، لم يكن أمامي سوى سيّدة (فـَرَزْدَقةٍ جُعْسُوس)، تقوم بإيداع عشرات الأكياس، للوهلة الأولى ظننتُها أكياس قمامة، في الحقيقة لو أُخْرِجت زكاة تلك الأموال ما بقيَّ فقير بالمدينة، لكن باعتقاد الفَرَزْدَقة أنّ أكياسها دون النِصَاب، ولا يحول الحول عليها...
لا حسداً يا سادة لكن دوري طال أكثر من ساعة، والعدَّادة تعدُّ للفَرَزْدَقة الجُعْسُوس ،، وتعدُّ وتعدّ، فشعرتُ أنّ يومي قد ذهبَ هدراً:
شعرتُ اليومَ أنّي بألف لون....
وإن تقدّمتْ أميرةُ موناكو
تزعزعتُ قليلاً وانتعش الكون...
وخلف عباءة عدْل النَّاتو...
أدمِّرُ بابل ونينوى..
وأُفسدُ قسطاسَ الفسطاط..
وأسفكُ الدماءَ على رُقُمِ أوغاريت...
و تستبيحُ كوابيسي العالم بكبسة زرّ..
تشرنوبل وديمونا وبوشهر...
مفاعلاتٌ مفاعلن فعلن مستفعلن بالشرّ
أحبّ النوم كأفراد الشعوب...
على خارطة القارات الخمس
أزيح محور الأرض بفعل الحماقات...
في كلّ انقلاب ربيعيّ وفي كلّ شهر...
وأسرقُ من منشر الغسيل
جلبابَ أرملة وفردة جورب...
وأحزُّ سكيني على نازحة..
وأمنع جائعاً أن يلعق تراب المدينة...
و عجوزاً أن ترضع شعاع الشمس
وأدفنُ أضلاع مسنّ بكفن الزمهرير..
وزحار أفكاري تجعل مسكيناً ويتيماً وأسيراً يتغوّطون على ظلال ظلام الظلم..
فأضحك على حيّ الفردوس في مديني
اسم على مسمَّى..
و أين الصالحون في الصالحين
فاسدون نحن فيها قبل المفسدين...
مشاريع و مشاريع ..
و مشروعي في "أجندة" دون طوابع
أقتل، أذبح، ثمّ أجمع تبرّعات أدسّها في الجيب..
إنّي الإنسانيّة والاستبداد معاً..
إنّي أفتك خلخال الغجريّة...
إنّي أحمر شفاه أنافق على شفتي سيّدة "سينيه"
تستقرض نقداً من بنك دوليّ
وتلقي رضيعها في بئر خشية إملاق
وخشية طمس التضاريس الأنثويّة
وانهيار شموخ الثدي وعنفوان الخصر...
و صحوت من حلمٍ و سألتُ فَرَزْدَقتي ،
: من أنتِ ومن أين لكِ هذا؟؟
: مندوبة تمتصّ ما بقي من قوت المتعبين
أجمّعه وأودعه في حسابي
وأعيد سحبه لشراء بيوت المستضعفين بيتاً بيتاً
أرضاً أرضاً، أهتك شرفاً أهتك عرضاً
: جُعْسُوسي ، متى سيأتي دروي لأقبض راتبي...
ضحكت: لن يأتي!!
فأنا القهر قد تمكّنت
أنا الحقد قد استفحلت
أنا مشروع تمدّدي استيطانيّ وقد استوطنت...!!
فتصبح على خير الراتب
منتوفاً من أوّل إلى آخر كلّ شهر...