د.ريمه عبد الإله الخاني

دقت الباب..كنت أتوقع مجيئها في أي وقت..لامفاجأة في ذلك، جاءت وفي عينيها غضب دفين ينتظر فرجة للانفجار، وزمجرة مكتومة كبركان يحتاج فتح فوهته للانطلاق...قمت بغلي قهوة الصباح لأسكت ما داخلي من ثرثرة مملة مكررة أجترها وحدي، أفتح لها المجال للتتحدث بحرية، فقد قضيت عمري أتقبل الصدق في أي مكان ولو كان على رقبتي، وبعد مقدمات لاطعم لها ولانكهة بادرت القول:
-ابنك سوف يصيبني بالجنون.
-إنه زوجك على كل حال.
-وتربيتك.
-ننتظر الحدث السعيد لنرى تربيتك، أسعدكم الله.
-نعم سوف أربي خيرا منه
-حسنا بالانتظار
-هذا إن عشتم لوقته
كان بإمكاني صفعها على وجهها الوقح، قليلة التربية ، لكن تذكرت أنها تحملته سنة كاملة من الكسل والحيرة وفقدان القرار..أمسكت بيديه ليقوم بعمل ما ذلك الذي تعود أن يقرر أحد عنه، لم يكن تربيتي بل إخوته الذين دللوه حتى الثمالة،سنة من الصبر والتحمل الإيجابي لشخصية سلبية بكل المقاييس،..وهذا التواكل رزق من الله فقد كنا جميعا كعائلة خلية نحل وكل يجتهد بطريقته، فلت منها ذكر واحد آيل للسقوط..لايستمع للنصائح ولا يتعظ من أخطائه، ولايبادر في حياته الاجتماعية.
-ماذا تريدين مني الآن؟
-أريد حلا.
-لاحل لدي، أنت اخترته بنفسك وعرضته للعمل مع والدك.وابنتي قامت مقامي في المقدمات، ماكنت موجودة حينها كنت مسافرة..مسافرة في ملكوت نفسي.
-لكنك أكملت المراسم
-أعجبك جماله
-كان على خلق لفت نظري
- تقولين الحق الآن
-وماذا بعد.
-لك حرية الحل مادفعتك لشيء ولا نفرتك من شيء.... أنت قائدة المركب على كل حال، وهذا ماواساني..حتى لم أكن أجد نفسي وسطكم وقد تقوقعتم على نفسيكم تثرثرون وحدكم وأنا المتفرجة، فانكفأت ابتعد بصمت لمن لايقدر كبار السن.
-..
-..
-هناك حلقة مفقودة.
-وهي؟
-هو إنسان بلا طموح البتة ولاتوق لعمل جديد ولا تغيير ولاشيء...منفذ جيد إن أعجبه الأمر..لكنه دوما يعاني تذمرا ورفضا لكل شيء وكأنه فيلسوف زمانه..منطقة يخصه وحده وكتنه يرى الحياة في المقلوب !!
فما نراه حسنا يراه مرعبا ومانراه مهما ومفيدا يجد فيه مائة على، هو لايريد التحرك ..إنسان غريب
-ماذا تقصدين؟
-هل قام بعملية استئصال طموح من المخ؟
-هل تسبيني؟
-آسفة لكن شيء لايحتمل. بعد محاولات ومحاولات..كل كتب التربية والمنطق والبرمجيات الفكرية الحديثة فشلت في حل مشكلتنا
-وهل اكتشتفه حديثا؟
-بل توقعت ان أحل تلك المشكلة وحدي...
-لك حرية الحل..أعيديه إلينا إذن..
-سبق السيف العذل فهناك طفل في الطريق...
-انتهت المقابلة
خرجت من الباب كما دخلت منه ..وخرجت من نفسي لنفسي أبكي وحدي.