لقد شكلت لحظة استشهاد الطفل المغربي ريان رحمه الله تعالى و عوض عائلته المكلومة كل خير و احسان ، لحظة فاصلة في الوعي الإنساني المغربي والعالمي ، استطاعت مأساة ريان ان توقظ فينا جميعا روحا إنسانية ظن بعضنا خطأ انها فترت بفعل انتشار الانانيات و غزو الماديات لعقولنا و افئدتنا ، لقد أحيت فينا مأساة ريان الإحساس بالالام الأطفال الاخرين في العالم الذي يكابدون و يستشهدون تحت وابل الاقصاف و الحروب و يؤدون ثمن السياسات الحمقاء الهمجية في العالم، لقد كانت محاولة انقاذ ريان لحظة مفصلية في بزوغ فجر إحساس وطني بإمكانية احياء دولة وطنية صادقة تحمل على عاتقها حماية اطفالها و شعبها ، الدولة المغربية ابلت البلاء الحسن وجندت كل الاطقم الإدارية و التقنية من اجل انقاذ روح بشرية بريئة و هذا لعمري امر إيجابي جدا و استراتيجي في سبيل إقرار دولة المواطنين والمواطنات الذين يخدمون دولتهم و شعبهم بكل تفان وإخلاص و تبذل دولتهم في المقابل اقصى الجهود لتنميتهم و حمايتهم والذود عنهم . تحية تقدير واحترام لملك البلاد جلالة الملك محمد السادس الذي لا يخفى على احد حسه الإنساني الرفيع و حبه العميق الحقيقي لكل أبناء الشعب المغربي . تحية امتنان واعتراف لكل افراد الوقاية المدنية و القوات المساعدة والدرك الملكي والسلطات الإقليمية بكل تشكيلاتها و للساكنة المغربية قاطبة الذين بذلوا كل ما يملكون من اجل انقاذ حياة الطفل ريان ، الذي شاء ربنا ان يأخذه اليه وهو الفعال لما يريد .
مأساة ريان ابانت عن الحس الرفيع و التعاطف الإنساني لعدد كبير من الإعلاميين من داخل المغرب وخارجه مع قضية ريان وقد ناضلوا و استماتوا من اجل إيصال الحقيقة والصورة المعبرة الى بيوتنا والى كل بيوتات العالم ووحدت شعور المغربي والجزائري و المصري و الفرنسي و الأمريكي ... ، تحية الى قنواتنا الوطنية و مواقعنا الاعلامية الكثيرة التي لا استطيع ذكرها كلها لكي لا انسى احداها ، تحية الى قناة الجزيرة والعربية و سكاي نيوز و فرانس 24 والبي بي سي و ...الذين نقلوا الخبر و تابعوه بكل دقة واحترافية و ضمير حي ، تحية خاصة الى كل المدونين و رواد صفحات التواصل الاجتماعي الذي يصنعون الحدث و اثبتوا للعالم قوة وفعالية الاعلام البديل . الى كل هؤلاء تحية تقدير واجلال . لقد كانت قضية رايان مناسبة لاختبار حب الجزائريين لنا نحن المغاربة و قد نجح الاختبار وابانت القضية عن عمق الروابط الأخوية التي تربط الشعبين المغربي و الجزائري رغم كل شجون السياسة و فتنها ، لقد أظهرت قضية ريان حياة الحس الإنساني لدى شعوبنا و هذا امر جد مفرح .
صحيح ان نهاية قصة ريان كانت حزينة مؤثرة ولكنها ايقظت فينا الانسان الذي يسكننا و نفضت بعض الغبار عن بعض انانياتنا لكنها اقحمت في اذهاننا تساؤلات كبرى و انشغالات اكبر ، متى تحمى حقوق الأطفال في بلداننا ؟ الى متى سيؤدي الصغار اثمان أخطاء الكبار ؟ . ان عملا كثيرا مايزال ينتظر عالمنا من اجل ان تحظى طفولته بالعيش الكريم و بالطمأنينة والحقوق الإنسانية ، تقارير المنظمات الحقوقية الدولية ماتزال تعج بمأساة أطفال مناطق متعددة في العالم: في سوريا واليمن وأفغانستان و في مخيمات تندوف... حيث الأطفال يضطهدون ويغتصبون ويستخدمون في حروب الكبار و حسابات الأشرار .
انها مأساة مؤلمة في قضية ريان بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، لكنها مليئة بالامل في ان ينهض الضمير العالمي و تلين القلوب من اجل عمل سريع فعال لانقاذ أطفال العالم من براثن الظلم وغياهب التجهيل والفقر و كل اشكال انتهاكات حقوق الانسان .

انغير بوبكر
المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان-المغرب-